يجدد برنامج "كل يوم كتاب" الذي تبثه قناة "العربية" صيغته مع مطلع العام الجديد وتتولى إعداده منفردة الصحافية ميسلون صقر وتواصل الإعلامية سابين شقير تقديمه على عادتها. هذا البرنامج الفريد الذي يساهم في إنتاجه "الاتحاد الأوروبي" لم تمض على انطلاقه سنة، لكنه استطاع خلالها أن يفرض نفسه على الجمهور، المثقف والعادي، من دون كلفة أو عناء. أربع أو خمس دقائق تبدو كافية جداً للكلام على كتاب صدر حديثاً مع استضافة صاحبه أو شخص آخر، ناقد أو صحافي أو أكاديمي لإضفاء رأيه أو للتعليق على الكتاب والتحدث عنه، مضموناً وأسلوباً ولغة. ولئن بدت هذه الدقائق سريعة وخاطفة فهي غير"متعجلة"لأنها أشبه ب"المختصر المفيد"الذي يضع المشاهد مباشرة أمام الكتاب في ما يضمّ بل وفي ما يتميز به. وقد تكمن أهمية هذا البرنامج في هذا التكثيف الجميل الذي ينقذه من شرك الإطالة والثرثرة الذي تقع فيه بعض البرامج الثقافية. فالتقديم موجز وصائب غالباً لأنه يضع القارئ في جو الكتاب والرأي الذي يلي يتراوح بين الذاتية والموضوعية، سواء كان المتحدث صاحب الكتاب أو ناقداً أو صحافياً. ويبرز في البرنامج أيضاً الإيقاع الذي اعتمدته المعدّة ميسلون صقر والمخرج بيار أبو جودة، وهو إيقاع خالٍ من البطء وقائم على التقطيع الصوري. فالتقديم والشهادات أو كلام المؤلف غالباً ما تتخللها صور معبّرة، ومرافقة لما يُقدّم. كل هذه الأمور تحصل في الدقائق الأربع أو الخمس. ولعل برنامجاً مثل"كل يوم كتاب"يستطيع فعلاً أن يقرّب الكتاب من الجمهور الكبير وأن يحثّ المشاهدين على اقتناء الكتب وعلى القراءة، ويضع المعنيين أو المتخصصين في جو الإصدارات الحديثة. ولا تُقتصر الكتب المقدمة على اللغة العربية بل تتعداها الى لغات أخرى كالفرنسية والإنكليزية. وفي أحيان تقدم كتب أجنبية أصحابها من العرب الذين اختاروا لغات أخرى للتعبير. تتنوع الكتب وتختلف حقولها وميادينها وتتراوح بين السياسة والأدب والتاريخ والفنون والعلوم على اختلافها... وهذا ما يزيد من ثراء البرنامج ويجذب اهتمام المشاهدين. حتى كتب الطبخ والتسلية لا تغيب عن البرنامج، لكنها تقدم في سياق ثقافي لافت. إلا أن الملاحظة التي يمكن تسجيلها هنا هي حول غياب الرأي النقدي في الكتاب الذي يقدّم. وقد لا يكون من مهمة البرنامج التلفزيوني إعلان رأي سلبي في كتاب يُنصح بقراءته. لكن هذا لا يعني أن الكلام عن الكتاب هو تقريظي أو"مدحي"، على رغم مشاركة المؤلف في إبداء رأيه في كتابه. "كل يوم كتاب"برنامج جميل وصادق ومفيد كل الإفادة، وليت شاشاتنا العربية تقدم ما يماثله. إنه أشبه بالوجبة الثقافية اليومية.