تزدهر بورصة الإشاعات في الفترات التي تسبق نشر النتائج الفصلية، سواء كانت ربعية أو سنوية. وهذا ما نلاحظه خلال هذه الأيام، اذ بدأت الشركات المساهمة العامة المدرجة في الأسواق المالية في الإفصاح عن بياناتها المالية، عن لربع الثالث من العام الحالي. تهدف معظم هذه الإشاعات إلى التأثير في قناعات المستثمرين في الأسواق، من دون الالتفات إلى معطيات ذات تأثير أكبر. والأكثر تأثراً بهذه الإشاعات، هم المستثمرون الصغار من ذوي الخبرة المحدودة والوعي الاستثماري الضعيف. وترمي الإشاعات عادة، إما إلى خلق طلب مصطنع أو عرض مصطنع على أسهم بعض الشركات، وبالتالي رفع أسعار أسهمها أو خفضها من دون وجود مبررات منطقية. وتخدم هذه الإشاعات عادة مصالح مروّجيها، لجهة تحقيق مكاسب رأسمالية سريعة. ويكون المضاربون الكبار في الأسواق المالية وراء هذه الإشاعات، في ظل سيطرتهم على حركة عدد من الأسواق الخليجية والعربية. ولاحظت في الأيام القليلة الماضية عمليات بيع أسهم بعض الشركات المساهمة العامة المدرجة في سوق الإمارات، ومن دون مبررات منطقية، بتأثير إشاعات يروجها بعض المضاربين، تتحدث عن قرب تعرض السوق لموجة تصحيح جديدة. اذ يقوم هؤلاء المضاربون بتجميع أسهم هذه الشركات عند مستويات سعرية مخفوضة، ثم يبيعونها بأسعار مرتفعة. والتصدي لهذه الإشاعات ومحاربتها من مسؤولية الجهات الرقابية في الأسواق المالية، نظراً الى الكلفة الباهظة التي يدفعها المستثمرون الصغار ثمناً لهذه التصرفات. وليس منطقياً تجاهل هذه الإشاعات، التي باتت تلعب دور صانع السوق في فترات زمنية عدة، سواء أوقات الانتعاش أو أوقات كساد الأسواق، في ظل اتساع قاعدة المضاربين في معظم الأسواق الخليجية والعربية، إضافة إلى أهمية معاقبة المروجين مخالفتهم قوانين هيئات الأوراق المالية وأنظمتها وتعليماتها، على اعتبار أن الهدف منها تضليل المستثمرين. وتصنف الإشاعات بالتالي تحت الممارسات غير الأخلاقية. لا بد من الإشارة إلى أن الإسراع في عملية الإفصاح عن البيانات المالية، يساهم في انحسار هذه الظاهرة السلبية في الأسواق العربية، وفي عدم استفادة بعض المطلعين، سواء كانوا أعضاء مجالس إدارات الشركات أو مديرين تنفيذيين، من المعلومات الجوهرية المتوافرة لديهم عن أداء الشركات. ومعلوم أن كفاءة الأسواق المالية وصدقيتها ورفع مستوى الثقة فيها والتزامها المعايير الدولية للإفصاح، يفرض عليها اعطاء المعلومات بعدالة، وتكافؤ الفرص في توافرها لمختلف شرائح المستثمرين. وتفرض معايير الإفصاح العالمية على الشركات المدرجة، الإفصاح الكامل والدقيق عن المعلومات المالية والتوقيت المناسب، التي تساعد المستثمرين في اتخاذ قراراتهم الاستثمارية بناء على معلومات حقيقية وبالتالي مساعدتهم على احتساب السعر العادل لأسهم الشركات المدرجة. والسوق المالية التي تتمتع بكفاءة عالية، هي السوق التي تتحدد فيها أسعار الأوراق المالية من خلال التقدير الجيد لقيمتها الاستثمارية. فيما السوق الضعيفة الكفاءة هي التي يكون فيها الفرق بين سعر الأوراق المالية في السوق وقيمتها الاستثمارية جوهرية. ويشكل توافر المعلومات ومستوى جودتها أساس كفاءة الأسواق المالية، التي تساعد المستثمرين على تقدير السعر المناسب للأوراق المالية وزيادة الشفافية. ويساهم توفير تفاصيل المعلومات المالية الفورية للمستثمرين في الأوراق المالية في ترشيد قراراتهم الاستثمارية، نظراً الى اعتمادهم على معلومات مهمة، اضافة إلى أهمية دقة المعلومات المفصح عنها وصحتها وصدقيتها، بحيث لا تكون مضللة من جهة، وغير مبالغ فيها من جهة أخرى. وتكون قابلة للمقارنة بالمعلومات الأخرى، بما يؤدي في النهاية إلى سلامة الحكم على جدوى الاستثمار في أسهم أي شركة مدرجة. * مستشار بنك أبوظبي الوطني.