أطلقت الحكومة البريطانية وكالة جديدة لمكافحة الجريمة المنظمة، ومنحتها صلاحيات واسعة لمواجهة نحو 170 عصابة منظمة تنشط في البلاد. وستنشط"وكالة الجريمة المنظمة والخطيرة"سوكا في مجالات مكافحة المخدرات وتجارة البشر، ومحاربة استغلال الأطفال جنسياً وعصابات الاحتيال المتطورة، والتعامل مع"الهجرة غير المشروعة"ومهربي الأسلحة والمخدرات والرقيق الأبيض، إضافة الى الأسلحة البيولوجية وتبييض العملة والتهرب من الضرائب. وحجم"اقتصادات الممنوعات"الذي ستتعامل معه القوة يقدر بحوالى 20 بليون جنيه استرليني سنوياً، تخسر منها وزارة الخزانة ما يصل الى خمسة بلايين استرليني تقريباً. ويعتقد بأن تطلب وزارة الداخلية مع تشكيل القوة إنشاء هيئة قضائية مستقلة تستطيع البت بسرعة بالقضايا، من دون اللجوء الى القضاء العادي وإجراءاته المعقدة التي كثيراً ما استطاعت العصابات استغلالها. وفيما ينظر الى الوكالة باعتبارها النسخة البريطانية من مكتب التحقيقات الفيديرالي"أف بي آي"الأميركي، فإن رئيس الوزراء توني بلير أكد في مناسبة إطلاق الوكالة، أن"سوكا"تعطي الانطباع بأنها تشبه مكتب"أف بي آي"، مما يجعلها قادرة على التعامل مع الجوانب المختلفة المتعلقة بالجريمة المنظمة. وتضم الوكالة التي خصصت لها ميزانية سنوية قدرها 400 مليون جنيه استرليني 675 مليون دولار، نحو أربعة آلاف موظف، يتمتع كل منهم بسلطات ضابط شرطة وضابط جمارك وضابط هجرة. وستخصص نسبة 40 في المئة من ميزانية الوكالة الجديدة لمكافحة تهريب المخدرات. كما تحظى بسلطات جديدة، مثل استخدام تسجيل المكالمات الهاتفية كأدلة، وصفقات تخفيف التهم الموجهة لمتهم إذا تحول الى شاهد، وبرنامج أكثر تطوراً لحماية الشهود. وأوكلت رئاسة الوكالة الى السير ستيفن لاندر، الذي كان ترأس جهاز الاستخبارات الداخلي"أم آي 5"، وهو أكد أن أحد الأهداف الرئيسة للوكالة مواجهة المهربين الذين يستغلون المهاجرين غير القانونيين، وتركز الوكالة أيضاً على تعقب المتورطين في تهريب النساء، الذين ينطلقون، في الغالب، من شرق أوروبا الى بريطانيا بهدف إجبارهن على العمل في الدعارة. كما تعمل الوكالة على تدمير وزعزعة استقرار العصابات الإجرامية، وخفض ما تسببه من ضرر للمملكة المتحدة. وتقدر تكاليف الجريمة المنظمة في بريطانيا نحو 40 بليون جنيه استرليني 73 بليون دولار سنوياً، وهي آخذة في الارتفاع. فقيمة سوق المخدرات، مثلاً، تبلغ سبعة بلايين استرليني سنوياً، فيما خسائر تهريب البشر تبلغ نحو بليون استرليني. وتشكلت"سوكا"من وكالات عدة تعنى كلها بمحاربة الجريمة. وسيكون من مهامها أيضاً العمل مع أجهزة أجنبية، لكشف أي رابط بين المجموعات الناشطة بطريقة غير مشروعة في بريطانيا ونظرائها في الخارج. وذلك لمواجهة حوالى 170 عصابة جريمة منظمة مكونة من أكثر من 24 جنسية تعمل في العاصمة لندن وحدها كما أكدت الشرطة البريطانية. كشف"القنابل القذرة" وأعلن في لندن عن تشغيل أجهزة المراقبة الإلكترونية الحديثة التي تم تجريبها بنجاح خلال الأشهر الماضية للكشف عما يطلق عليه اسم"القنابل القذرة"، وتم تركيبها في المطارات والموانئ ومحطات القطار في أنحاء بريطانيا، كما زودت شرطة سكوتلنديارد بأجهزة ومعدات خاصة قادرة على فحص الأشخاص في شوارع لندن للكشف عمن يحمل أسلحة أو مواد مشعة. ويأتي الإجراء ضمن حملة يطلق عليها اسم"سايكلامان"تخوضها أجهزة الأمن لمنع تعرض بريطانيا لهجوم إرهابي جديد، وقناعة المسؤولين عن الأمن بأن تنظيمات إرهابية تخطط لهجوم إرهابي كبير في المملكة المتحدة بأسلحة شعاعية أو بيولوجية أو كيماوية. وكان جهاز مكافحة الإرهاب أحبط مؤامرتين لشن هجمات