قد يكون إقرار الجيش الأميركي المحتل للعراق، بانزلاق هذا البلد العربي الى "الفوضى"، أكثر من مجرد اعتراف بالعجز عن"دحر الإرهاب"في الساحة التي طالما تغنى الرئيس جورج بوش بأنها الحلبة المتقدمة في الصراع الكوني مع الإرهابيين، أصحاب المشاريع"الامبراطورية". لم يخيّبوا تقديراته، فرايات"إمارات"تنظيم"القاعدة"الإسلامية، تخفق في الأنبار والرمادي، رغماً عن جحافل الأميركيين التي جردت حملات يائسة، انتهت الى تعميم القتل، في كل المناطق. ومع رايات"المجاهدين"، تترقب حكومة نوري المالكي العد العكسي لبدء بوش سحب جيشه من المستنقع. هروب ينعى الحل العسكري، لتتقدم جحافل الميليشيات وفرق الموت، ورايات الدويلات المتناحرة ما بين النهرين. رغم ذلك، ورغم حصاد الجثث بين المصلّين وأساتذة الجامعات، ومواكب الزفاف، تعدّ مئات الشركات في عمان لمعرض دولي من اجل تطوير حصاد الزراعة... في العراق. الشعار"عراق أخضر"! قمة الهذيان في منطقة الفوضى التي ينظمها الأميركي بلا حساب، باستثناء اضافة بلدان عربية الى القائمة. وكما في العراق، القتل بدم بارد ظاهرة يومية في فلسطين المنكوبة بشقاق أهلها، وزرع عدوها بذور المجازر. هناك اختلطت الدماء، وهوية القتل، مئات الضحايا دماً وجوعاً لأجل أسير..."البورصة"عربية. قمة الهذيان في قوس الأزمات والبراكين الجديدة، من العراق والصومال الى فلسطين ولبنان والسودان. مَن التالي؟ سؤال يترفع عن طرحه كثيرون من أعداء إسرائيل وأميركا، لكأنهم في ما يفعلون - ويخيف - يحتكرون هذه العداوة، لكأن كل الآخرين يعشقون مغامرات بوش، أو هم جنود في جيشه لحقن كل السيادات في المنطقة بمصل اسمه الخيانة! قمة اليأس ان تستسلم قيادات الضد لأحلام الانتصار الكبير الذي وعد بوش به نفسه، ليصدّق شعبه انه المخلّص للعالم من كل آفاته... وأن لا بناء إلا بعد خراب عميم، يطفو على دماء ضحايا التخوين والتكفير. تستسلم لوهم خطف الانتصار، فيما كل نصر في حاجة لمن يرفع رايته بين جموع لا تُمنع من الكلام، ولا يحظر عليها أوكسجين الحريات. ... ومعذرة من الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد عمرو موسى الذي لن نحمّله وزر الموت السريري للجامعة، بل هو يبرئ الذمة امام التاريخ، إذ يعلّل غرق المنطقة بأعاصير الفوضى، بأزمة بين الغرب والإسلام كأن الغرب لم يعرف بوجود الدين الإسلامي إلا حين استعر الإرهاب، وأُلبِس له قسراً. معذرة لأن الأزمة قد توصف مع تعميم قسري، بصراع بين الغرب"الديموقراطي المتحضر"والمسلمين، كأنهم اكتشفوا بعد 11 ايلول سبتمبر وغزو الخديعة في العراق، فضيلة الحرية كما عشقها بوش، وتجنّد لها توني بلير في عالم العرب، بمقاس غربي ورغماً عنهم، لمجرد كونه متعطشاً ل"نبوءات"حليفه المتدين. يقرع أجراس الإنذار موسى، لكن للموت السريري"هيبة"الانكسار. ولعل الأمين العام يعلم ايضاً، هو الذي لا يشكك أحد في حرصه على خنق النزاعات العربية، المستعر بعضها برياح طائفية،"سر"عداوة المصريين للدنمارك بعد إسرائيل، اكثر مما يعلم بوش سبب كره نصفهم للولايات المتحدة. الطائفي والديني اختلطا بالسياسي، لأن"المزايدة"أداة الحرب الكونية بين المتطرفين على ضفتي العالم. أجاد موسى في حديثه عن حالة"التباس"عالمية، تنتج مصل الحروب والإرهاب، فتتغذى الكراهية بين الغرب والمسلمين. اقترح إحالة الحالة - الأزمة على مجلس الأمن، وهو يعلم ان عصا المجلس أميركية، وأن الغرب انساق وراء رايات المتطرفين، من أمثال عصبة الاستئصاليين في البنتاغون، ممن حولوا السياسة الأميركية الى إنذارات وغزوات... وازداد بطشهم كلما انتعش التطرف لدى أدعياء الخلاص في المنطقة، ولو على جثث المسلمين. حالة التباس... أشد من العمى.