قرر رئيس الوزراء المغربي إدريس جطو حظر صدور أسبوعية "نيشان" التي نشرت ملفاً عن النكات المتداولة في المجتمع المغربي، اعتبره ناشطون إسلاميون "إساءة إلى الذات الإلهية والعقيدة الإسلامية". وبرر رئيس الحكومة قراره بأن الملف الذي نشرته المجلة"تضمن مساساً بالدين ومشاعر المغاربة"، فيما فتح المدعي العام في مدينة الدار البيضاء تحقيقاً مع ناشر"نيشان"ومحررة فيها، وطلب ملاحقتهما قضائياً. وقالت الحكومة المغربية في بيان مساء أول من أمس إن رئيس الوزراء قرر وقف الأسبوعية"استناداً إلى قانون الصحافة"، مشيرة إلى أن الملف"تضمن مساساً بالدين ومشاعر المغاربة". واستمع الادعاء العام في الدار البيضاء إلى إفادات ناشر"نيشان"الصحافي إدريس كسيكس والصحافية سناء العاجي اللذين قرر متابعتهما قضائياً. وقال محامي الادعاء توفيق ساعف إن المجلة"تجاوزت حرية التعبير ووصلت إلى المساس بالمقدسات من خلال نشر ملف يتضمن إهانات غير مبررة". وكان ناشر"نيشان"أبدى استعداده للاعتذار إلى القراء بعد نشرها ملفاً تضمن نكاتاً عن الدين والجنس والسياسة. غير أن"المجلس العلمي الأعلى"الذي يعتبر أهم مرجعية دينية في البلاد أصدر بيانا استنكر فيه مضمون الملف، ودعا إلى"صون العقيدة إزاء أي محاولات تشويه"، كما عاودت"الرابطة المحمدية للعلماء"هجومها على الصحيفة. واستنكرت في بيان أمس ما نشرته المجلة، واعتبرته"إخلالاً بالالتزام الضمني لاحترام مقدسات المغاربة ومكونات هويتهم". وشددت على"استحالة القبول بالإساءة إلى أمة بأكملها والاستهزاء بمعتقداتها تحت شعار حرية التعبير"الذي اعتبرت أن"له ضوابط في المنظومة الشرعية". إلى ذلك، أعلن وزير الإعلام المغربي نبيل بن عبدالله أن مشروع قانون الصحافة الجديد الذي ينتظر أن يبدأ العمل به العام المقبل، يتضمن"إلغاء غالبية العقوبات السالبة للحرية واعتماد عقوبات بديلة تأديبية ومالية وضمان حق الرد في وسائل الإعلام". وكشف أن مسودة القانون ستعرض على البرلمان خلال أسابيع، وستشمل"تشكيل مجلس وطني للصحافة". وأشار إلى أن"المشاورات مستمرة مع العاملين في الحقل الإعلامي والفعاليات السياسية والحقوقية لإقرار الخطوط العامة للمشروع الذي سيكرس حرية التعبير وفق المعايير الدولية". وهذه المرة الأولى التي تحظر فيها صحيفة مغربية على خلفية جدل ديني. وعزت مصادر رسمية قرار رئيس الوزراء إلى أنه"يريد وقف ترويج المجلة حتى يقول القضاء كلمته". غير أن وكالة"رويترز"نقلت عن منظمة"صحافيين بلا حدود"تأكيدها أن الحظر له"دوافع سياسية". وقالت المنظمة في بيان أمس، إن القرار"مبعثه حسابات انتخابية قبل الاستحقاق التشريعي المقرر العام المقبل الذي يمكن أن يشهد صعوداً قوياً للإسلاميين". وتحسنت أوضاع الصحافة المغربية في السنوات الأخيرة، خصوصاً مع سياسة الانفتاح التي تبناها الملك محمد السادس وسمحت بصدور أكثر من 20 يومية جديدة حزبية ومستقلة. لكن اتساع هامش الحرية دفع صحفاً كثيرة إلى اختبار سقفه في قضايا حساسة مثل مؤسسات النظام الملكي والجيش وتطورات نزاع الصحراء وإشكالات الدين والجنس.