لم تصدق التوقعات التي توقعت أن يكون النفط هو الموضوع الأبرز بين موضوعات زيارة الملك السعودي، عبدالله بن عبدالعزيز، الى الهند هذا الأسبوع. فالحق أن النفط اقتسم الصدارة مع موضوعي الإرهاب والعلاقات الإقليمية الاستراتيجية. ومعنى هذا ان الرياضونيودلهي أنجزا تصور أرض مشتركة، بعد جهد بذلاه طوال ما يربى على عقد من الزمن. وحل الملك، وهو ترأس وفداً من 250 عضواً، ضيف شرف على استعراض"يوم الجمهورية"في نيودلهي. وتستعرض الهند في هذه المناسبة قوتها العسكرية وتنوعها الثقافي والاجتماعي والاقتصادي. وتبذل الرياض مجهوداً لكي تشرك نيودلهي في إنماء قطاعاتها الانتاجية. وتتطلع الى السوقين، الهندي والصيني، وهما مستهلكا نفطٍ نهمان، لتقلل اعتمادها على الولاياتالمتحدة. وكان الملك توجه الى بيجينغ قبل أن يزور الهند. وربما كان تفسير ذلك ان نظرة المملكة الى الهند تخطت الإطار الباكستاني التقليدي. وهي أعربت عن مساندتها الجهود الهندية في حل مسألة كشمير، بما فيها ترسم الحدود نهائياً عند الخط الدولي الذي يفصل بين جزءي كشمير، الهنديوالباكستاني، على رغم تحفظ إسلام أباد. وأيد الملك مقترح الهند الحصول على صفة مراقب في منظمة المؤتمر الاسلامي، قبيل زيارته الى نيودلهي. وحمل التأييد باكستان على التجاوب. ويشترط ميثاق المنظمة على الدول المرشحة الى صفة مراقب ألا يكون بينها وبين دولة عضو نزاع وتتنازع الهندوباكستان على كشمير. ويرى المحللون ان القرارات السعودية مدروسة، وتهدف الى انتزاع نيودلهي من دائرة إيران، المنافس النافذ في سوق الطاقة. وكشف المسؤولون ان الذين رافقوا الملك عن تحفظ الرياض عن برنامج طهران النووي. وتتشارك الرياضونيودلهي الموقف نفسه، فيما تواجه الثانية مصاعب وضغوطاً سياسية داخلية تعارض تأييدها مواقف غربية في الموضوع الإيراني. ويقول المحللون ان نيودلهي تحسن روابطها مع الرياض عن سبق تصور وتصميم، في ما يتعلق بمصير علاقتها مع إيران بنظرة واشنطن الى هذه الدولة. ولطالما أقامت الهند علاقات بإيران والعراق تلبية لمتطلباتها من الطاقة. ولكن هجوم إيران الدائم على الغرب، وعزمها على المضي قدماً في برنامجها النووي، والمصاعب العراقية، أخيراً، حملت الهند على تخطي حدود الخليج، والسعي لإقامة علاقات مع الجزيرة العربية. وأقلق تطور العلاقة بين الهند واسرائيل الرياض. فهي تطورت، وتخطت حدود الذريعة الدفاعية. وأولى الملك عبدالله، في الإطار نفسه، موضوع الإرهاب الذي يقلق الدولتين على قدر واحد، اهتماماً كبيراً. ووقع الطرفان مذكرة تفاهم على مكافحة الإرهاب. وتدخل في الاتفاق موضوعات الإرهاب، والجريمة العابرة للحدود، وعمليات التخريب، فضلاً عن طرق محاربة هذه المخاطر. وعلى رغم ذلك، فإن ركن العلاقات الهندية - السعودية هو الأعمال. في ضوء ذلك، وقع البلدان اتفاقيات لتعزيز الأطر المؤسساتية والقانونية لتعاملاتهما التجارية، في ما يتوقع أن يتخطى حجم التبادل التجاري الثنائي 7 بلايين دولار في 2010. ووقعت الشركات العامة والخاصة ست اتفاقيات تعاون مشترك في مجالات الطاقة والخدمات المالية والقطاع الصحي. وتفيد التقارير عن خطط شركة الطاقة العملاقة، شركة النفط والغاز الطبيعي التي تملكها الدولة الهندية، عن ادخال"سعودي أرامكو"، أكبر منتج للنفط في العالم، شريكاً في مشروع مصفاة كاكينادا، في أثار برادش، وتبلغ طاقته على التكرير 7.5 ملايين طن في السنة. ويحكى عن قرار"ريلاينس"، شركة الطاقة الخاصة، الاستثمار في مشروع مصفاة، وفي مصنع بيتروكيماويات في السعودية، تبلغ قيمته 8 بلايين دولار. وتحتل الهند المرتبة الرابعة من الدول التي تصدر اليها السعودية نفطها. عن سيدارت سريفاستافا،"إيجيا تايمز"من هونغ كونغ، 28/1/2006