تعيش في الاغتراب الكندي شريحة كبيرة من الفتيات المسلمات بعضهن ممن وفدن اليه يافعات وبعضهن الآخر ممن ولدن فيه وترعرعن في كنفه ونشأن على ثقافته وتقاليده وتعلمن في مدارسه وجامعاته واصبحن بالتالي جزءاً لا يتجزأ من المجتمع المضيف علماً أن بعضهن ما زلن يحافظن على عقائدهن وتقاليدهن والتزامهن بالمظهر الإسلامي من حجاب أو نقاب أو برقع، الأمر الذي وضعهن أمام تحديات كثيرة. ومع ان شرعة حقوق الإنسان في كندا تحظر أي نوع من أنواع التمييز بين المواطنين الا ان الزي الإسلامي ما زال غير مألوف ويقابل غالباً بالارتياب والحذر والممانعة، فالفتيات المحجبات يوضعن في حقل الغام ليس من اليسير اختراقه بغية الوصول الى المؤسسات التعليمية والوظائف العامة واسواق العمل. فمنذ اكثر من عقد، وتحديداً منذ عام 1995، فصلت ادارات بعض المدارس الابتدائية والثانوية في مونتريال العديد من الطالبات المسلمات بسبب اصرارهن على ارتداء الحجاب الأمر الذي احدث حينها شرخاً كبيراً في المجتمع الكيبكي بين مؤيد لحرية التعبير الدينية لجان حقوق الإنسان وبين معارض العلمانيون وظلت هذه المسألة تتفاعل سلباً وايجاباً الى ان انتهت بأن سمح للطالبات المسلمات بارتداء حجاب الرأس دون غيره من الأزياء الإسلامية وخصصت لهن قاعة لاداء الصلاة وتم اعفاؤهن من ارتداء"مايو"السباحة او"شرط"الرياضة في ساعات التربية البدنية. أما في الجامعات فالأمر مختلف كلياً. تقول شامة ناد طالبة سعودية 26 عاماً قسم الاقتصاد في جامعة كونكورديا وترتدي النقاب:"لا حظر على أي زي إسلامي ولا أي قيد على حرياتنا الشخصية فنحن نمارس الشعائر الدينية ونقوم بأداء الصلوات الخمس يومياً وصلاة العيدين في المسجد المخصص للنساء في الجامعة ونحضر مآدب الإفطار في شهر رمضان ونعقد حلقات الإرشاد والتوجيه مع زميلاتنا الكنديات وننظم المحاضرات في المناسبات الإسلامية ونشكل الجناح النسوي النشط من الحركة الطالبية في الجامعات الكندية". وخلافاً لهذا التسامح الذي تبديه المؤسسات التعليمية في كندا حيال الفتيات المحجبات فإن باب العمل ما زال موصداً أمامهن الى حد بعيد مع بعض الاستثناءات في هذا القطاع أو ذاك. فالتمييز العنصري القائم على خلفية الحجاب يحول دون وصول العديد من حملة الكفاءات العلمية والمهنية العالية الى المناصب التي يرغبن بها علماً ان لجان حقوق الانسان الكندية تنشر بين الحين والآخر العديد من الشكاوى على صفحات الجرائد. وفي هذا الإطار تشير"ستاتستيك كندا"الى ان الاعوام التي اعقبت احداث 11 ايلول سبتمبر سجلت أعلى نسبة بطالة تصل الى حدود 23،7 في المئة في صفوف المحجبات اي ما يوازي ثلاثة أضعاف أقرانهن الكنديات. وتقول خديجة منيب مسؤولة عن برنامج الاستخدام والتوظيف في بعض المعامل:"أرسلت عام 2004 نحو 60 طلباً رفض منها 20 تخص فتيات محجبات علماً انهن يستوفين شروط العمل كلها"ومنعاً لتكرار مثل هذه الحالة كشفت خديجة ان أصحاب العمل طلبوا اليها"عدم إرسال البطاقة الذاتية العائدة للمحجبات او لأي اسم مثل فاطمة او خديجة او محمد". والواقع ان فرص العمل أمام المحجبات ما زالت ضئيلة جداً اذ قلما يلاحظ وجودهن في الوظائف العامة اوفي كوادرالمؤسسات التجارية والسياحية والخدماتية أو في المناصب التعليمية الرفيعة. وجل ما يحظين به لا يتعدى العمل في بعض المراكز التجارية أو معامل النسيج أو استخدامهن كأيد عاملة غير فنية. لكن في المقابل استعانت بعض المراكز التجارية بالاعلانات لتوظيف الشابات المسلمات كالقول"أهلاً وسهلاً بالمحجبات". فعلى سبيل المثال تعمل في أحد المراكز التجارية الكبرى في منطقة سان لوران ذات غالبية عربية ومسلمة نحو 15 محجبة. وتقول لميا ايب باكستانية 19 سنة التي تعمل هناك:"تمنحنا المؤسسة بعض الاستثناءات كالسماح بارتداء القمصان والسراويل الطويلة واقامة الصلاة وتناول الإفطار في رمضان". واجرت مؤسسة"ايكوس"في الفترة بين 12 وپ19 أيلول سبتمبر 2006 استطلاعا عن التحديات التي تواجه المسلمات في العمل والتعليم والاندماج. وشمل 1004 اشخاص في المقاطعات الانغلوفونية والفرانكوفونية على السواء. وجاء في الاستطلاع ان 25 في المئة من المستطلعين الانغلوفون يعارضون قيام معلمة مسلمة سواء كانت محجبة أم غير محجبة بتدريس أبنائهم في حين ان نسبة المعارضين في كيبك الفرنسية بلغت 54 في المئة.