مع اجتماع الرئيس جورج بوش وكبار اركان ادارته ومستشاريه السياسيين والعسكريين وكبار القادة العسكريين في مزرعة الرئيس في كروفورد وفي جلسات استشارية خلال عطلة رأس السنة التي بدأت امس، كُشف النقاب ان الرئيس الاميركي الاسبق جيرالد فورد ابلغ الصحافي بوب وودوورد، في حديث حظر نشره حتى وفاته، ان الرئيس بوش وكبار مستشاريه ارتكبوا"خطأ جسيماً"بتبريرهم غزو العراق. وجاء في التقرير، الذي نشر على موقع صحيفة "واشنطن بوست" على الانترنت، ان فورد، الذي توفي عن 93 عاماً، قال انه لم يكن ليدخل الحرب"استنادا الى ما كان معروفا في ذلك الحين". واضاف:"لا أعتقد لو كنت رئيساً، واستنادا الى الحقائق المعلنة أمامي، أنني كنت سآمر بشن حرب على العراق. كنت سأصعد جهودنا من خلال العقوبات ومن خلال القيود وما شابه للوصول الى حل آخر". وقال وودوورد انه في لقاء، على مدى أربع ساعات سجل في تموز يوليو العام 2004، اختلف فورد"بقوة بالغة"مع مبررات غزو العراق التي سوقها مستشارو بوش وقدامى المسؤولين في ادارته. وقال فورد:"دونالد رامسفيلد وديك تشيني والرئيس ارتكبوا خطأ جسيما في تبرير خوض الحرب في العراق. لقد وضعوا التركيز على أسلحة الدمار الشامل. والآن ورغم أنني لم أقل علناً إنهم اخطأوا أشعر بقوة أنه من الخطأ ان يبرروا ما كانوا ينوون فعله". وكان التبرير الاولي للادارة الاميركية لغزو العراق هو أنه يشكل خطرا بامتلاكه أسلحة دمار شامل. ولم يعثر على أي أسلحة. وكتب وودوورد في تقريره ان هذا الحديث المسجل وحديثاً آخر سجل العام 2005 أجريا في اطار مشروع كتاب. وكان الرئيس بوش، الذي ارجأ اعلان استراتيجيته الجديدة في العراق الى مطلع السنة 2007، ترأس امس سلسلة اجتماعات تشاورية حضرها، اضافة الى نائبه ديك تشيني ورئيس مجلس الامن القومي ستيفن هادلي، رئيس هيئة الاركان بيتر بيس في حين تحدث كل من وزير الدفاع روبرت غيتس ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس مع الرئيس مساء الاربعاء عن نتائج تقويمهما للموقف بعد زيارتين الى العراق اخيراً. وقالت"اسوشييتد برس"ان اجتماع كروفورد لن يخرج باعلان خطة التي قد تتأجل الى قبيل افتتاح الكونغرس الجديد في كانون الثاني يناير المقبل. وتركزت مشاورات امس على رسم خطة التعامل مع كونغرس ديموقراطي و"الخطة المستقبلية الجديدة"في العراق. وكان بوش نحى جانباً اقتراحاً من لجنة بيكر - هاملتون بطلب المساعدة من ايران وسورية، المجاورتين للعراق والعدوتين، لتحقيق الاستقرار في العراق وبدلا من التحدث عن خفض حجم القوات الاميركية يقال انه تم البحث الجدي في زيادة موقتة. وقال جوزيف سيرينسيون، محلل الشؤون الخارجية في مركز التقدم الاميركي في واشنطن"ان الرئيس محاصر بين الاعتراف بأن الحرب كانت خطأ وأن سياسته فشلت وبين المضي قدماً على رغم المصاعب". وأضاف:"يبدو أن الرئيس يفضل انهيار الوضع برمته في العراق على أن يعترف بأنه كان مخطئاً". وتوقع أن تبدأ متاعب الرئيس السياسية المحلية اعتباراً من الرابع من كانون الثاني عندما يسلم الحزب الجمهوري، الذي ينتمي اليه، السيطرة على الكونغرس الى الديموقراطيين الذين فازوا في انتخابات التجديد النصفي التي أجريت في السابع من تشرين الثاني نوفمبر فيما نظر له على نطاق واسع على أنه عقاب له بسبب سياسته في العراق. وأقر بوش في ذلك الحين بأن استياء الناخبين من طريقة التعامل مع الحرب ساعد في انزال الهزيمة بحزبه وسرعان ما تخلص من رامسفيلد وهي خطوة طالما سعى اليها الديموقراطيون وبعض الجمهوريين. ويطالب أعضاء رئيسيون في الكونغرس من الحزب الديموقراطي بجدول زمني لسحب القوات وهو ما يرفضه بوش. وكتب جون كيري عضو مجلس الشيوخ من الحزب الديموقراطي في واشنطن بوست يقول"ليس هذا هو الوقت الملائم للعناد كما أنه ليس وقتا ملائما لأنصاف الحلول". وزاد تقرير أصدرته مجموعة دراسة العراق الضغوط التي تسعى لاحداث تغييرات عميقة في سياسة العراق للتعامل مع ما قالت المجموعة انه"وضع خطير ومتدهور". ولم يبد بوش قدرا من التحمس لتوصياتها وقال بعض المعلقين انه ربما يكون من أسباب مقاومته استياؤه من الانتقاد الضمني الذي صدر من ساسة قدامى محنكين من الموالين لعائلة بوش. وبدلا من تبني بوش دعوة المجموعة الى سحب القوات الاميركية القتالية بحلول أوائل العام 2008 فإنه يفكر في اضافة 30 ألف جندي، خصوصاً للمساعدة في تأمين بغداد. وفي حين أن الفكرة نالت تأييد عضو مجلس الشيوخ جون مكين، وهو منافس محتمل في انتخابات الرئاسة التي تجري عام 2008، فإنها تلقى معارضة من منافس آخر يتمنى المشاركة في الانتخابات من الحزب الديموقراطي هو السناتور جوزيف بايدن الرئيس المقبل للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ. وقال بايدن للصحافيين:"لقد سببنا انهيار العراق بالفعل... نحن على وشك التسبب في انهيار جيش الولاياتالمتحدة"، وهو يعتزم تنظيم جلسات ابتداء من التاسع من كانون الثاني للبحث في سياسة بوش في العراق. وقال سكوت ستانزل المتحدث باسم البيت الابيض ان"الرئيس سعى للتأكد من أن كل الخيارات حظيت بما يكفي من بحث". وهناك تكهنات بأن بوش ربما يظهر على شاشات التلفزيون بحلول منتصف الاسبوع المقبل لتحديد جدول الاعمال قبل عودة الكونغرس للانعقاد.