لا شيء ينافس سوق مسقط للأوراق المالية أكثر من بورصة الأراضي، التي باتت ظاهرة فريدة في المجتمع العُماني، إذ حولت عدداً كبيراً من الشباب إلى سماسرة يجيدون فن البيع والشراء محققين أرباحاً كبيرة. واللافت هو العدد الكبير من السماسرة الذين ينافسون المكاتب العقارية، فيما الغريب في الأمر هو عدد مستحقي العمولة الذي يبدو أكبر بكثير مما توقعه السمسار الذي أنجز العملية في مراحلها الأخيرة. وقد يصل العدد إلى ستة أشخاص يتقاسمون الغلة في مشهد لم تعرفه البلاد قبل سنوات. ودخل المستثمرون الخليجيون إلى سوق العقار العُمانية في شكل واسع، في وقت يتزايد عدد القادمين من دول المجلس إلى السلطنة، بهدف شراء المزيد من الأراضي يحفزهم على ذلك الارتفاع الدائم في أسعارها. ويرون أن هامش الخسارة يبقى أقل بكثير من أخطار الدخول في سوق الأسهم في ظل العواصف المتواصلة التي تهب على البورصات الخليجية. ولم يخل الأمر من حالات نصب تعرض لها عدد من المستثمرين الخليجيين المتلهفين الى عقد صفقات كبيرة، مستفيدين من رخص أسعارها مقارنة بالوضع في بلدانهم. وترددت قصص لم تتأكد رسمياً عن علميات بيع مقابر مسوّرة وأراض عامة لمستثمرين خليجيين، دفعوا عربون الشراء على أمل اكتمال الإجراءات في اليوم التالي. الا أن البحث عن المشترك المطلوب يتعذر في اليوم التالي. ولم يخف هذه الإشكالية سفير عُمان لدى دولة خليجية، لافتاً الى أن هناك"حالات عدة، لكننا نؤكد دائماً لأشقائنا الخليجيين أن ذلك لا يعكس وضعية السوق في السلطنة". وإذ أكد رفض الاحتيال والنصب إلا أنه طلب من الراغبين في الاستثمار في عُمان"الحيطة والتعامل في شكل قانوني، في ما يتعلق بعملية البيع والشراء من دون تصديق أي شخص يأتي اليهم بأوراق منسوخة". وأدت مجموعة من العوامل الى ارتفاع أسعار العقارات في السلطنة، إذ رفعت الزيادة اللافتة في أسعار البناء سوق الإيجارات، فيما وصلت الزيادة في سعر طن الحديد الى 200 في المئة، وينطبق الأمر على سعر الإسمنت في ظل الطفرة العمرانية الكبيرة. وتأتي إشارة وزير التجارة والصناعة مقبول علي سلطان الى توسيع المصانع القائمة، وبناء مصانع جديدة للحديد لتمنح السوق بعض التفاؤل في انخفاض الأسعار. إلا أن مقبول شدد على توافر الإسمنت خلال العام المقبل، وليس على انخفاضه خصوصاً في ضوء الصعوبات التي تواجهها المصانع المستقبلية لتوفير مادة الغاز. وحدا ارتفاع مدخول تأجير العقارات برؤوس الأموال الى الدخول في هذا المضمار لما يشكله من أمان استثماري. أما العامل الثاني الذي أدى الى ارتفاع أسعار العقارات فيتمثل بدخول المستثمرين الخليجيين بقوة الى هذه السوق، تشدهم الصفقات الكبرى التي نفذت سابقاً، على رغم أن عدداً من المراقبين رأوا أن أسعار العقارات مصطنعة وغير حقيقية. إلا أن التيار يمضي بقوة كبيرة، والمزارع المهجورة في صحار على سبيل المثال، تحولت الى أراض ذهبية تدر على أصحابها ملايين الريالات العمانية الريال يساوي دولارين ونصف الدولار تقريباً، والأرض التي كانت لا تجد مشترياً بخمسة آلاف ريال ستعرف كلمة المليون ربع مليون أو نصف مليون أو أكثر من مليون. وجذبت الاستثمارات المنفذة في صحار رؤوس أموال ضخمة، وفاق مجموع رأس المال الذي دخل في مشاريع صحار الكبرى والأخرى المصاحبة لها العشرة بلايين دولار. وينتظر الولاية تطور هائل مع دخول المصانع الى حلبة الانتاج في السنوات الخمس المقبلة.