تعيش في الاغتراب الكندي شريحة كبيرة من النساء والفتيات المسلمات اللواتي يتأرجحن بين الاستجابة والممانعة لاستحقاقات التأقلم. فالمرأة المتعلمة المسلمة، قد لا تجد صعوبة في التعايش والتعامل مع المجتمع الجديد، إذ ان ما تملكه من رصيد علمي أو لغوي أو مهني يمكن ان يسهل لها امكان التواصل مع الآخرين. عن هذه الاستحقاقات تتحدث ديانا زين لبنانية، 27 سنة، متخصصة في علم الصيدلة، لم يمض على وجودها في مونتريال اكثر من ستة اشهر، تعمل حالياً في مجال تسويق الادوية - ماركتنغ فتقول: "لقد ترددت كثيراً في المجيء الى كندا لما كنت اسمعه من ازمة البطالة فيها وتضاؤل فرص العمل امام الشباب المتعلمين. الا انني، وربما، كنت من المحظوظات وجدت عملاً في مجال اختصاصي. وأنا سعيدة جداً وأشعر كأنني مواطنة كندية". أما المرأة التي لا تملك الا نزراً قليلاً من العلم والمعرفة او شبه الامية، فهي الاكثر شعوراً بالمعاناة والغربة، وهذه هي حال فاطيم سعيداتي سورية، 52 عاماًً، مقيمة في مونتريال منذ اكثر من عشر سنوات - ام لأربعة اولاد التي تفرج عن بعض ما ينتابها من غصة الاغتراب فتقول: "إنني الى الآن لم احصل على رخصة لقيادة السيارات لأن الامتحان يجري باللغة الفرنسية وأنا لا اعرف منها سوى بعض الكلمات والعبارات، الامر الذي جعلني مضطرة للبقاء في المنزل". وفي ما عنى الجيل الناشئ من الشابات المسلمات سواء اللواتي ولدن في كندا او اللواتي وفدن اليها رضّعاً ويافعات، فهؤلاء كبرن وترعرعن فيها وتعلمن في مدارسها وجامعاتها وأجدن النطق بألسنتها الفرنسية والانكليزية واكتسبن عادات ابنائها وتقاليدهم وتحصن بأنظمتها وقوانيها. الا ان هذه الفئة تنقسم الى شريحتين، سافرات ومحجبات، لا تفصل بينهما أي فوارق تذكر سوى المظهر الذي يتجسد في الزي او "الفولار" الاسلامي. السافرات مثلاً لا يواجهن أي مشكلة. فهن تماماً كأبناء البلاد في معظم ما يمت بصلة الى عاداتهم وتقاليدهم وتصرفاتهم. وفرص العمل متاحة امامهن من دون قيود او معوقات. ومنهن من يشغلن مناصب مختلفة في الادارات العامة وفي مرافق التعليم والاعلام والخدمات ومنهن من اصحاب المهن الحرة طبيبات وصيادلة ومحاميات، حتى ان البعض وصل الى سدة البرلمان هدى بابان، مغربية، عن حزب الليبرال الكيبكي. تقول منى صيداني لبنانية، 23 عاماً، بكالوريا ادارة اعمال وبنوك تعمل حالياً في احد مصارف مونتريال انها منذ ان تخرجت في الجامعة لم تجد صعوبة في الحصول على وظيفة، "فشهادتي وكفايتي وخبرتي هي التي اوصلتني الى هذا العمل. ولم ألاحظ اي نوع من التمييز العنصري او الديني على رغم ان ملامحي عربية". أما الفتيات المحجبات اللواتي لا يقل مستواهن عن زميلاتهن السافرات علماً وكفاية ولغة ومهارات، فيعتبر مجرد ارتدائهن الحجاب معوقاً لاستخدامهن، علماً ان نظام العمالة الكندي محصن بشرعة حقوق الانسان ويحظر اي نوع من انواع التفرقة تحت طائلة القانون. ومع كل هذا، تشهد الكليات الجامعية حضوراً لافتاً للطالبات المحجبات وبعضهن يرتدي "الفولار" الاسلامي او النقاب ويمارسن فرائض العبادة والصوم في شهر رمضان المبارك والاحتفال بالمناسبات الدينية.