طغت الشؤون الدينية على اليوم الثاني من زيارة البابا بينيديكت السادس عشر إلى تركيا. وأحيا القداس الأول في"بيت القديسة مريم"في مدينة أفسس غرب، موجهاً نداءً جديداً من أجل السلام في الشرق الأوسط. وأقيم القداس الذي حضره مئات الأشخاص بينهم أجانب في الهواء الطلق في جو مشمس قرب منزل صغير من الحجارة أقامت فيه والدة السيد المسيح مريم العذراء. ولوح المشاركون بأعلام الفاتيكان الصفر والبيض وأعلام تركيا الحمر والبيض وأغصان النخيل لدى وصول البابا الذي أحيط موكبه من مطار إزمير إلى أفسس بإجراءات أمنية مشددة واكبها تحليق مروحية. وقال البابا باللغة التركية"المحبة والسلام يكونان معكم". وأضاف في عظته التي ألقاها بالإيطالية وترجمت إلى التركية:"ندعو من هذه الضفة لشبه جزيرة الأناضول الجسر الطبيعي بين القارات، إلى السلام والمصالحة لسكان هذه الأرض التي نسميها مقدسة بالنسبة إلى المسيحيين واليهود والمسلمين. نحتاج جميعاً إلى السلام العالمي. والكنيسة مدعوة للتبشير بهذا السلام". وأعلن البابا أنه أتى"في رحلة حج"إلى أفسس، على خطى أسلافه بولس السادس ويوحنا بولس الثاني ويوحنا الثالث والعشرين المعروف ب"صديق الأتراك". وأشار إلى أن مريم التي يقدسها المسيحيون"يجلها المسلمون كذلك". واقتبس الحبر الأعظم جملة للبابا يوحنا الثالث والعشرين، وقال:"أحب الأتراك وأقدر ميزات هذا الشعب الذي مهد طريق الحضارة". وتوجه بينيديكت السادس عشر إلى"قطيع الكاثوليك الصغير"في تركيا، وتحدث عن الكاهن الإيطالي أندريا سانتور الذي اغتيل في ترابزون شمال شرقي في شباط فبراير الماضي. وقال:"أيها الأخوة والأخوات أردت من خلال هذه الزيارة إسماع صوت المحبة والقرب الروحي للكنيسة الجامعة إلى المسيحيين الذين يشكلون أقلية صغيرة في تركيا تواجه تحديات وصعوبات كثيرة يومياً". وقال الأب شارل كورتين الذي ترأس مجموعة من الكاثوليك الألمان الذين قدموا من منتجع أنتاليا:"حان الوقت لإقامة المصالحة بين المسيحيين والمسلمين". وقال ألبانو سيرفيسوغلو الذي ينتمي إلى الجالية الإيطالية الأصل الصغيرة في إزمير:"إنني محظوظ. يريد كثير من الناس رؤية البابا ولا يستطيعون ذلك". وبعد القداس، غادر البابا إلى اسطنبول لإجراء محادثات اليوم مع بطريرك القسطنطينية برتلماوس الأول ، علماً أنه يجعل المصالحة مع الأرثوذكس إحدى أولويات حبريته التي بدأت في نيسان أبريل 2005، فيما تأمل الكنيسة الأرثوذكسية بأن تشجع زيارة البابا أنقره على زيادة احترام الأقليات المسيحية. إشادات وغداة لقاء البابا علي برداك أوغلو، مدير الشؤون الدينية في تركيا، ومسؤولين كبار في قدمهم رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، رحب الأتراك بمحاولته تضييق الخلافات بين المسيحيين والمسلمين عبر إشادته بالدين الذي شعر المسلمون بأنه أهانه عبر كلمة ألقاها في أيلول سبتمبر الماضي وربطت بين الإسلام والعنف، وتأييده انضمام أنقره إلى الاتحاد الأوروبي. ورأى جونيري جيوا أوغلو الكاتب في صحيفة"ميلليت"أن رحلة البابا مهمة لانضمام تركيا إلى عضوية الاتحاد الأوروبي،"إذ إنها تحذير كبير للسياسيين المحافظين الذين يعتقدون بأن الاتحاد الأوروبي نادٍ مسيحي". وقالت صحيفة"حريت":"لقد بدأت زيارة البابا على نحو جميل، بعدما أبلغ العالم من أنقره بأن الإسلام دين سلام". وكتبت أن البابا بعث ب"رسالة سلام ودعا إلى الحوار"، مؤكدة أن"زيارة البابا بدأت في أنقره بالترحيب بعكس ما كان متوقعاً في الغرب". ووصفت صحيفة"راديكال"تأييد البابا لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي بأنه"دعم روحي من شخصية تتمتع بمكانة مرموقة". ولم يظهر الصليب في رقبة البابا لدى نزوله من الطائرة في أنقره، ما أثار اهتمام صحيفة"فاتان"التي عنونت في صفحاتها:"فارس صليبي من دون صليب".