زيلينسكي يرى أن عضوية الناتو ستُنهي المرحلة الساخنة من الحرب    التعاون يتغلّب على الرائد بهدف " في ديربي القصيم    أسباب آلام البطن عند الرجال    الدموع    هدنة لبنان يهددها إطلاق النار الإسرائيلي المتقطع    ضبط (5) يمنيين في جازان لتهريبهم (100) كيلوجرام من نبات القات المخدر    تحركات دبلوماسية تركية روسية إيرانية لاحتواء الأحداث السورية    شخصيات دينية إسلامية تثمن جهود المملكة    "الجوهرة وأسيل" في المركز الأول عربيًا والتاسع عالميًا في الأولمبياد العالمي للروبوت WRO 2024    معرض المخطوطات السعودي يروي حكاية التراث ويكشف نفائس فريدة    دوري روشن: سافيتش يقود الهلال للفوز على الشباب وتضييق الخناق على صدارة الاتحاد    حلول مستدامة لتطوير قطاعي التمور والزيتون    استقلالية "تخصصي العيون".. دعم للبحث والابتكار    مهرجان للحنيذ بمحايل    دورة للإسعافات الأولية    الاتحاد «حاد»    الكويت: صدور مرسوم بسحب الجنسية من الفنان داود حسين والمطربة نوال الكويتية    تركي بن محمد بن فهد يستقبل سفير قطر    ميداليتان عالميتان لأخضر الباراتايكوندو    المركز الإعلامي في حلبة كورنيش جدة.. مجهر العالم لسباق سال جدة جي تي 2024    الأمير تركي بن محمد بن فهد يستقبل سفير قطر لدى المملكة    دوري روشن: ديربي القصيم يبتسم للتعاون بهدف دون رد امام الرائد    قطار الرياض.. 85 محطة منها 4 رئسية تعزز كفاءة التنقل داخل العاصمة    الجمارك تحبط تهريب أكثر من 480 ألف حبة كبتاجون إلى المملكة    مطارات الدمام تشارك في المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير    «سلمان للإغاثة» يدشن المشروع الطبي التطوعي لجراحة العظام في بورتسودان    جامعة الملك عبد العزيز تكمل استعداداتها لإطلاق مهرجان الأفلام السينمائية الطلابية    "الشؤون الإسلامية" تودع أولى طلائع الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين إلى بلدانهم    مجلس الشؤون الاقتصادية يتابع خطوات استقرار أسعار السلع    هل ترى هدنة غزة النور قبل 20 يناير؟    الذهب يرتفع مع تراجع الدولار    "ميسترو".. يوصي بالذكاء الاصطناعي لتحسين العلاج الإشعاعي    قرية القصار التراثية.. مَعْلَم تاريخي وحضاري في جزر فرسان    «الداخلية»: ضبط 19024 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    الكشافة السعودية تستعرض تجربتها في مكافحة التصحر بمؤتمر COP16    "التعاون الإسلامي" تشارك في اجتماع التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين في بروكسيل    "بلاغات الأدوية" تتجاوز 32 ألفًا في شهر واحد    ختام نهائيات الموسم الافتتاحي لدوري المقاتلين المحترفين في الرياض    «فيفا» يعلن حصول ملف استضافة السعودية لكأس العالم 2034 على أعلى تقييم في التاريخ    أستراليا تحظر «السوشال ميديا» على الأطفال    «الإيدز» يبعد 100 مقيم ووافد من الكويت    باكستان تقدم لزوار معرض "بَنان" أشهر المنتجات الحرفية المصنعة على أيدي نساء القرى    انطلاق فعاليات معرض وزارة الداخلية التوعوي لتعزيز السلامة المرورية    ديوانية الأطباء في اللقاء ال89 عن شبكية العين    مدني الزلفي ينفذ التمرين الفرضي ل كارثة سيول بحي العزيزية    مدني أبها يخمد حريقًا في غرفة خارجية نتيجة وميض لحظي    ندى الغامدي تتوج بجائزة الأمير سعود بن نهار آل سعود    أمير منطقة تبوك يستقبل رئيس واعضاء مجلس ادارة جمعية التوحد بالمنطقة    خطيب المسجد النبوي: السجود ملجأ إلى الله وعلاج للقلوب وتفريج للهموم    خطيب المسجد الحرام: أعظمِ أعمالِ البِرِّ أن يترُكَ العبدُ خلفَه ذُرّيَّة صالحة مباركة    تقدمهم عدد من الأمراء ونوابهم.. المصلون يؤدون صلاة الاستسقاء بالمناطق كافة    بالله نحسدك على ايش؟!    