تركت خمس سنوات من الحرب في العراقوافغانستان علامات من الانهاك على الجيش الأميركي، وأثارت تساؤلات عن قدرته في الحفاظ على مستوى عملياته الحالية ومواجهة أزمات جديدة محتملة. في 7 تشرين الاول اكتوبر 2001 بدأ الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة ضد افغانستان اثر هجمات 11 ايلول سبتمبر ودفع الجيش الى القتال المستمر بلا هوادة هناك. ثم بدأ القتال في العراق منذ آذار مارس 2003. وحذر ضباط كبار بينهم قائد الأركان الجنرال بيتر شوميكر من تراجع الاستعداد القتالي لدى بعض الوحدات، وتنامي العجز في المعدات مع تعرض دبابات"ابرامز"ومركبات"برادلي"القتالية وغيرهما لتلفيات نتيجة استخدامها في ارض المعركة لفترات طويلة. كما أن عدداً كبيراً من العسكريين في سبيله لتمضية فترة ثانية أو ثالثة في مهمات قتالية خارجية، فيما تقلصت الفترة الزمنية التي تفصل بين المهمات الخارجية للجنود. وفي الوقت ذاته ارتفع عدد القتلى الأميركيين ليتجاوز 2730 قتيلاً في العراق وحوالي 280 آخرين في افغانستان. وقال الكولونيل المتقاعد اندرو باسيفيتش، وهو خبير عسكري في جامعة بوسطن:"نحن في المراحل الأولى للأزمة وإذا لم تتم معالجتها ستؤدي الى انهيار القوات. ينبغي ان تكون على درجة كبيرة من السذاجة لتعتقد ان بإمكانك مواصلة اخضاع القوات لهذا المستوى من الضغط لفترة أطول كثيراً". وللمرة الأولى يخضع الجيش، وكل عناصره من المتطوعين، لاختبار حرب طويلة خلال السنوات الخمس الماضية. وانتهى العمل بنظام التجنيد عام 1973 ويعارض وزير الدفاع رونالد رامسفيلد استئناف العمل به. ويقول لورين طومسون، المحلل الدفاعي في معهد لكسينغتون، إن القوات البحرية هي السلاح الوحيد الذي يعد في حالة جيدة. ويضم الجيش الأميركي 1.42 مليون جندي عامل و830 ألف جندي احتياط ينضمون إلى الجيش لبعض الوقت. ويضيف:"تعاني القوات البرية أي الجيش ومشاة البحرية من ارهاق وحصار. كما أن اسطول طائرات القوات الجوية اصبح قديماً. انها الطائرات عتيقة". لكن المسؤولين في وزارة الدفاع يدافعون عن أحوال الجيش. ويقول الناطق باسمه برايان ويتمان:"نحن أمة في حالة حرب. القوات المسلحة لهذه الأمة على قدر المهمة المنوطة بها بل تؤدي مهماتها على نحو ممتاز". وأقل ما يقال ان الابقاء على مستويات القوات الحالية في العراق عند 141 ألف جندي و21 ألفاً في افغانستان يمثل ضغطاً على الجيش. فعلى سبيل المثال اضطر البنتاغون إلى تأجيل مغادرة لواءين مقاتلين قوام كل منهما أربعة آلاف جندي من العراق والاسراع بخطى نشر لواء ثالث. ومع الضغط المتزايد على قوات الجيش ومشاة البحرية اضطر البنتاغون لنقل آلاف العاملين في القوات البحرية والجوية إلى القوات البرية لتولي وظائف مثل قيادة الشاحنات وحراسة المعتقلين. ومصدر القلق الرئيسي لكبار الضباط، هو مدى قدرة القوات المسلحة على الاستجابة في حال اندلاع معارك في منطقة ساخنة اخرى مثل ايران أو كوريا الشمالية. ومع انغماس أعداد كبيرة من قوات الجيش ومشاة البحرية في العراقوافغانستان، ربما يتعين على القوات البحرية والجوية ان تتحمل العبء، وهذا ما يعني شن غارات جوية وحصاراً بحرياً بدلاً من توجيه قوات برية. وربما يصبح من الضروري إعلان تعبئة ضخمة لمئات الآلاف من الحرس الوطني وقوات الاحتياط، ولكن مثل هذا التحرك قد يلقى اعتراضاً من المجتمعات الاميركية، حيث سيتم سحب القوات التي تعمل لبعض الوقت من الحياة المدنية. وقد استعان البنتاغون بأعداد كبيرة منها بالفعل، وحتى العام الماضي كانت قوات الاحتياط تمثل 40 في المئة من القوات في العراق. واجبر الجيش 75 ألف جندي بينهم 11 ألفاً في الفترة الحالية على الاستمرار في الخدمة بعد انتهاء فترة تطوعهم. ويمكن اجبار بعض الجنود على البقاء في الجيش لفترة 18 شهراً اضافياً. وقد وصف منتقدون في الكونغرس هذه السياسة بأنها"تجنيد من الباب الخلفي".