كشف تقرير صحافي أميركي أمس، أن الولاياتالمتحدة ستقدم إلى الحكومة العراقية برنامجاً زمنياً لمعالجة أعمال العنف المذهبية والوضع الأمني وستهدد بعقوبات ما لم ينفذ. جاء ذلك في حين انتقد ديبلوماسي أميركي رفيع المستوى الإدارة الأميركية معتبراً أنها أبدت"غطرسة"و"غباء"في العراق وعليها أن تظهر أكثر تواضعاً في استراتيجيتها في هذا البلد، والتي تميزت"بكثير من الأخطاء". وقال ألبرتو فرنانديز مدير مكتب شؤون الشرق الاوسط في الخارجية الاميركية لقناة"الجزيرة"القطرية أول من أمس:"حاولنا القيام بكل ما في وسعنا في العراق، لكني أعتقد بأن هناك انتقادات قوية لأنه حصلت - بلا شك - غطرسة وغباء في استراتيجية الولاياتالمتحدة في العراق". وأضاف"كان ينبغي أن نكون أكثر تواضعاً في شأن العراق. ومما لا شك فيه، وكما أقرت الولاياتالمتحدة، ارتكب كثير من الاخطاء في السياسة الخارجية الاميركية في العراق". واعتبر فرنانديز الذي تحدث بالعربية أن الولاياتالمتحدة منفتحة على محادثات في خصوص مستقبل العراق"مع الذين يقلقون على العراق"لوضع حد لأعمال العنف في هذا البلد. وقال أيضاً"اننا منفتحون على الحوار. نعتقد جميعاً بأن الحل في العراق مرتبط في نهاية المطاف بمصالحة وطنية عراقية فعلية". واضاف أن"علينا جميعاً، نحن الذين نقلق حيال العراق أن نجلس حول طاولة للمناقشة واقامة الحوار". ومن موسكو، رد الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك على تصريحات فرنانديز مرجحاً أن يكون"التصريح كما نُقل، غير صحيح". كما قال مسؤول أميركي رفض كشف اسمه إن ما صرح به فرنانديز لا يعبر"عن سياستنا". وعلى صعيد متصل، نقلت صحيفة"نيويورك تايمز"عن مسؤولين اميركيين كبار ان تفاصيل البرنامج الذي سيقدم الى رئيس الحكومة نوري المالكي قبل انتهاء السنة الجارية، ما زالت قيد الاعداد. وأوضح هؤلاء المسؤولون أن البرنامج يتضمن للمرة الاولى مطالب محددة على الحكومة العراقية تنفيذها مثل نزع اسلحة الميليشيات الطائفية نقاطاً سياسية واقتصادية عسكرية يُفترض أن تؤدي الى احلال الاستقرار في هذا البلد. وتابعت الصحيفة أن البرنامج لا يتضمن تهديداً لحكومة المالكي بسحب القوات الاميركية من العراق، لكن مسؤولين قالوا إن ادارة الرئيس جورج بوش يمكن أن تدرس تغييرات في استراتيجيتها العسكرية وعقوبات أخرى اذا عجز العراق عن تبني البرنامج أو فشل في تنفيذ النقاط الواردة فيه. وقال مسؤول في وزارة الدفاع الاميركية البنتاغون يشارك في وضع البرنامج انه تمت مشاورة المسؤولين العراقيين اثناء وضع هذه الخطة الاساسية وسيدعون الى توقيعه قبل نهاية العام الجاري. ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي قوله:"اذا فشل العراقيون في تحقيق ذلك، سيكون علينا اعادة النظر"في الاستراتيجية الاميركية في العراق. ويتولى اعداد هذا البرنامج الجنرال جورج كيسي والسفير زلماي خليل زاد، اللذان يحتلان اعلى منصبين أميركيين عسكري ومدني في العراق، الى جانب مسؤولين في البنتاغون. ونقلت الصحيفة عن أحد هؤلاء المسؤولين قوله:"نحاول ايجاد السبل لدفع العراقيين للبحث عن حلول ودفعهم للتحرك لأن الوقت يدنو"، مؤكداً أن الاميركيين"لا