باءت كل مساعي تأجيل رفع الملف النووي الإيراني إلى الأممالمتحدة بالفشل، وقرر مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية في اجتماع حاسم عقد في فيينا أمس"إبلاغ"مجلس الأمن بت"حال عدم الالتزام الإيرانية"في شكل فوري. وحظي مشروع قرار الإحالة الأوروبي - الأميركي بصيغته المعدلة بتأييد غالبية الدول الأعضاء في المجلس، إذ صوتت 27 دولة من أصل 35 ب"نعم"، فيما امتنعت كل من الجزائر وليبيا وإندونيسيا وجنوب أفريقيا وبيلاروسيا عن التصويت. أما كوباوفنزويلا وسورية، فتمسكت بموقفها المؤيد لطهران لتصوت على القرار ب"لا". وعرض مشروع القرار للتصويت الذي أجري في شكل علني وبالمناداة بناء على طلب من فنزويلا وإثر تعثر أي إمكان للحصول على توافق بالإجماع حوله. وفي وقت اعتبر المندوب الأميركي لدى الوكالة غريغ شولتي حصول القرار على موافقة الغالبية يرسل إشارة واضحة إلى طهران عن مدى القلق الدولي المتزايد حول طبيعة نشاطاتها النووية، قال جواد واعظي رئيس الوفد الإيراني إلى الوكالة إن امتناع بعض الدول عن التصويت"يعكس انقساماً وتبايناً داخل المجلس، الأمر الذي يوضح بأنه لا يشكل قلقاًُ عالمياً كما تدعي بعض الدول". واعتبر واعظي"دوافع سياسية لدى البعض هي المحرك الرئيس إلى تبني مشروع القرار هذا، مضيفاً أن بلاده ستبدأ بعمليات تخصيب اليورانيوم على نطاق واسع، وستوقف التفتيش المفاجئ لمنشآتها النووية من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية طبقاً للمرسوم الذي تبناه مجلس الشورى الإيراني قبل أشهر. وتحفظ واعظي عن التعليق في شكل واضح على موقف بلاده إزاء الاقتراح الروسي القاضي بتخصيب اليورانيوم على الأراضي الروسية، مكتفياً بالقول إن طهران ستعيد النظر في الاقتراح. وفي تصريح أمام الصحافيين على هامش الجلسات، سأل واعظي عن السبب الذي يدفع بلاده إلى تخصيب اليورانيوم في روسيا طالما قررت مباشرة عمليات التخصيب بموجب قرار مجلس الشورى. مجال للديبلوماسية وعلى رغم أن القرار يعطي مهلة شهر قبل أي تحرك للأمم المتحدةپضدإيران، وذلك لمنح الجهود الديبلوماسية مجالاً قبل الاجتماع المقبل للوكالة الدولية في فيينا في مارس آذار المقبل، إلا أنه يفتح الباب واسعاً أمام فرض عقوبات دولية على طهران، بحسب ما أفاد به ديبلوماسي عربي ل"الحياة". ولا يحمل مشروع القرار الحالي في طياته أي إشارة إلى فرض عقوبات محتملة أو اتخاذ إجراءات ضد طهران في الوقت الراهن. ويرجو البند الثاني منه المدير العام إخطار مجلس الأمن بأن مجلس المحافظين يطلب من إيران الالتزام بالخطوات التي يمليها عليها، كما يخطر مجلس محافظي الوكالة مجلس الأمن بجميع قرارات الوكالة وتقاريرها. يذكر أن تعديلات طفيفة أدخلت على النسخة الأصلية التي تقدم بها الأوروبيون بعد مفاوضات طويلة ومعقدة. جهود مصرية وأدرجت في ديباجة مشروع القرار فقرة تعتبر"إيجاد حل للقضية الإيرانية أمراً من شأنه أن يسهم في الجهود العالمية الرامية إلى منع الانتشار وفي تحقيق الهدف المتمثل في إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، بما في ذلك وسائل إيصالها". وأدخل هذا البند بناء على طلب مصري. واعتبر السفير المصري رمزي عز الدين رمزي في تصريح ل"الحياة"إدخال هذه الفقرة يعد نجاحاً"بسبب الإشارة فيه إلى أن إيران ليست وحدها المقصودة، وإذا طبق أي قرار عليها فمن المفترض أن يسري على كل دول الشرق الأوسط بما فيها إسرائيل". وفسر السفير المصري، الذي صوتت بلاده ب"نعم"على الصيغة المعدلة للقرار، بأنه يعد"إبلاغاً"فقط لمجلس الأمن، معبراً عن أمله بأن تعمل طهران خلال الأسابيع المقبلة على حل المسائل العالقة لإعادة الثقة وتجنب أي إجراءات قد تتخذ بحقها مستقبلاً. ورأى مصدر مطلع أن هذه الفقرة هي التي أدت إلى تغيير الموقف المصري من الامتناع إلى القبول، وذلك على رغم ضعف صياغة الفقرة، علماً أن تضمينها في الديباجة لا يعدو أن يكون أمراً شكلياً خلافاً للبنود التي تأتي ضمن الفقرات العاملة. وزاد المصدر أن الدول الأوروبية ومعها أميركا تماشت مع الطلب المصري لضمان صوتها لمصلحة القرار. إسرائيل وأوروبا وعبرت إسرائيل في كلمة لها داخل المجلس عن استيائها ورفضها للربط بينها وبين إيران، معتبرة أن الجدل والجلسة الحالية"تتمحور حول طهران ولا مجال أو داع لخلط الأمور". وأعربت وزارة الخارجية الروسية عن ارتياحها لقرار الوكالة الدولية، لكنها شددت على ضرورة اتباع النهج الديبلوماسي مع طهران. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية ميخائيل كامينين إن روسيا"مرتاحة لقرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية المتعلق بالمشكلة النووية الإيرانية"، مضيفاً أن القرار"يعبر عن تطلع الوكالة الى مواصلة استخدام الوسائل الديبلوماسية مع إيران بهدف إقناعها بالعودة إلى تجميد"برنامجها النووي. ودعا وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي طهران إلى"التعليق الكامل لأنشطتها"النووية، مرحباً برفع الملف الإيراني إلى مجلس الأمن الذي يعكس"حزم"المجتمع الدولي. وأعلنت الهند أنها صوتت تأييداً للمشروع الأوروبي، ودعت وزارة الخارجية الهندية في بيان إلى وجوب"ألا يفسر تصويتنا تأييداً للقرار بأي حال على انه ينتقص من علاقاتنا الوثيقة والودية تقليدياً مع إيران". ومن غير المقرر أن يتخذ مجلس الأمن أجراء في شأن تصويت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الا بعد أن يرفع مديرها العام محمد البرادعي تقريراً حول برنامج إيران النووي في السادس من آذار مارس المقبل.