قدر مصرفيون سويسريون الاموال العربية في المصارف السويسرية بأكثر من 400 بليون دولار، اي اكثر من 10 في المئة من اجمالي الاموال المتوافرة في هذه المصارف والتي تبلغ 3.7 تريليون دولار. ولكن، على رغم ضخامة المبلغ، فإن المصرفيين لا ينكرون ان حجم الاصول العربية كانت في السابق اكبر من هذا الرقم، وانها تتراجع عاماً بعد آخر. ودعا رئيس مصرف"اي اف جي"جان بيير غونيه في مقابلة مع"الحياة"شارك فيها رئيس المديرين التنفيذيين في المصرف لورينس هويل والرئيس التنفيذي لمنطقة الشرق الاوسط والهند بسام سالم،"المصارف السويسرية الى التحرك بسرعة باتجاه العالم، خصوصاً الاسواق العربية، وإلا فإنها ستخسر كثيراً". وأضاف:"اذا شاءت المصارف السويسرية الحفاظ على موقعها التاريخي في الشرق الاوسط، فعليها ان تتحرك بسرعة وتفتح فروعاً لها هنا"، مشيراً الى ان العالم يتغير بصورة مستمرة، وإن لم نتأقلم مع الجديد فإننا سننتهي". ولفت رئيس المصرف الذي اعتاد زيارة المنطقة العربية منذ السبعينات، الى ان"الاثرياء العرب كانوا يأتون الينا في الماضي لايداع اموالهم في مصارفنا، ونحن الآن نأتي اليهم لادارة اموالهم". وقال:"اذكر انني حين كنت ازور منطقة الخليج في السابق، كان المستثمرون يلتفون حولي للحصول على معلومات استثمارية. اما الآن، فنحن نطلب مساعدتهم لتعريفنا بالادوات الاستثمارية في بلادهم". واشار مسؤولون في المصرف الى ان استراتيجية الاثرياء العرب الاستثمارية تغيرت عن السابق. فبعدما كانوا يتجهون الى تجميد اموالهم على شكل ودائع في المصارف، فانهم يستثمرونها الآن في بلادهم، وفي شراء اصول في الشركات الكبرى حول العالم ويتجهون الى ادوات استثمارية متطورة مثل صناديق التحوط وصناديق التقاعد. ويبدو ان المصارف السويسرية الكبرى التي أسست فروعاً لها في منطقة الخليج غيرت هي الأخرى استراتيجيتها، فبدأت تفّصل للاثرياء العرب ادوات استثمارية من وحي اسواقهم المحلية، وعينت كوادر عربية لمساعدتها في تفهم طبيعة المنطقة ومتطلبات اثريائها. وأكد المدير التنفيذي للمصرف بسام سالم لبناني الاصل، سويسري الجنسية، أن فرع"اي اف جي"في الامارات عين كوادر عربية، ويطور ادوات استثمارية اسلامية وصناديق تحوط تلائم المستثمرين في المنطقة. وتشير احصاءات المصارف السويسرية الى ان الاصول التي تديرها المصارف السويسرية حالياً تعدت 5.8 بليون فرنك سويسري نحو 4 بلايين دولار. وتوقع رئيس المديرين التنفيذيين في المصرف ان اموال الاغنياء العرب التي تديرها مصارف سويسرية Wealth Mangement تبلغ 1.2 بليون دولار. ولاحظ مسؤولون في المصرف ان الودائع العربية في الغرب عموماً تراجعت بعد احداث ايلول سبتمبر في الولاياتالمتحدة خوفاً من احتمالات التجميد والمصادرة تحت ذريعة"تمويل الارهاب وتبييض الاموال"التي حملت شعارها الولاياتالمتحدة وأيدتها غالبية الدول الاوروبية. كذلك شهدت المصارف السويسرية خلال السنوات القليلة الماضية هجرة لأموال اوروبية، على خلفية محاولة الحكومات الاوروبية استرجاع الرساميل التي غادرت في سنوات سابقة بسبب ارتفاع حجم الضرائب على اموال الافراد، وذلك بالاعلان عن عفو عن هذه الاموال، مثلما فعلت ايطالياوالمانيا وأجزاء اخرى من اوروبا. وأشار رئيس"اي اف جي"الى ان البنوك السويسرية بدأت تفتح فروعاً لها ايضاً في المانياوايطاليا لخدمة زبائنها. وقال"ان سويسرا لم تعد تلعب الدور الذي لعبته على مدى سنوات بعد الحرب العالمية الثانية. ان العالم تغير، ويجب ان نتحول الى مصارف عالمية". وأضاف كبير المديرين التنفيذيين في المصرف، ان البنوك السويسرية تتعرض لضغوط كبيرة من الولاياتالمتحدة للكشف عن حسابات زبائنها التي زادت حدتها بعد احداث ايلول سبتمبر. وتزامن هذا مع الضغط من الاتحاد الاوروبي بسبب تخوف دول الاتحاد من هروب رؤوس الاموال في اطار حالة الركود التي يشهدها الاقتصاد العالمي، مشيراً الى حقيقة أن سويسرا لا تفرض ضرائب مرتفعة على الرساميل الخاصة. ورضخ السويسريون لهذه الضغوط على رغم مقاومتهم الشديدة لها، وقال لورينس دي هويل، ان المصارف السويسرية باتت تعطي معلومات عن حسابات الافراد المطلوبين من المجتمع الدولي لتورطهم في تمويل الارهاب وغسل الاموال فقط.