تبارت قطاعات المصارف والاتصالات والعقارات المصرية هذه السنة، في تنافس شديد في ما بينها شهدته الساحة الاقتصادية، من أجل قيادة قطار الأداء الاقتصادي وزيادة حيويته وفعاليته وقدرته على جلب مزيد من الاستثمارات. ولم تتوان القطاعات الثلاثة، التي أبلت بلاءً مميزاً في 2006 عن عزمها المضي قدماً في النهوض ببنيتها التحتية وتنويع مصادر تمويلها من الداخل والخارج. لذا بدأ السباق محموماً في ما بينها في عمليات الدمج والاستحواذ، وجلب الاستثمارات المحلية والأجنبية وفي معدلات النمو والإنجازات. واحتل قطاع المصارف الصدارة وكان بمثابة"الحصان الأسود"في السباق، لا سيما لجهة كمية عمليات الشراء وإعادة الهيكلة التي خاضها بجرأة شديدة، أثارت الإعجاب والجدل الشديد في آن. وكان أبرزها صفقة بيع"بنك الاسكندرية"رابع أكبر مصارف القطاع العام لمصلحة بنك"سان باولو"الايطالي، ب1.6 بليون دولار. الاتصالات وفي المقابل أنجز قطاع الاتصالات شوطاً كبيراً في السباق، محققاً في قفزة واحدة عدداً من الميزات الاستثمارية والإنجازات بقدرته على جذب ما يقارب 3 بلايين دولار لرخصة الخليوي الثالثة، فيما قدر مجمل ما سيتم ضخه من جانب التحالف الإماراتي-المصري الفائز بالصفقة، للانتهاء من البنية التحتية للشبكة الثالثة بما يناهز 22 بليون جنيه 4 بلايين دولار. وينطوي قطاع الاتصالات المصري على آفاق نمو واعدة، مع بلوغ الكثافة الهاتفية لمشتركي الخليوي في مصر نحو 19.6 في المئة، ويتوقع وصولها إلى 22 في المئة في نهاية العام الحالي، فيما تصل الكثافة الهاتفية لمشتركي الهواتف الثابتة حالياً إلى 14.8 في المئة. وتشير الإحصاءات الرسمية لقطاع الاتصالات الى أن عدد الشركات الأجنبية والمحلية العاملة في البلاد بلغ 1530 شركة، وهي توفر ما يزيد على 40 ألف فرصة عمل. فيما بلغ العدد الإجمالي للمشتركين في خدمات الخليوي في أيار مايو الماضي حوالى 14.3 مليون مشترك. ويتوقع أن يصل عدد المشتركين في غضون سنوات إلى 35 مليون مشترك، وأن تستحوذ الشبكة الثالثة الجديدة على حصة من السوق تراوح بين 20 و25 في المئة. أما بالنسبة لخدمات الهاتف الثابتة، فيبلغ عدد خطوطها 12.9 مليون خط، وعدد المشتركين 10.6 مليون مشترك، ويتوقع أن يصل عدد خطوط الهاتف الثابتة إلى 16 مليون خط في السنة المقبلة. العقارات وسار قطاع العقارات بخطى ثابتة للحاق بسائر القطاعات الرائدة، مبرهناً أن هدوءه في السنوات الأخيرة كان"تكتيكياً"وليس لأسباب جوهرية، إذ تمكن من استقطاب مزيد من الاستثمارات والمشاريع، لا سيما من المستثمرين العرب، وبالأخص الإماراتيين الذي ضخوا استثمارات قدرت بما يزيد على بليون جنيه مصري في مشروع"سيدي عبد الرحمن"في الساحل الشمالي، باستثمارات إجمالية تفوق عشرة بلايين جنيه لدى الانتهاء من تنفيذ المشروع الذي تتولاه"إعمار"الإماراتية العملاقة. وتتضمن المرحلة الأولى من المشروع إقامة مشروع عمراني وسياحي وإسكاني متكامل على مساحة 6.2 مليون متر مربع، يشمل 3 آلاف غرفة سياحية إلى جانب مشاريع إسكانية وترفيهية. من ناحية أخرى، شهد العام الحالي دخول مشروع"تلال القاهرة"، الذي بدأته الشركة الإماراتية العملاقة في العام الماضي، في مرحلة متقدمة. إذ ارتفعت معدلات التشغيل في الموقع الذي اختارته"إعمار"في نقطة"المقطم"لإقامة مشروع عقاري ضخم بكلفة إجمالية 14.5 بليون درهم 3.9 بليون دولار. ويضم ملاعب رياضية وفنادق ومطاعم ومقاهي ومدارس وأحواض سباحة ومراكز للعناية الطبية ومجمعات تجارية ومساجد. هكذا يكون دوران عجلة الاستثمارات العربية والأجنبية داخل مصر، جعل عام 2006 يستحق لقب"عام الاستثمارات"بجدارة، في ما تأمل الحكومة المصرية أن يتنامى التدفق الاستثماري إلى مصر ليصل إلى 8 بلايين دولار في 2007.