أمير تبوك يستقبل المواطن مطير الضيوفي الذي تنازل عن قاتل ابنه    إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السياسات الأميركية الجديدة وتأثيراتها في العرب
نشر في الحياة يوم 24 - 03 - 2009

ما مارست الولايات المتحدة سياسات الهيمنة الأحادية في المنطقة العربية وحسب، بل مارستها في سائر أنحاء العالم. وما أغضبت تلك السياسات العرب وحدهم، بل أغضبت أيضاً حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا وتركت آثارها العميقة على روسيا ومحيطها الاستراتيجي في البلقان ووسط أوروبا وشرقها. بيد أن العرب ومحيطهم الاستراتيجي كانوا ولا يزالون الأكثر تأثراً بالهجمة الأميركية. ويرجع ذلك الى أن الولايات المتحدة بدأت هجمة الهيمنة في العالم العربي، وبلغت تلك الهجمة الذروة في المواقع العربية ذاتها. بدأت الهجمة في العراق عام 1990 في حرب تحرير الكويت، وبلغت بها الذروة عام 2001 - 2002 باحتلال أفغانستان، وبغزو العراق عام 2003، وبمشاركة اسرائيل في محاولات تصفية القضية الفلسطينية (2000 - 2005) وعندما بدأت الإدارة الأميركية التفكير والمراجعة في حدود العام 2006 بسبب زيادة الأعباء، وانكسار موجات الهجوم والاجتياح، كان العراق قد انهدّ تحت وطأة الغزو والفوضى والانقسام، وكانت الصومال تزداد ضياعاً، والسودان يزداد غرقه في الفوضى، كما كان الفلسطينيون قد تحوّلوا الى معسكرين تسودهما إسرائيل بالضربات ونشر الخراب. وكما تمددت إيران على نفس الخطوط الأميركية حتى في السودان، فإنها ثابرت مع بدء الهجمة الأميركية بالانحسار على خلق مناطق نفوذ في مشارق العالم العربي ومغاربه، بحيث صارت لها معسكرات وأنصار من لبنان الى البوليساريو بالصحراء الغربية!
وافتتح الرئيس أوباما عهده بالتأريخ للانسحاب من العراق، وبإرسال مبعوثه جورج ميتشل للتهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لكنه ما فعل شيئاً لردِّ موجات الفوضى عن السودان والصومال، ولا لفتح أفق للسلام في فلسطين. كما أنه بادر من خلال رسالته الى إيران، وقبل الرسالة، الى تثبيت الشراكة معها في العراق وأفغانستان، وعرض التفاوض في الموضوعات والمطالب الأخرى للجمهورية الإسلامية، ومنها الملف النووي والإرهاب، وهما الملفان اللذان كانا في أصل غزو العراق، من دون أن يبدو منهما شيء بعد الغزو!
إن المنطق الذي يحكم التصرفات الأميركية الآن أنهم يريدون العودة الى الديبلوماسية والتفاوض، وانهم ليسوا مسؤولين عما أحدثته الإدارة البوشية من خراب، وأن همّهم أن لا يخرج الجيش الأميركي بمظهر المنهزم من العراق وأفغانستان، وأنهم سيبذلون قُصارى جهدهم لاستعادة الاستقرار والوفاق الدولي والإقليمي، لكن - وكما سبق القول - ليس هناك أي مظهرٍ حتى الآن للتصحيح والتجاوز في البؤر والمساحات والصدوع التي أحدثتها غزواتهم وسياساتهم. بل انهم يطالبون السعودية ودول الخليج الأخرى المقتدرة بالمشاركة في حل الأزمة المالية العالمية بدفع ثلاثمئة بليون دولار لصندوق النقد الدولي لدعم ماليات واقتصادات الدول الفقيرة والمتعثرة، نتيجة تصرفاتهم، هم وحلفاؤهم!
