على الاتراك الاحتفاظ بصحف الاسبوع المنصرم. فهي توثق فرحنا بفوز اورهان باموك بجائزة نوبل العالمية الاوروبية، وصدمتنا وحسرتنا من البرلمان الفرنسي ومشروع قانونه الجديد عن الارمن. والحق أننا نجتاز مرحلة غريبة من التاريخ. فقطار الاتحاد الاوروبي، ونحن ركبناه بحماسة كبيرة، خرج عن مساره وجرحنا. وجروح الاتراك كبيرة، وهم يبحثون عن أول قطار يعود بهم الى الاتجاه المعاكس، أي الى ما قبل نقطة الانطلاق. وأمضينا أكثر من نصف قرن في تمجيد الغرب وأوروبا، وكانت هذه القارة مدينة أحلامنا. فتعلمنا لغات هذه القارة، واستمعنا الى موسيقاها، واشترينا ثيابها وجارينا موضتها كي نشبه أهلها. واستعضنا عن حروف لغتنا بالحروف اللاتينية، واعتمرنا القبعات الأوروبية واستوردنا دساتير قارة الاحلام. وفاق إيماننا بالحلم الاوروبي أحلام الاوروبيين أنفسهم. وأما الآن فحلت مشاعر الحبيب المزدري محل الاعجاب والحب. ولا شك في أننا نعيش خيبة امل لا يعرفها إلا العشاق. فمحبوبة قلوبنا تحتقرنا، وتقول لنا اننا لا نليق بها. ولكننا لا ندرك ان مبالغتنا، اليوم، في الرد على أوروبا تساوي مبالغتنا في حبها ورغبتنا في الانتساب اليها. وعلى الاتراك الاقرار بمساوئ الافراط في التفاؤل والامل ومساوئ المبالغة في التشاؤم. فالحب والموت من العشق خطأ، على ما هو الكره الاعمى. ولا ريب في أن الكاتب التركي اورهان باموك نجح في التعبير عن واقع تركيا. ولعل القائمين على جائزة نوبل قصدوا بقولهم"شق باموك سبلاً جديدة للحوار بين الحضارات"أنه باموك صور حب الأتراك الاعمى لأوروبا. وكان اورهان باموك سباقاً الى التعبير عن تغير صورة الاتحاد الاوروبي في المجتمع التركي عن صورته التاريخية. هو خير من وصف حال الانتظار المديد على أبواب سفارات الاتحاد الاوروبي، وأفضل من صور الوقوف على عتبة الاتحاد الاوروبي، ونشوء جدار فاصل بين أوروبا والشرق. عن جان دوندار ، "مللييت"، 14 / 10 / 2006