يزور بابا الفاتيكانتركيا بين 28 و 30 من الشهر الجاري. ولا شك في أهمية هذه الزيارة. فهي الاولى الى دولة اسلامية منذ وصوله الى الكرسي البابوي. ولا يدرك كثر ما ينتظرنا من ازمات جراء زيارة البابا تركيا، فالأخبار من الخارج تنبئ بأزمة حقيقية. وبدأ الاعلام الخارجي يعد عدة الازمة. والحق أن ما يضفي أهمية على الزيارة البابوية، أي الخلاف بين الغرب المسيحي والشرق المسلم وكلام البابا المقتبس في الإسلام، يحملنا على القلق والتوتر. وجلي أن الازمة وشيكة. فهناك من هدد باغتيال البابا، أو بإطلاق النار في الهوا، وبتنظيم تظاهرات كبيرة مناوئة. وزيارة الحبر الكاثوليكي فرصة ذهبية يستطيع الساعون الى تشويه صورة تركيا اقتناصها، والزعم ان تركيا بلد متطرف وغير مؤهل، تالياً، للانضمام الى الاتحاد الاوروبي. ولا شك في أن دول الاتحاد الاوروبي ستراقب تركيا في أثناء الزيارة لترى إذا كانت تركيا العلمانية والديموقراطية مختلفة عن دول العالم الاسلامي الأخرى. وكان رجب طيب اردوغان، رئيس الوزراء، أعلن أنه لن يلتقي البابا بتركيا لالتزامه حضور اجتماع دول حلف شمال الاطلسي الناتو. وتفهم الفاتيكان مشاغل أردوغان. ولكن الاعلام الخارجي لا يعتبر غياب أردوغان عن تركيا، في أثناء زيارة البابا، محض صدفة. وتزعم التحليلات الصحافية الغربية أن اردوغان يتحاشى لقاء البابا، والتقاط صورة له معه، وأن اجتماع الناتو هو ذريعة غياب. وهذه التحليلات مقلقة، خصوصاً غداة إعلان اردوغان، أخيراً، أنه لا يستطيع جدولة برنامج أعماله بناء على زيارة البابا! وكان في وسع أردوغان تفادي الكلام على مثل هذه التفاصيل. وأذهلت خطوة أردوغان الاعلام الايطالي. فالسياسيون، المسيحيون والمسلمون يحرصون على لقاء البابا في مثل هذه الزيارات. ولكن هل يتحاشى اردوغان لقاء البابا ليحسن صورته أمام الرأي العام الاسلامي والدول الاسلامية، أم لحرصه على اصوات حزبه قبيل عام انتخابي مهم؟ وبحسب الخارجية التركية، يبالغ الاعلام الايطالي في رده على انشغال اردوغان، ويحرف موضوع الزيارة. فأردوغان قرر حضور اجتماع الناتو قبل تحديد بابا الفاتيكان موعد زيارته تركيا. واعلنت الخارجية التركية ان أنقرة طلبت من الفاتيكان تغيير موعد الزيارة، ولكن الفاتيكان اصر على الموعد. وإذا كانت مزاعم الخارجية التركية صحيحة، فلماذا لا تبادر الى توضيح المسألة أمام وسائل الاعلام، ولماذا يكتفي الاتراك بتصريح رئيس الوزراء غير اللائق؟ فالمشكلات أطلت برأسها. ولكننا مع الأسف، غافلون عن العاصفة الآتية، وعما قد تخلفه من أضرار. عن محمد علي بيراند، "بوسطه" التركية ، 17/11/2006