شهدت الأزمة النووية مع كورية الشمالية انفراجاً مهماً، تمثل في لقاء مفاجئ عقده ممثلون عن واشنطن وبيونغيانغ في بكين، اتفق خلاله الجانبان على استئناف المفاوضات السداسية الهادفة الى حل الازمة. ورأى مراقبون في واشنطن ان ادارة الرئيس جورج بوش قد تستفيد من هذا التطور الايجابي على ابواب الانتخابات الاشتراعية في السابع من الشهر الجاري. واعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك ان قرار كوريا الشمالية بالعودة الى المفاوضات يمثل درسا لايران، وقال"من المؤكد ان الايرانيين يراقبون رد فعل العالم على ما فعله الكوريون الشماليون"، في اشارة الى التجربة النووية الكورية الشمالية الاولى في التاسع من تشرين الاول اكتوبر، مضيفا"ان مجلس الامن تحرك بوضوح واعتقد ان ذلك يمثل درسا لايران لجهة ارادة التحرك لدى المجتمع الدولي". وأعلن المفاوض الأميركي كريستوفر هيل الذي مثل بلاده في محادثات بكين أمس، ان بيونغيانغ اعادت تأكيد تعهد قطعته العام الماضي، بابقاء شبه الجزيرة الكورية خالية من الأسلحة النووية، ما يشكل حلاً للأزمة التي بلغت ذروتها بتجربة نووية أجرتها كوريا الشمالية أوائل الشهر الماضي، ما دفع مجلس الأمن الى فرض عقوبات عليها. وأعرب بوش عن"سعادته الكبيرة بالتقدم الذي أحرز"عقب اعلان بيونغيانغ قرارها العودة الى المفاوضات السداسية التي انسحبت منها قبل 12 شهراً تقريباً. وأعلن الرئيس الأميركي إرسال"فرق"أميركية الى شرق آسيا للتحقق من تطبيق القرار الدولي بفرض عقوبات على كوريا الشمالية، ومن فاعلية المفاوضات المرتقبة مع بيونغيانغ. ولعبت الصين دوراً أساسياً في تقريب وجهات النظر بين الجانب الأميركي الرافض مبدأ المفاوضات الثنائية مع كوريا الشمالية، وبيونغيانغ التي تطالب واشنطن بوقف إجراءات تجميد أرصدتها في الخارج. واتفق المشاركون في محادثات بكين، وهم الى جانب هيل، المبعوثان الكوري الشمالي كيم كاي-غوان والصيني وو داوي، على البحث في الاجراءات المالية التي تعترض عليها بيونغيانغ فور استئناف المحادثات، الأمر الذي قد يتحقق خلال تشرين الثاني نوفمبر الجاري، او كانون الاول ديسمبر المقبل. وجدّدت كوريا الشمالية خلال المحادثات أمس، التزامها التخلي عن أسلحتها النووية، في مقابل ضمانات امنية وتطبيع العلاقات وحوافز في مجال الطاقة وغيرها من المساعدات. لكن واشنطن أكدت ان هذا الالتزام لا يلغي تلقائياً العقوبات التي فرضها مجلس الأمن. كذلك أعلنت طوكيو مضيها في تطبيق العقوبات التي تشمل حظر بيع معدات وتكنولوجيا حساسة الى بيونغيانغ، على رغم ترحيب اليابان بالاتفاق الذي أبرم في بكين امس. وتزامن الاتفاق مع اعلان الناطق باسم الخارجية الصينية ليو جيانشاو ان بلاده لا تعتزم قطع المساعدات عن كوريا الشمالية أو وقف التجارة معها، نافياً أن يكون التراجع في صادرات النفط الى بيونغيانغ مؤشراً الى تغيير في السياسة الصينية. وأشارت بيانات عن تجارة النفط في الصين الى توقف صادراتها من الوقود الى كوريا الشمالية خلال أيلول الماضي، على رغم اعتمادها على الصين في كل النفط الذي تحتاجه. الى ذلك، رأى مراقبون في واشنطن ان بوش يستفيد من قرار كوريا الشمالية العودة الى المفاوضات لتأكيد صواب سياسته تجاه هذا البلد، بعدما أدت التجربة النووية الكورية الشمالية في التاسع من تشرين الأول أكتوبر الماضي، الى تعرضه لانتقادات شديدة. وجاء هذا الانفراج مواتياً للادارة الأميركية قبل أسبوع من انتخابات التجديد النصفي للكونغرس التي تبدو صعبة على الغالبية الجمهورية.