كادت زيارة الحبر الكاثوليكي الى الأردن والأراضي الفلسطينية واسرائيل تلغى أو تعلق، على أثر رفع الفاتيكان الحرم عن الأسقف الأصولي، وليامسون، في أواخر كانون الثاني (يناير). ولكن حرص الدولة العبرية والفاتيكان على مجيء بينيديكتوس السادس عشر في زيارة دولة الى مرابع المسيحية الأولى، ومخاطبته المؤمنين بديانات التوحيد الثلاث في منطقة تتقاذفها الحروب، أزال العقبات في وجه الزائر. ولا يسع الديبلوماسية الإسرائيلية مد اليد الى محاورها الأول في العالم المسيحي. ولا يضعف ميل البابا «الديبلوماسي» الى الفلسطينيين الرغبة الإسرئيلية. فالرحلة، غداة عملية غزة وإِدانة عدد من الرؤساء الكاثوليك إياها، محل ترحيب اسرائيلي. فسكتت ديبلوماسية تل أبيب، على رغم تصدر بعض المتطرفين، عن بقاء ممثل الفاتيكان بمقعده بينما يخطب محمود أحمدي نجاد المشاركين في مؤتمر جنيف «ديربان - 2». وذهب ليبرمان، وزير الخارجية، الى أن قضية ويليامسون، «المنكر»، مسألة فاتيكانية داخلية. ويعود انجاز الرحلة الى اصرار ديفيد روزين، على رأس اللجنة اليهودية الدولية للمشاورات بين الأديان، والكاردينال والفركاسبر، محاور الأول، وريشار باسكييه ومارام شتيرن، من المؤتمر اليهودي العالمي، والى البابا نفسه الذي استقبل 50 حاخاماً أميركياً في شباط (فبراير). فالحبر الأعظم أعلن بنفسه موعد رحلته عاماً كاملاً قبل القيام بها. وكرر التنويه بها، في الأثناء، مرتين. فهي قرينة على متابعة الحوار بين الأديان، وعلى السير على هدي المجمع المسكوني والفاتيكاني الثاني (1962 - 1965)، تسعة أعوام بعد زيارة سلفه يوحنا بولس الثاني. وقضية ويليامسون دعت الى اعلان الأمر، والإلحاح فيه. والحق أن مسألة الوحدة الكنسية تتصدر مشاغل البابا الألماني. وهو بعث القداس باللاتينية، في 2008، بعد أن تخلى المجمع الفاتيكاني عنه. وتدعو صلاة الجمعة العظيمة، باللاتينية، اليهود الى اعتناق المسيحية. وعمد البابا الى مراجعة نص الصلاة هذه، من غير أن يلغي الدعوة، والى هذا، دعا بنيديكتوس السادس عشر الى تطويب البابا بيوس العاشر، المتهم بالسكوت عن «المحرقة» في أثناء الحرب العالمية الثانية. ولكن أشد المتحفظين عن الزيارة البابوية هم المسيحيون الفلسطينيون. فحال الإعلان عن الزيارة، سافر بطريرك اللاتين فؤاد طوال الى روما. فهو يطالب السلطات الإسرائيلية بالعودة عن فرضها رسوماً باهظة على ممتلكات الكنيسة العقارية، وعن عرقلة الزيارات الدينية الى مهد المسيحية. ويرغب مسيحيو الأراضي الفلسطينية المحتلة في ادانة بابوية للاحتلال. والتخطيط المشترك، الفاتيكاني والاسرائيلي، للزيارة يستبعد اعلان البابا مواقف سياسية صريحة أو مباشرة. فيثقل على صدر الفلسطينيين المسيحيين، وهم يعدون 30 ألفاً من مليوني عربي، لقاء البابا وشمعون بيريس وزيارته يادفاتشيم، نصب المحرقة، غداة مجزرة غزة. * صحافيان، عن «لكسبريس» الفرنسية، 7/5/2009، إعداد و.ش