بعد توقف سنتين تعود تظاهرة "السينما العربية" مرة أخرى الى العاصمة الهولندية أمستردام وأربع مدن هولندية أخرى. منظمو التظاهرة السينمائية الذين ذكروا في دليل الأفلام انهم كانوا مشغولين خلال الفترة الماضية في البحث عن أفلام مناسبة تستحق العودة الى الجمهور الهولندي نجحوا في الحصول على 11 فيلماً روائياً طويلاً و29 فيلماً قصيراً بين روائي قصير وتسجيلي. الأفلام المعروضة أنتج معظمها بعيداً من العالم العربي لمخرجين عرب أو من منطقة الشرق الأوسط يعيش معظمهم في أوروبا وبعض الدول الغربية الأخرى. ولا تشمل التظاهرة مسابقات أو ندوات بل تتضمن عروضاً سينمائية فقط. تظاهرة هذه السنة التي عقدت خلال النصف الأول من الشهر الجاري أرادت"الاحتفال بتجارب المخرجات العربيات الشابات اللواتي وجد بعضهن في تقنية"الديجيتال"الفرصة لتحقيق أعمالهن والوصول الى المتفرج العربي والأجنبي". أفلام المخرجات العربيات لا تتوقف فقط عند قضايا المرأة بل تتعرض الى الكثير من الموروث بجرأة كبيرة. فالتظاهرة تعرض مثلاً الفيلم الروائي الأول للمخرجة المصرية الشابة كاملة أبو ذكرى"ملك وكتابة"والفيلم الوثائقي للمخرجة السعودية هيفاء المنصور"نساء بلا ظلال"وفيلم اللبنانية ديمة الجندي"خادمات للبيع". تشكيلة الأفلام المعروضة في التظاهرة متنوعة. علماً أن الكثير من الأفلام كان عرض في مهرجانات عدة في العالم العربي وأوروبا وكذلك في مهرجان روتردام للسينما العربية في هولندا أيضاً. أفلام مثل"الرحلة الكبرى"للمخرج المغربي المقيم في فرنسا اسماعيل فروخي وفيلم"أيام جديدة في صنعاء القديمة"للمخرج البريطاني اليمني بدر بن هيرسي وفيلم السعودي عبدالله أياف"500 كيلومتر سينما"صارت معروفة للمهرجانات السينمائية والمتفرج السينمائي المتابع. وتضمنت عروض هذه السنة 3 أفلام مصرية قديمة ضمن ما أطلق عليه"السينما الدينية". وهي:"فجر الإسلام"،"رابعة العدوية"وپ"شفيقة القبطية". ولمناسبة مرور عشر سنوات على تأسيس فضائية"الجزيرة"القطرية قدمت 4 أفلام وثائقية تتناول إحدى الظواهر الإعلامية الجدلية في الإعلام العربي. الى ذلك وفرت التظاهرة الفرصة لعرض بعض الأفلام التي أثارت ضجة عند عرضها في مهرجانات سينمائية أخرى منها فيلم الأميركي جيمس لونغلي"العراق في أجزاء"وفيلم الكردي هينار سليم"الكيلومتر صفر"وفيلم المخرج ناصر الخمير"بابا عزيز"الذي سيطلق تجارياً في هولندا قريباً. مهمة صعبة وعلى رغم ان تظاهرة السينما العربية توفر الفرصة لمشاهدة القليل الجديد من المنتج السينمائي العربي، فقد أثارت عودتها هذه السنة استغراب كثيرين من الوسط السينمائي الهولندي لم يفهموا تماماً سبب وجود مهرجانين للسينما العربية في بلد صغير مثل هولندا. فمع وجود مهرجان السينما العربية في روتردام الهولندية الذي يتجه الى ان يكون أحد أكبر مهرجانات السينما العربية في أوروبا تصبح مهمة مهرجان سينمائي آخر في هولندا مهمة صعبة. مهرجان روتردام للسينما العربية، الذي أنهى السنة الحالية دورته السادسة، بدأ منذ سنتين تنظيم عروض لأفلامه في بعض المدن الهولندية الكبيرة ومن ضمنها أمستردام. والمهرجان الذي يتضمن الكثير من المسابقات للأفلام القصيرة والطويلة والوثائقية يضم أيضاً ندوات ويستقبل ضيوفاً من مخرجين وصناع سينما عرب وأجانب للحديث عن أفلامهم والدعاية لها. تظاهرة"السينما العربية"لم تقدم الأسباب الكافية لتبرير وجودها. وكان يمكن أن يغفر ضعف الدعاية الذي سبق التظاهرة أو فقر المعلومات المقدمة عن الأفلام أو غياب المخرجين وصناع السينما عن التظاهرة إذا كانت الأفلام نالت الاهتمام الجماهيري الذي تستحقه من الجمهور العربي المقيم في هولندا أو من المتفرج الهولندي، لكن قاعات العروض كانت شبه فارغة في معظم العروض وذكرت مجدداً بمشكلة الكثير من المهرجانات السينمائية العربية التي تفشل في الدعاية لنفسها وتفشل أيضاً في الوصول الى الجاليات العربية الضخمة التي تعيش في المدن الكبرى الهولندية وغيرها من المدن الأوروبية. مشكلة ضعف الإقبال الجماهيري ليست فقط مشكلة تظاهرة"السينما العربية"لكنها مشكلة مهرجانات أكبر مثل مهرجان روتردام للفيلم العربي ومهرجان معهد العالم العربي في باريس. ومع هذا فإن الانتاج العربي السينمائي القليل اصلاً والذي يواجه مشاكل كبيرة للوصول الى المتفرج العربي عبر الصالات السينمائية العربية التقليدية أو عبر التلفزة يعتمد كثيراً على فرص المهرجانات السينمائية لتحقيق الدعاية المهمة للوصول الى جمهور أوسع. والكثير من المهرجانات السينمائية العربية يضيع هذه الفرصة على الفيلم السينمائي العربي الجاد بسبب مشاكل هذه المهرجانات التي تبدو مستعصية وبسبب منظمين يبدون بعيدين من الفهم الكامل لطبيعة المهرجان السينمائي وشروطه وتحدياته.