فيما وجهت دوائر معارضة وحقوقية انتقادات حادة الى الحكومة المصرية على خلفية قانون أقره البرلمان أول من أمس بتأجيل انتخابات المجالس المحلية لمدة سنتين، وهو ما استنكرته الولاياتالمتحدة، قرر المجلس الأعلى للقضاء الذي يرأسه رئيس محكمة النقض المستشار فتحي خليفة الموافقة على الإذن بسؤال اربعة مستشارين أمام النيابة العامة لإدلائهم ببيانات وتصريحات صحافية اعتبرها المجلس إساءة للهيئة القضائية وتشكيكاً في نزاهة بعض اعضائها. والاربعة هم: أحمد مكي ومحمود مكي ومحمود الخضيري وهشام البسطويسي. وكان هؤلاء القضاة تبنوا مواقف معارضة لسلوك الحكومة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وكشفوا وقائع تزوير وقعت فيها، ووجهوا انتقادات الى سلوك الشرطة. كما يقود الاربعة تياراً يطالب بإقرار قانون للسلطة القضائية يضمن فصلها تماماً عن السلطة التنفيذية. من جهة أخرى، أصدرت الكتلة البرلمانية لنواب الإخوان المسلمين في البرلمان بياناً حول موافقة البرلمان على مشروع قانون بمدِّ العمل للمجالس المحلية الحالية لمدة سنتين، أكدت فيه أن المبررات التي طرحتها الحكومة لتمرير القانون"غير منطقية". ورفض البيان قول الحكومة إن التأجيل تم لوجود توجه سياسي لتغيير بعض مواد الدستور، وان من ضمن المواد المزمع تغييرها تلك التي تنظم طريقة تشكيل وصلاحيات المجالس المحلية، وان الحكومة بصدد إعداد قانون جديد لإصلاح المجالس الشعبية المحلية... الأمر الذي يستغرق عامين بزعمهم، وانه ليس من الملائم إجراء انتخابات المجالس الشعبية المحلية العام المقبل"نظراً الى أن انتخابات مجلس الشورى ستُجرى فيه. وكانت الجلسة المسائية للبرلمان مساء أول من أمس شهدت مناقشات ساخنة وعاصفة بين نواب الإخوان والمعارضة والمستقلين من جانب ونواب الوطني والحكومة من جانب آخر حول مشروع قانون لرئيس الجمهورية لمَدِّ فترة المجالس المحلية الحالية عامين من 17 نيسان أبريل المقبل إلى 17 نيسان 2008. وبعد شدٍّ وجذبٍ استطاع الحزب الوطني الحاكم أن يحشد غالبيته لتمرير القانون، على رغم رفض كتابي ل 106 نواب يمثلون الإخوان والمعارضة وعدداً من المستقلين. وجاء في بيان نواب الاخوان:"على رغم تأكيد الإخوان أن ليس في نيتهم خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، إلا أن تأجيل الحكومة لانتخابات المجالس الشعبية المحلية ربما يكون بهدف انتظار هدوء"العاصفة"حيث ان المناخ العام المحلي والدولي يصب في مصلحة الإخوان المسلمين بعد الفوز الكبير الذي حققه الإخوان في مصر وحماس في فلسطين. ففوز الإخوان وحماس أعطى مؤشراً ودليلاً على أنه في حالة اكتساب الشعوب قدراً من الحرية وحدوث إصلاحات سياسية فربما يؤدي ذلك إلى فوز الإسلاميين في الانتخابات البلدية والنيابية التي يخوضونها، فضلاً عن أن المناخ العام الحالي مشحون بالتعاطف مع المنهج الإسلامي جراء إساءة الغرب إلى الإسلام والمسلمين". وأضاف"ان تأجيل انتخابات المجالس الشعبية المحلية يعطل مسيرة الديمقراطية والإصلاح المنشود، اضافة إلى أن الحزب الوطني يستخدم ديكتاتورية الغالبية لتمرير القوانين لخدمة مصالح حزبية ضيقة لا يراعي فيها المصالح العليا للوطن، فضلاً عن أن النتائج السيئة التي حصل عليها الحزب الوطني في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة - والتي لم يحصل فيها على الغالبية إلا بعد ضم عدد كبير من المستقلين - تجعله غير مؤهل لخوض تجربة الانتخابات في الوقت الحالي خوفاً من هزيمة أخرى". وأعرب مركز"سواسية لحقوق الانسان ومناهضة التمييز"عن انزعاجه الشديد من القرار الحكومي بتأجيل الانتخابات المحلية، واعتبر أن اصدار القرار بهذه الطريقة المتعجلة"دليل على ضعف الدور الرقابي والتشريعي للبرلمان وتبعيته للسلطة التنفيذية التي تتقدم بمعظم مشاريع القوانين وهو ما يعني استمرار غياب الفصل والتوازن بين السلطات الثلاث المكونة لنظام الحكم". وفي واشنطن عبرت الولاياتالمتحدة عن استيائها من قرار مصر ارجاء الانتخابات المحلية سنتين. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك"انه موقف مبدئي بالنسبة الينا ونحن لا نؤيد تأجيل انتخابات". واضاف"انها قضية سنناقشها مع الحكومة المصرية". وحذر الناطق من ان عدم احترام مبادىء ديموقراطية ينطوي على مخاطر. وقال"في نهاية الأمر على الحكومات توضيح تصرفاتها لشعوبها". وتابع ماكورماك ان"الرئيس مبارك قطع بعض الوعود اثناء حملته الرئاسية واعتقد ان الشعب المصري سيعتمد عليه وعلى الحكومة المصرية لتنفيذ هذه الوعود". وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى في وزارة الخارجية الاميركية طلب عدم كشف هويته"اذا زرنا مصر في المستقبل سنتحدث في هذا الامر مع مبارك". وأُعلن أمس في واشنطن ان وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ستزور السعودية ومصر الأسبوع المقبل.