بأسلحة كيماوية أو ذات طابع إشعاعي خطير على الأراضي البريطانية في السنوات القليلة الماضية. ولهذا تعتمد الشرطة فضلاً عن الإلكترونية أساليب مبتكرة لمنع وقوع هجمات إرهابية خطيرة، وذلك بالمبادرة الى تحري أخبار الإرهابيين وملاحقتهم بلا توقف لإفشال مخططاتهم أو وأدها في وقت مبكر. والى جانب هذه الجهود تستعمل الشرطة سيارات متحركة تحمل أجهزة خاصة تمكنها من التقاط أي إشعاع مصدره أي شخص في الشارع أو في سيارة مارة، ومتابعة مصدر الإشعاع وضبطه في أقصى سرعة ممكنة. وتعمل سيارات المراقبة هذه كجزه من منظومة مراقبة متكاملة تستخدم وسائل اتصال متطورة بواسطة الأقمار الاصطناعية لتسهيل عملها واستدعاء قوات أمن إضافية في حال التقاط أي إشارة تنطوي على خطر أو تهديد. وتعزيزاً لهذه العملية خصصت الشرطة عشرة مختبرات متحركة في أماكن مختلفة من بريطانيا بهدف إجراء الفحوص السريعة لتحديد خطورة أي مادة مشبوهة يعثر عليها أو يتم التقاطها في أجهزة المراقبة. كما زودت قوات الأمن العاملة في عمليات المراقبة بألبسة وقبعات وكمامات واقية للتخفيف من خطر التعرض لأذى في حال العثور على مادة ذات طابع إشعاعي أو غازي، ودربت القوات المتخصصة في هذا المجال على حماية الشخصيات الرسمية مثل القادة السياسيين وقادة الأجهزة الأمنية الذين يحتمل تعرضهم لهذا النوع من الهجمات. القوة - الجهاز سيكون مركزها الرئيس في لندن ولها فروع في المناطق، وستكون على اتصال مع قوات الشرطة الصديقة في أوروبا والولايات المتحدة ودول الخليج العربي من مركز خاص في دبي والشرق الأوسط عبر مركزين في مصر وتركيا. ويعتقد بأن القوة ستختار عناصرها من الأجهزة المختلفة، لكنها ستدربهم لاحقاً في شكل منفصل، في كلية خاصة. ويمكن للقوة أن تخفف الضغوط عن الشرطة والقوة الخاصة في سكوتلانديارد التي سيشكل عناصرها عماد القوة الجديدة. إضافة الى الاستخبارات الداخلية التي تتولى حالياً محاربة تجارة المخدرات. كما يستدعي تشكيل القوة الجديدة، إصدار قانون خاص بها وتعديل قوانين نافذة، ففي بريطانيا الآن أكثر من قوة صغيرة تتعامل مع"الأهداف"التي ستحاربها القوة الجديدة. ولهذه القوى موازنات يصل حجمها الى نحو نصف بليون استرليني، وثبت انها غير فاعلة في"الحرب على الجريمة المنظمة". عبر الأقمار الاصطناعية وتختبر السلطات البريطانية وسيلة جديدة لمراقبة المجرمين عبر الأقمار الاصطناعية وهي المرة الأولى التي تعمد فيها دولة أوروبية الى هذه الوسيلة في المراقبة. تجدر الإشارة الى إمكان الأجهزة الحديثة ملاحقة الأشخاص عبر تحديد موقعهم الكترونياً، خصوصاً عند استعمالهم بطاقات الاعتماد. ويمكن تحديد مكان مستعمل جهاز خليوي، فور تشغيل الجهاز ومن دون تلقي أي مخابرة. وتحتوي بعض السيارات الجديدة في هيكلها على أنظمة تسمح للأقمار الاصطناعية بتحديد موقعها بدقة أينما وجدت. وأدخلت أجهزة في صناعة السيارات لمحاربة عصابات السرقة، لكنها تصب حتماً في إطار نظام محكم للمراقبة، وهكذا فإن حياة الناس فقدت خصوصيتها، ففي ظل تقنيات الاتصال الحديثة يعيش الانسان في عالم بلا أسرار، وهو مراقب في كل تحركاته ونواحي حياته. كاميرات الفيديو الأوتوماتيكية مثبتة في الشوارع، وفي داخل المصاعد، وفي المكاتب، والمصارف والمتاجر. ويقول مسؤولون عن الأمن في بريطانيا إن هذه الكاميرات تصور كل المشاهد من زوايا مختلفة لأنها متحركة، وهي تختزن ما سجلته داخل أشرطة يمكن العودة إليها لاحقاً في حالات حصول جرائم أو مخالفات، كما أنها لا تستهدف المدنيين فقط، وإنما رجال الشرطة أيضاً، إذ تسجّل حركتهم في أثناء دوام العمل وتكشف أسلوب تعاملهم مع الناس. * باحث لبناني