خنع الرئيس الاسرائيلي موشيه كتساف للضغوط الهائلة التي مارسها عليه نواب في الكنيست واعلاميون بارزون لجهة عدم مشاركته في الجلسة الاحتفالية للكنيست مساء امس في مناسبة افتتاح الدورة الشتوية، وابلغ رئيسة الكنيست داليا ايتسيك اعتذاره عن عدم الحضور"نظرا للظروف الحالية"، متفهماً الأصداء الواسعة التي خلفتها توصيات الشرطة الاسرائيلية للمستشار القضائي للحكومة مناحيم مزوز بتقديمه للمحاكمة بتهم جنائية كثيرة، ابرزها اغتصاب نساء عملن تحت إمرته وارتكاب اعمال شائنة أخرى. وكان عدد من النواب طالب كتساف بعدم حضور حفلة افتتاح الدورة الشتوية للكنيست، وهدد بمغادرة القاعة في حال فعل ذلك، او عدم الوقوف لتحية الرئيس كما جرت العادة. ووجه عدد من الاعلاميين البارزين نداء مماثلا الى كتساف"لتفادي المزيد من تحقير مؤسسة الرئاسة"، كما كتب أحدهم. واصدر مكتب كتساف بياناً الى وسائل الاعلام جاء فيه ان"الرئيس فوجىء وصدم بتوصيات الشرطة... وانه ضحية مؤامرة وسيتبين عاجلا ام آجلا كذب الادعاءات". الا ان غالبية الاسرائيليين تميل، وفقاً لاستطلاعات الرأي الأخيرة، الى تصديق رواية الفتيات المشتكيات بأنهن تعرضن الى التحرش الجنسي والاغتصاب. من جهته، اعلن احد محامي الرئيس انه لن يكون بد امام الأخير من الاستقالة في حال قرر المستشار القضائي تقديم لائحة اتهام ضده، مشيراً الى ان التوصيات لا تشكل ادانة للرئيس وانها غير ملزمة، بل ينبغي الانتظار اسبوعين الى حين يعلن المستشار القضائي موقفه النهائي. في غضون ذلك، ازدادت الأصوات التي تطالب كتساف بالتنحي او على الأقل تعليق مهماته الى حين يبت المستشار في ملفه، معتبرين بقاءه في منصبه تحقيراً لمؤسسة الرئاسة التي يعتبرها الاسرائيليون رمزاً منزّهاً عن العيب وعن الفساد المستشري في اوساط عدد كبير من السياسيين. ونقلت الاذاعة العبرية عن مسؤولين في وزارة العدل رفض الوزارة عقد صفقة مع الرئيس تقضي بتنحيه مقابل عدم تقديمه للقضاء. واشارت المصادر القضائية الى ان القانون يفرض على مرتكبي المخالفات المنسوبة الى الرئيس عقوبات بالسجن الفعلي لفترات تتراوح بين 3 ثلاث سنوات و16 سنة. وافاد مصدر مطلع على تلخيصات الشرطة انه"لو كان الرئيس يعرف ما أعرفه وما تم جمعه من قرائن دامغة لجنّب نفسه والرأي العام في اسرائيل مزيداً من الاحراج واستقال". ووفقا للتوصيات التي قدمها طاقم التحقيق في الشرطة مع الرئيس الاسرائيلي في اعقاب تحقيقات استمرت ثلاثة أشهر، فإن كتساف مشتبه بارتكاب المخالفات التالية: - الاغتصاب، والقيام بأعمال شائنة بالقوة، وأعمال شائنة من دون موافقة الطرف الآخر، والحصول على اشياء بالتحايل، والتحايل وخيانة الثقة، والتنصت السري، وملاحقة شاهد، وعرقلة عمل القضاء، علماً ان التحقيق في الشبهتين الأخيرتين لم ينته بعد. ووفقا لصحيفة"يديعوت أحرونوت"، فإن الافادات الأعنف ضد الرئيس جاءت من سكرتيرته السابقة عندما كان وزيراً للسياحة قبل نحو 15 عاما والتي اعتبرتها الشرطة افادة موثوقة وصادقة تضمنت تفصيلا دقيقا عن قيام كتساف باغتصابها"بالقوة وبعنف"في اكثر من مرة. وبموجب القانون الاسرائيلي، فان توصيات الشرطة لا تلزم المستشار القضائي قبولها. كما ينص القانون على انه لا تجوز محاكمة الرئيس خلال ولايته، لكن ذلك لا يمنع تقديمه للقضاء بعد نهاية ولايته او في حال استقالته او اقالته. اما اجراءات الاقالة، فلا تخلو من التعقيد، اذ يتحتم اولاً جمع تواقيع 20 نائباً لانعقاد لجنة برلمانية خاصة للبحث في الطلب والاستماع الى الرئيس او من يمثله، ثم تتطلب موافقة 75 في المئة من أعضائها على الطلب لاحالته على الهيئة العامة للكنيست التي يمكنها ان تطيح الرئيس بغالبية كبيرة من 90 نائبا من مجموع 120. واعلنت النائب زهافة غالؤون ميرتس امس انها ستبادر الى اجراءات الاطاحة اذا اصر كتساف على عدم التنحي. يذكر ان كتساف، الايراني المولد، تسلم منصبه الحالي في صيف العام 2000 عندما رشحه حزب"ليكود"الذي ترعرع فيه، مرشحاً منافساً لعجوز الديبلوماسية الاسرائيلية شمعون بيريز الذي بدا فوزه مضمونا. الا ان كتساف نجح، ويقال بأصوات نواب عرب من"القائمة العربية الموحدة"، بتسجيل مفاجأة من النوع الثقيل، اذ اعتبر حتى ذلك الحين شخصية مغمورة من الصف الثاني او الثالث في"ليكود". ويرى مراقبون الى ان كتساف المقبل من احدى بلدات التطوير الفقيرة قد يكون انبهر بالمقام الذي وصل اليه وأساء استغلال صلاحياته بشكل ألحَقَ مساساً كبيرا بالموقع الرمزي الأول في اسرائيل.