يستطيعون البقاء هناك الى الابد". وتابعت أن الادارة الاميركية تجنبت حتى الآن التهديد بمهل لتحقيق تقدم في العراق، معتبرة أن الوضع على الأرض يمكن أن يحدد السرعة التي يمكن للعراق أن يتولى فيها مسؤولية أكبر لحكم البلاد، والتي يمكن فيها للقوات الاميركية الانسحاب. وتقرب هذه الخطة أيضاً الادارة من فكرة يطالب بها عدد كبير من الديموقراطيين الذين دعوا الى تحديد موعد لبدء انسحاب تدريجي للقوات الاميركية من العراق لدفع الحكومة العراقية الى حل الانقسامات الداخلية وتسليمها مزيداً من المسؤوليات. وفي هذا السياق، تركز مشاورات الرئيس الأميركي جورج بوش مع القادة العسكريين الأميركيين ومستشاريه الأمنيين، على سبل مواجهة التدهور الخطير في الوضع الأمني في العراق، والذي بات يشكل ضغطاً من أجل تغيير. وقالت الناطقة باسم البيت الابيض نيكولا غيومار إن هذا المجلس الحربي استمر تسعين دقيقة، لكنها لم تشر الى أي قرارات محددة. وأضافت أن المشاورات تناولت"طبيعة العدو والتحديات في العراق وأفضل الوسائل لتطبيق استراتيجيتنا والرهانات لتحقيق النجاح من أجل المنطقة وأمن الاميركيين". وأوضحت أن هذه المشاورات جزء من عملية"تشاور منتظمة"وتشكل الثالثة من نوعها، مشيرة الى أن بوش يعتزم عقد اجتماع مماثل خلال الأسابيع المقبلة. وتجري هذه المشاورات فيما يشهد العراق تصاعداً في أعمال القتل وتحدياً أكبر من جانب الميليشيات الشيعية لسلطة الحكومة المركزية، وسجل الجيش الأميركي أكبر عدد من الخسائر في صفوفه خلال شهر واحد منذ غزوه هذا البلد في آذار مارس 2003. كما تأتي قبل أسبوعين من الانتخابات التشريعية الاميركية التي ستجري في السابع من تشرين الثاني نوفمبر المقبل ويشكل العراق فيها قضية اساسية. وعلى رغم الضغوط التي يمارسها أعضاء حزبه، رفض بوش أول من أمس أي تغيير أساسي في الاستراتيجية وانسحاباً مبكراً من العراق وفضل الحديث عن"تعديلات"تكتيكية. وقال في خطابه الأسبوعي إن"هدفنا في العراق واضح وثابت: إنه تحقيق النصر. ما يتغير هو التكتيك الذي نستخدمه لتحقيق هذا الهدف". وأضاف أن"هناك شيئاً واحداً لن نفعله: لن نسحب قواتنا من ميدان القتال قبل انجاز مهمتنا". وتحدث بوش عن"تعديلات"تكتيكية خلال اجتماعه مع قائد القوة المتعددة الجنسية في العراق الجنرال جورج كيسي وقائد القوات الاميركية في المنطقة الجنرال جون أبي زيد، ورئيس اركان الجيوش الأميركية الجنرال بيتر بايس. كما حضر الاجتماع وزير الدفاع دونالد رامسفيلد ونائب الرئيس الاميركي ديك تشيني والسفير الاميركي في بغداد زلماي خليل زاد ومستشار الرئيس للامن القومي ستيفان هادلي ونائبه جاك كروش الثاني. وشارك كيسي وخليل زاد في الاجتماع عبر الدائرة المغلقة من بغداد. يذكر أن بين الحلول المطروحة من دون إجراء تغييرات كبرى، مراجعة خطة إحلال الأمن في بغداد التي يدرسها الجيش الأميركي حالياً. وكانت صحيفة"ذي غارديان"البريطانية ذكرت أول من أمس أن لندن وواشنطن تدرسان ثمانية خيارات لتجاوز المأزق العراقي بدءاً بانسحاب قوات التحالف وانتهاء بتعزيزها، مروراً بإشراك سورية وايران في ايجاد حل والرغبة في استبدال رئيس الوزراء نوري المالكي.