عزّت عليّ أمور كثيرة خلال سنين عمري الثلاث والثلاثين، بدءاً بلعبة الدبّ الطيّبة العناق، مروراً بلعب السيّارات والكتب واسطوانات الموسيقى وغيرها من الأغراض. وتنقّلي من منزل الى آخر، لم يترك لي مجالاً للاحتفاظ بكثير من الأشياء التي أحب، وحرمني من الاستقرار، إلاّ أن تعلّقي بألعاب وأمور كثيرة بقي يزداد مع التقدّم في العمر، على رغم تغير العديد من الأحداث. موت والديّ المبكر والمفاجئ، نقلني وأخي إلى مدرسة داخلية تبعد آلاف الكيلومترات، عن منزلي العائلي. وبعد سنوات، فتحت بيتاً لي ولزوجتي التي رُزقت منها بطفلين، باتا الأهم في حياتي. لكن"حياتي العائلية"لم تستمر طويلاً، وانفصالي عن زوجتي، ردّني إلى منزل"عزوبية"لم أحيها مدّة طويلة في مراهقتي. واليوم أسكن شقّة عازب، بعيدة من موطني وطفليّ و"بيتي". انسلاخي الأخير عن وضع"مستقر"، لم يؤثّر بي كثيراً. فقد اعتدّت التنقّل، وزاد من غربتي شعوري بفقدان من أحب. وتكوين عائلة في الثالثة والعشرين، كان ردّ فعل على اشتياقي إلى والديّ، وحبّي لهما. وإنجابي أطفالاً في سنّ مبكّرة، كان تعويضاً لخسارتي لهما. واليوم بُعد طفليّ وأصدقائي عنّي يعمّق نقصاً كبيراً لا يمكن تعويضه بأي شيء آخر. خساراتي المتتالية، كرّست تعلّقي ببعض الأشياء، طالما أني أستطيع نقلها معي من مكان إلى آخر. ومع ذلك، علّمتني هذه التنقلات تقدير بعض الأمور. وبقيت بعض الثوابت، في حياتي، كالموسيقى والأصدقاء والذكريات و"السيّارة"بصرف النظر عن مدى أهميتها. لقد رُبيت على الموسيقى. وطالما اعتبرت أنها تساعدني على معالجة مسائل الحياة. تهدئني حين أغضب، وتواسيني عندما أشعر بالوحدة. كانت الموسيقى ولا تزال تشكّل منهلاً لي للتعرّف على العوالم الأخرى. علاقتي بالموسيقى متقدّمة جداً، إلى درجة أنني أعجز عن العيش من دون ألحان ونغمات. وعملت على نقل حبّي للموسيقى، وشغفي بما تشعرني به، إلى طفلَيّ 6 و8 سنوات، وأنا أشعر بالفخر عندما ألمس حبّهما لها، لا سيما أنهما يستمعان إلى أنواع الموسيقى التي أحبّها أنا. اضطراري للانتقال من منزل إلى آخر، قضى على جزء من هواياتي، إذ أني خسرت كمّاً كبيراً من مكتبتي الموسيقية، التي كانت تحتوي اسطوانات كثيرة مهمة. خسارة يصعب تعويضها إلى حدٍّ ما، والمؤلم أن خسارتها جاءت عبر تدميرها أثناء خلافات عائلية. وما لا شك فيه، أن أسهل ما استطعت الحفاظ عليه من منزل إلى آخر، ومن بلد إلى آخر، هو ذكريات كل ما مررت به، والأماكن التي زرتها، ورفاق الدراسة، والرحلات مع الأصدقاء والخبريات من هنا وهناك. وأنا أكبت بعض ما يعلق في ذهني من هذه الذكريات في محاولة لتخفيف ألم خسارتها. لكنّ السيّارة مسألة أخرى. فمنذ نعومة أظفاري، وقعت في"غرام"السيّارات الرياضية، وخصوصاً سيّارة"فورد مستانغ". وفي صغري، كانت لديّ أنواع كثيرة منها، وبأحجام وألوان مختلفة. وشغفي بهذا النوع من السيارات لم يخفت أبداً. فاليوم، أقود سيّارة من الطراز نفسه،"ماستنغ"، التي لازمتني في طفولتي. وأشعر أحياناً، أني سأُبقي، دائماً، على السيارة نفسها. باختصار، شغفي بقي واحداً. لكن الفارق الوحيد بين لعبة الرجال ولعبة الفتيان ينحصر في..."ثمنها"!