أثمرت وساطة المفوض الأوروبي للتنمية والمساعدات لوي ميشال بين الأفرقاء الصوماليين، إذ وافقت الحكومة الانتقالية وخصومها في "المحاكم الإسلامية" على استئناف مفاوضات السلام المتعثرة، على رغم وقوع معارك عنيفة بين مقاتلي الطرفين في محيط مدينة بيداوة، آخر معاقل السلطات الانتقالية الضعيفة. وبدأت المعارك بعد انتهاء المهلة التي حددتها"المحاكم"لمغادرة القوات الإثيوبية المنتشرة في الصومال لدعم الحكومة، قبل شن"حرب واسعة". واندلع القتال بين الجانبين في منطقتين على بعد 70 و15 كيلومتراً من بيداوة، حيث كان المفوض الأوروبي يجري محادثات مع مسؤولي الحكومة. وتبادلت القوات الحكومية والإسلاميين إطلاق قذائف المورتر أمس بعد معركة بالنيران في وقت متقدم من مساء الثلثاء بين وحدات الاستطلاع. وتزامنت الاشتباكات مع زيارة ميشال الذي أجرى محادثات مع الرئيس الصومالي عبدالله يوسف ورئيس الوزراء علي محمد جدي في مسعى لإقناعهما بالعودة إلى المفاوضات، قبل أن يتوجه إلى مقديشو للقاء زعيم"المحاكم"الشيخ حسن ضاهر عويس ومساعده شريف شيخ أحمد. وقال ناطق باسم المسؤول الأوروبي في نيروبي إنه"يريد أن يتعرف على النيات، ويسأل الجانبين عن نياتهما". وأكد ميشال عقب لقائه زعيم الإسلاميين أن الطرفين وافقا على حضور جولة رابعة من محادثات السلام التي تتوسط فيها الجامعة العربية في الخرطوم. وقال:"قبلوا اقتراحنا... إنها انفراجة". وأضاف:"أنا سعيد جداً بقبول المحاكم الإسلامية الانخراط في حوار سياسي مع الحكومة الانتقالية". لكنه لم يحدد موعداً لهذه المحادثات. وهوّن عويس من شأن الاشتباكات. وقال إن الحرب في الصومال لم تبدأ، كما وافق على حضور محادثات مع الحكومة. وقال عويس للصحافيين والمفوض الأوروبي في مقديشو:"الحرب لم تبدأ. هذا حادث صغير بين المحاكم الإسلامية والقوات الإثيوبية. لم يكن بيننا وبين الحكومة". وأعلنت الحكومة أن أحد أفراد قواتها قُتل بقذيفة، واثنين اخرين جُرحا. وقال نائب وزير الدفاع صلاد علي جيلي:"هاجمنا الإسلاميون مساء الثلثاء واشتبك فريق استطلاع من الحكومة مع المحاكم الإسلامية. لكن في الصباح تبادلت القوات البرية من الجانبين إطلاق قذائف المورتر من على بعد". وأضاف:"كان هدفهم بث الرعب وإفساد السلام قبيل زيارة فريق الاتحاد الأوروبي لمحاولة المصالحة بيننا". وأكد جيلي أن أبو طه السوداني المشتبه بمشاركته في الاعتداءات التي نفذها تنظيم"القاعدة"ضد سفارتي الولاياتالمتحدة في كينيا وتنزانيا، كان يقود مقاتلي"المحاكم"قرب قرية إيدال التي شهدت أعنف المعارك أمس. وقال إن"السوداني إرهابي معروف، وهو أحد مسؤولي الميليشيات الإسلامية". وأضاف أنه"كان يقود الميليشيا التي هاجمتنا مساء الثلثاء". وأكد مسؤول آخر في الحكومة اندلاع المعارك على أكثر من جبهة في منطقة بيداوة. وقال إبراهيم باتاري في اتصال هاتفي من دينوناي التي تبعد بضعة كيلومترات من مقر الحكومة:"هناك قصف في كل مكان تقاتل فيه قواتنا الإسلاميين. إنه الجحيم هنا. نخوض معارك عنيفة أظن أنها ستوقع ضحايا كثيرين". وذكر آخر أن عشرات الجنود الاثيوبيين في 13 شاحنة توجهوا من بيداوة إلى ساحة المعركة. وأضاف:"هذه هي المعركة التي كنا ننتظرها". وأرسلت"المحاكم"تعزيزات من مقديشو إلى الجبهة. وقال القائد العسكري للإسلاميين في جنوبالصومال محمد إبراهيم بلال:"يمكنني أن اؤكد أن معارك عنيفة اندلعت على جبهات عدة قرب مدينة مود مود"التي تسيطر عليها"المحاكم". وأكد مصدر عسكري إسلامي آخر أن القتال مستعر. وقال:"قتل فردان من قواتنا. الجانبان يستخدمان الأسلحة الثقيلة". وأعلنت الحكومة مقتل ما لا يقل عن 12 شخصاً، هم اثنان من قواتها و10 من الإسلاميين، في المعارك التي جرت ليل أول من أمس. وكانت"المحاكم"أكدت أنها أوشكت على الانتهاء من استعداداتها لشن حرب على القوات الإثيوبية. وردت أديس أبابا مؤكدة أنها لن ترضخ لتهديدات الإسلاميين الذين وسعوا أخيراً سيطرتهم العسكرية في محيط بيداوة. وقال أمس الناطق باسم وزارة الإعلام الإثيوبية زيميدون تيكيلي إنه ليس لديه علم بالقتال الجديد. لكنه أضاف:"إذا هوجم المدربون العسكريون الإثيوبيون الذين يقدرون ببضع مئات، فإن لهم الحق في الدفاع عن أنفسهم".