وما قصّر العربُ الكبارُ في المبادرة بعد انفكاك الحصار عنهم. بل جدّدوا - على رغم إباء الجمهور - طرح المبادرة العربية للسلام الشامل، ثم حاول الملك عبدالله بن عبدالعزيز تجاوز الانقسام العربي نتيجة التدخلات الأميركية والإيرانية، فطرح في قمة الكويت الاقتصادية المصالحة العربية، لجمع الكلمة والصف، والتفكير في كيفية لأم الجراح التي خلفتها الهجمات الأميركية. كما بادر الأمير سعود الفيصل الى تحديد المشكلات مع إيران، ودعوة العرب الى معالجتها مجتمعين وهي: المسألة النووية، وأمن الخليج، والتدخل في العراق ولبنان وفلسطين. لكن، كما لم تُظهر الولايات المتحدة تصميماً وعزيمةً تجاه العدوانية الإسرائيلية المستمرة، فإن عرضها للتفاوض مع ايران في مسائل أكثرها عربي، لن يُساعد على تجاوز آثار الماضي القريب والكئيب للتصرفات الأميركية. وإذا استمرت «الفوضى البنّاءة» - بحسب تعبير إدارة بوش - في السودان والصومال، فإن ذلك يعني أنه لا ندم على ما فات، ولا أمل في ما هو آت.
ويقول أنصار ادارة أوباما من الأوروبيين - وعلى رأسهم توني بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق، وشريك بوش في غزو العراق، ومبعوث الأمم المتحدة الى فلسطين منذ سنتين! - إن الوقت قصير، ولا يمكن التسرع في الحكم على الإدارة الجديدة، ولا بد من إعطاء أوباما فرصةً ينبغي أن تمتد على مدى العام 2009! لكن لو سلّمنا بأن هناك متسعاً من الوقت، فكيف يمكن تعليل غياب الأفق والاستراتيجية في مسألة فلسطين، وفي مسألة المحيط الهندي والصومال، وفي مسألة أمن الخليج، في حين حددت إدارة أوباما سياستها تجاه العراق، كما حددت سياستها أو استراتيجيتها تجاه إيران؟!
إن هذا كله يبعث على الشكّ في العزيمة والتصميم على تغيير السياسات في منطقتنا على الأقل. وهو تغيير افتقده حتى المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية علي خامنئي في إجابته على رسالة أوباما الى الشعب الإيراني بمناسبة النيروز! فليس بالوسع الانتظار على رغم نصائح بلير وغيره، أو تحدث أو تستمر «الفوضى البنّاءة» على حساب العرب وأمنهم ومستقبلهم. والذي يمكن فعله الآن - وليس في الوقت الضائع - هو السّير الحثيث في المصالحة بين الفلسطينيين، وبين العرب والاستجابة للمؤتمر الدولي في شأن القضية الفلسطينية الذي تدعو إليه روسيا، وليس ذاك الذي تدعو إليه فرنسا ساركوزي، ودعم وحدة السودان بدلاً من التعلّل بأخطاء البشير وخطاياه وخطايا نظامه وهي كثيرة ولا شك، والتدخل من جديد ومن طريق الجامعة العربية في الصومال لتقوية الرئيس الجديد هناك، وجمع الصوماليين من حوله، والاختبار السريع للتطمينات الإيرانية من طريق تصرفاتها في العراق ولبنان وفلسطين، وإحياء آلية دول جوار العراق، وتقوية الوجود العربي فيه، بدلاً من ترك الأمر على غاربه للتفاوض الإيراني - الأميركي من حوله وعليه - وأخيراً وليس آخراً الإصرار على عدم الدعم في الأزمة المالية العالمية أو عدم التعاون الكامل، ما لم تظهر آثار إيجابية للسياسات الأميركية «الجديدة» في فلسطين وفي العراق وفي السودان والصومال.
صحيح أن الحصار الأميركي على العرب قد انفك. وقد يكون صحيحاً أيضاً أن الإدارة الجديدة تملك «نيات حسنة» تجاه استقرارهم، ووحدة أراضيهم، لكن بالنظر الى أهوال العقد الماضي، فإن ذلك ليس كافياً. ولا بد من توحدٍ عربيٍ من حول المطالب، ومن إصرارٍ عربيٍ على الندّية والشراكة في المجال الدولي في مقابل التعاون في الأزمة المالية العالمية.
* كاتب لبناني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.