خلص تحقيق أجرته الأممالمتحدة إلى أن الولاياتالمتحدة ارتكبت أفعالاً ترقى إلى التعذيب في معتقل غوانتانامو، ردّت عليه واشنطن بإدانته، في وقت وضع مشرعون أوروبيون في ستراسبورغ خططاً للتحقيق في قضية السجون السرية التي اتهمت وكالة الاستخبارات المركزية سي آي أي بإدارتها في دول أوروبية، ودرسوا لائحة بأسماء أشخاص ربما يستدعونهم للاستجواب، منهم مدير الوكالة. وذكرت مسودة تقرير الأممالمتحدة أن خمسة خبراء في حقوق الإنسان تابعين للمنظمة حضوا واشنطن على إغلاق سجنها في غوانتانامو، بعدما خلصوا إلى أن عملية التغذية القسرية للسجناء المضربين عن الطعام وبعض أساليب الاستجواب تصل إلى حدّ التعذيب. واتهم التقرير غير النهائي الذي جاء في 38 صفحة الولاياتالمتحدة بتحريف القانون الدولي، عبر حرمان السجناء من حقوق مشروعة، منها عدم السماح لهم باختيار محاميهم وتعيين ضباط تحقيق"يتمتعون بمستوى محدود من المعرفة القانونية". ووضع التقرير بعد تحقيقات استمرت 18 شهراً، أمرت بإجرائها لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، واستند إلى مقابلات أجريت مع سجناء سابقين ومحاميهم وأسرهم، ولم يشمل مقابلات داخل المعتقل. ورفض الفريق التابع للأمم المتحدة دعوة لزيارة القاعدة البحرية الأميركية بعدما منع من مقابلة السجناء. وجاء في التقرير:"على حكومة الولاياتالمتحدة أن تغلق منشآت الاحتجاز في خليج غوانتانامو من دون إبطاء"، مضيفاً أنه ينبغي على الولاياتالمتحدة تقديم جميع السجناء في المعتقل إلى المحاكمة على أرض أميركية أو"إطلاق سراحهم". وتسببت عمليات التغذية القسرية للسجناء المضربين عن الطعام في المعتقل من خلال أنابيب أدخلت من الأنف في آلام شديدة ونزف وقيء. ورأى التقرير أن بعض السجناء الذي نقلوا إلى غوانتانامو قيدوا وربطوا بسلاسل ووضعت أكياس على رؤوسهم وركلوا وجردوا من ملابسهم. وأفاد انه على رغم أن الحد الأقصى المسموح به للحبس الانفرادي هو 30 يوماً، إلا أن بعض المعتقلين أعيدوا إلى الحبس الانفرادي بعد فترات قصيرة للغاية وعاشوا في"شبه عزلة لفترات وصلت إلى 18 شهراً" ومن بين الخبراء الخمسة الذين اعدوا التقرير، دعت واشنطن ثلاثة لزيارة معتقل غوانتانامو العام الماضي، وهم مانفريد نواك المحقق النمسوي المتخصص في قضايا التعذيب، وأسماء جهانكير وهي باكستانية مهتمة بالحرية الدينية، وليلى زيروجوي التي تبحث في قضايا الاعتقال التعسفي. ورفضت الولاياتالمتحدة استقبال العضوين الآخرين باللجنة وهما: الأرجنتيني لياندرو ديسبوي، وهو محقق خاص في قضايا استقلال القضاة والمحامين، وبول هانت وهو نيوزيلندي ومراقب مختص بالصحة العقلية والبدنية. رد واشنطن ودانت الولاياتالمتحدة مسبقاً التقرير، معتبرة أن هذه الوثيقة التي ما زالت مسودة، ترتكز إلى"روايات منقولة"لأن أياً من محققي المنظمة الدولية لم يزر القاعدة. وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية شون ماكورماك:"اطلب من الناس عندما يسمعون معلومات عن هذا التقرير ويطلعون عليه، ان يأخذوا في الاعتبار أن أياً من معديه لم يتوجه إلى غوانتانامو". وزاد:"هؤلاء لم يذهبوا أبداً الى غوانتانامو، وهذه تأكيدات لا تستند إلى أي أساس"، مضيفاً:"دعوناهم إلى زيارة خليج غوانتانامو لكنهم رفضوا دعوتنا". وعبر الناطق عن أسفه لأن مفتشي الأممالمتحدة قرروا مع ذلك، نشر تقريرهم استناداً إلى شهادات معتقلين سابقين ومحامين. خطط أوروبية وفي ستراسبورغ، وضع مشرعون أوروبيون خططاً للتحقيق في قضية السجون السرية التي اتهمت وكالة الاستخبارات المركزية سي آي أي بإدارتها في 25 دولة أوروبية، ودرسوا لائحة بأسماء أشخاص ربما يستدعونهم للاستجواب، من بينهم مدير الوكالة. وشكل البرلمان الأوروبي لجنة موقتة الشهر الماضي، للبحث في تقارير إعلامية عن أن"سي آي أي"نفذت عمليات خطف ورحلات جوية سرية، نقلت فيها سجناء الى مراكز اعتقال تديرها في الخفاء في أوروبا. وفي الاجتماع الثاني للجنة الذي عقد أول من أمس، قال المشرع البارز في البرلمان الأوروبي كلاوديو فافا إن خطوة أولى ستكون سماع أعضاء في المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان والصحف التي أوردت هذه المزاعم. وأثار أعضاء اللجنة آمالاً كبيرة الشهر الماضي، بمطالبتهم بأن يشهد أمامهم وزير الدفاع دونالد رامسفيلد ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس وسلفها كولن باول شخصياً. كما اقترحوا مساءلة مسؤولين من دول أوروبية مثل المانيا وبولندا ومولدوفا وبريطانيا عن صلتهم بالمزاعم. وفي تطور مستقل، بدأ المجلس الأوروبي تحقيقاً خاصاً به. وحض مفوض العدل في الاتحاد الأوروبي فرانكو فراتيني الدول الأعضاء في الاتحاد على الرد على استبيانات يعدها المجلس تسأل عن رحلات طيران مشتبه فيها خاصة ب"سي آي أي"قبل 21 شباط فبراير من السنة الماضية. وسيعقد الاجتماع التالي للجنة البرلمان الأوروبي في 23 شباط الجاري، وسيشارك فيه محلل المجلس الأوروبي ديك مارتي إلى جانب أعضاء في جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان وصحافيون.