"القسطل الكستناء يقطع القيء والغثيان، وينفع الأمعاء، ويقوي المعدة، ويدر البول، واذا أكثر من أكله طرد الدود وحب القرع، ومضرّته يولد الريح والنفخ". هذا ما قاله قديماً الطبيب العربي عبدالله بن البيطار المغربي. عرفت الكستناء منذ أمد بعيد، وهناك بلدان تدعي ان الكستناء نشأت عندها، الا ان التحريات التاريخية ترجح كفة وجودها الى آسيا الصغرى والبلدان الأوروبية حيث عثر العلماء على بصماتها فيها. لقد كانت الكستناء في ما مضى الغذاء الأساسي لشعوب كثيرة فقيرة كانت أم غنية، غير ان سطوع نجم البطاطا جعل الكستناء غذاء هامشياً يؤكل فقط في الأعياد والمناسبات، إما مشوياً أو كحلوى مثلجة. ان الكستناء غنية بالسعرات الحرارية التي تأتي في شكل خاص من السكاكر الموجودة فيها، فهي تعج بالنشاء الذي يعطي ثلي السكاكر، ويأتي سكر السكروز في المرتبة الثانية، ولكن هناك سكاكر أخرى توجد بكميات زهيدة منها الدكسترين والغلوكوز والفركتوز والرافينوز. وفي كل الأحوال فإن كمية السكاكر تتباين باختلاف المنطقة التي تنشأ فيها الكستناء. والى جانب السكريات تحتوي الكستناء على البروتينات التي تشكل الأحماض الأمينية الحرة نسبة لا بأس بها فيها، لكن هذه البروتينات ليست كاملة لغياب بعض الأحماض الأمينية منها، الا انها في المقابل تحتوي على حامض الليزين الذي لا يوجد في الحبوب، من هنا ينصح بإضافة الكستناء الى الحبوب ليصبح المردود الغذائي جيداً. واذا قارنا الكستناء مع الخضروات الأخرى نجد انها غنية بالمواد الدهنية، فكل 100 غرام منها تحتوي على غرامين من الأدهان، وتصل هذه الى 4 غرامات في الكستناء الجافة. وما يميز ادهان الكستناء انها من النوع الجيد، اذ ان ما يقرب الثلثين منها هي أدهان غير مشبعة تتألف من نسب متساوية من أحماض دهنية وحيدة عدم الإشباع وأحماض كثيرة عدم الإشباع. وكما هو معروف، فإن لهذه الأدهان مكانة مهمة على صعيد الصحة، خصوصاً القلب والأوعية الدموية، اذ انها تعمل على خفض مستوى الكوليسترول السيئ مانعة اياه من الالتصاق بباطن الشرايين فتظل هذه الأخيرة لينة مطواعة يجري فيها الدم بيسر. والى جانب السكريات والأدهان والبروتينات تحتوي الكستناء على الألياف، فكل مئة غرام منها تعطي خمسة غرامات ألياف، وهذه تتألف في الأساس من سكريات معقدة لا يمكن امتثالها، اضافة الى السيللوز الذي يشكل الطبقة الرقيقة البنية الملتصقة مباشرة بحبة الكستناء، وهي تزول بسهولة بمجرد سلقها أو شيها. والكستناء تحتوي على تشكيلة واسعة من المعادن التي قلما نجدها سوية في غذاء واحد. ويحتل معدن البوتاسيوم قصب الصدارة، تليه معادن أخرى مثل المغنيزيوم والكلس والكلور والكبريت والصوديوم والزنك واليود والنحاس والسيلينيوم. أما عن الفيتامينات، ففي الكستناء طائفة لا بأس بها منها، من بينها، الفيتامين E المضاد للأكسدة والمهم جداً لحماية الخلايا من فعل الجذور الكيماوية الحرة المدمرة. وهناك أيضاً الفيتامين ب1 الذي يساعد على استقلاب السكريات والدهن ويلعب دوراً في نقل الرسائل العصبية، والفيتامين ب3 الذي يسهم في انتاج الطاقة وفي صنع الأحماض الدهنية وبعض الهورمونات، والفيتامين ب5 الذي يدخل في تركيب معامل الأنزيم A الذي يشكل حلقة مهمة في التصدي للانتانات. والفيتامين ب6 الذي يشارك في استقلاب البروتينات وفي صنع كريات الدم الحمر وفي انتاج مضادات الأجسام المناعية. والفيتامين ب9 المهم لصنع المادة الوراثية وخضاب الدم الهيموغلوبين. والكستناء تحتوي على الفيتامين ث المضاد للأكسدة والتعب، والحليف القوي للجسم ضد الالتهابات الميكروبية والسرطان. ان الكستناء الطازجة غنية بالفيتامين ث عند قطافها، أي تحتوي على 50 مليغراماً لكل 100 غرام، لكن هذه الكمية تنحدر تدريجاً كلما مر الوقت عليها، ومع ذلك فإن كميته تبقى معقولة، والسبب يعود الى القشرة السميكة التي تعمل على حماية لب الكستناء ومحتوياتها من عاديات الزمن.