يقف الفنان سعيد صالح منذ سنوات على خشبة مسرح الدولة، ليقدم يومياً مسرحيته "قاعدين ليه؟"، المسرحية نقدية تتعرض للقضايا الساخنة. ويبدو أن الفنان قرر أن المسرح، الذى بدأ حياته الفنية على خشبته، هو المكان المناسب لمكانته الفنية، بعد أن "وقعت السينما تحت ضغط الفضائيات وخضعت لشروطها". ونفى سعيد صالح التهام أجور النجوم الكبار موازنات مسرح الدولة بدعوى أن أسعار التذاكر لا تتناسب مع ما يدفع للنجوم، وقال:"نحن نحصل من الدولة على عشر ما كنا نحصل عليه من المسرح الخاص، فكيف تلتهم أجورنا الموازنات؟". ورأى ان الاختلال بين ما يُدفع وما يتم تحصيله من التذاكر، سببه أن هناك مسرحيات كثيرة يتم انتاجها بلا داعٍ ولا تحقق أي نجاح، لكن الحقيقة أن عودة النجوم لمسرح الدولة حققت نهضة مسرحية جيدة في الفترة الأخيرة. فرواية"قاعدين ليه؟"مثلاً، التي نقدمها بنجاح منذ سنوات، تحقق ايرادات ممتازة طوال المواسم التي تعرض فيها، وأنا قررت أن أخوض هذه التجربة بأسعار رمزية حتى أعيد للمسرح جمهوره الذى هجره بسبب ارتفاع أسعار تذاكر المسرح الخاص، الأمر الذى نشأ عنه أزمة حقيقية تسببت في انهيار هذا المسرح في السنوات الأخيرة. وعن مسرح الدولة قال: ما شجعني على العمل فيه هو رخص أسعار بطاقات الدخول في شكل أساسي، وأنا أوجه دعوة لكل النجوم الكبار لكي يتضامنوا مع مسرح الدولة، ويقبلوا الأجور الرمزية حتى يستعيد مسرح الدولة مكانته. وحول ما إذا كان عمله في مسرح الدولة حقق نتائج طيبة، أجاب:"هناك ثمار جيدة بالفعل، بدليل أن العمل المسرحي الذي أقدمه منذ ثلاث سنوات حقق إيرادات عالية حتى اليوم". وعن رأيه في إعادة عرض بعض المسرحيات الناجحة التي شارك فيها، مثل"الناس اللي في الثالث"و"الملك لير"و"أهلاً يا بكوات"وغيرها، أكد أنه شيء جيد أن يعاد تقديم العروض المتميزة،"لكنني أرى أن الأهم هو تقديم عروض جديدة تحترم عقول الناس وتمتّعهم في الوقت نفسه، لأن المسرح متعة وإفادة في آن، فلا يصح أن أقدم للناس عروضاً تتعالى عليهم، فذلك من شأنه أن يبعدهم عن المسرح بدل ان يقربهم... وهذا ما حدث في فترة سابقة، وتسبب في ابتعاد الجمهور عن مسرح الدولة، قبل ان تعيده العروض الجيدة. وعما إذا كان عمله في المسرح أبعده عن السينما والتلفزيون، قال:"لا أحب العمل في مجال التلفزيون كثيراً. وهذا لا يمنع طبعاً ان أعمل على مشاريع تلفزيونية بين الحين والحين، واليوم أعمل على مسلسل"السائرون نياماً"، مع المخرج هاني لاشين ومع الفنانة النجمة لبنى عبد العزيز. وفي ما يخص السينما، فهي لم تبق لنا. أصبحت تتبع القنوات الفضائية، وباتت سينما غريبة، فالأفلام الحديثة كأنها أفراح شعبية. أناس يرقصون ويغنون ويهزون أجسامهم في معظم المشاهد... لم تبق هناك مواضيع جادة سوى في قلة من الأفلام. أضاف:"ما يقدم حالياً لا يمت بصلة للسينما التي نعرفها ونحبها والتي أفنينا أعمارنا في العمل فيها، الفضائيات تهلل للنمط الجديد من الأفلام وتكرم رموزه بالجوائز. وهو شيء غريب لأن تلك الأفلام"قلة ذوق وقلة فن""لذلك وجدت أن المسرح افضل اطار لأقدم فناً حقيقياً وأعمالاً جدية، ومن خلال المسرح أعمل على تقديم مواهب جديدة، على أمل أن يظهر نجوم للمستقبل، وأضاف:"هذا ما كنت أفعله حتى قبل أن أصبح صاحب فرقة مسرحية... كنت أقدم مسرحيات استعراضية كبيرة مثل"القاهرة في ألف عام"، حيث اخترت مجموعة من طلبة معهد التمثيل ووجهتهم، فخرج منهم نجوم مثل يونس شلبي ومحمد صبحي وأحمد زكي وأحمد آدم... لا بد من أن يأخذ الكبير بيد الصغير ويعطيه فرصة. وختم سعيد صالح في آخر اللقاء:"المجتمع اليوم مصاب بحالة تجعله مختلفاً، فالمدارس لا تؤدي دورها، ومثلها السينما. كل المجتمعات العربية لم تعد كما كانت، فقد تم استغلالنا واستخدامنا، والصراعات الاقليمية قضت علينا... لم نبق كما كنا، تغيرت الحياة، ومعها تغير الفن.