تعيش المدن الفرنسية على امتداد ثلاثة أيام، بين الثالث عشر والخامس عشر من تشرين الأول أكتوبر الجاري، عرس القراءة السنوي الذي يحتفل هذا العام بعيده الثامن عشر، عبر كم هائل من النشاطات يبلغ 4000 نشاط مبرمج. وتركز احتفالات القراءة هذه السنة على محورين أساسيين هما"ليلية الكتابة"التي ستتميز بلقاءات ومناقشات مع الكتاب والأدباء حول نتاجهم، مع قراءات وحفلات توقيع ولقاءات مع الجمهور. أما المحور الثاني فعنوانه"مدينة وكتاب"ويرمي إلى إلقاء الضوء على التراث الأدبي من خلال المدن التي شكلت مسرحاً لكتابات الأدباء والكتاب من أمثال مارسيل بروست وعلاقته بمدن البندقية وباريس وكابور، وفرانز كافكا ومدنه: براغ، وباريس ونيويورك. وتعدّ هذه التظاهرة بمثابة دعوة الى إعادة اكتشاف هذه المدن التي كانت محلّ إيحاء للأدباء. وفي المناسبة ستكون المدن الفرنسية بمكتباتها ومراكزها الثقافية ومسارحها وأسواقها وشوارعها ومستشفياتها، وحتى سجونها، مسرحاً مفتوحاً للتمتع بالقراءة وكنوز الكتب. وسترافق ذلك نشاطات فنية متنوعة كالمعارض والمسرحيات والأفلام، وحفلات للغناء والرقص. ليلة 13 تشرين الأول، ستكون ليلة خاصة بالشعر، وذلك في مسرح"الملكة البيضاء"في باريس، حيث سيقدم الشاعران جاك روبو واندريه فلتير أمسية شعرية بمشاركة مجموعة من الشعراء الفرنسيين، وتتواصل الأمسية من السابعة مساء إلى منتصف الليل ومن دون انقطاع. للأدب والكتابات العربية حضور قوي هذا العام منها لقاء في"معهد العالم العربي"مع الكاتب السعودي أحمد أبو دهمان حول كتابه"الحزام"، ويشارك كل من الطاهر بن جلون، ومحمد الأشعري، وعبداللطيف اللعبي في مقهى"بريق"في وسط باريس في لقاء بعنوان"نكهات شعرية من المغرب". وعن المدن المختلطة اختيرت مدينة الأندلس كبيئة أو محيط أنجب الكثير من الشعراء والكتّاب. وللاقتراب من مناخات هذه المدينة ستقدّم قراءات لنصوص من ابن زيدون، ابن حزم، ابن خفاجة. وتضامناً مع فلسطين، ستقدم قراءات لنصوص من غسان كنفاني، والياس صنبر، وسيقدم ستيفان فيرنداز قراءات لقصص شرقية تحت عنوان"من باريس إلى بغداد". وبرمجت المكتبات العربية مثل مكتبة ابن سينا، احتفالات في هذا السياق من أجل التعريف بالأدب العربي القديم عبر قراءات لحكايات شرقية يقوم بها الممثل والمخرج العراقي سعدي يونس بحري. وتقام في"مركز جورج بومبيدو"قراءات أدبية وشعرية لكتاب فرونكوفنيين من مختلف مناطق العالم يروون فيها ذكريات عن بلدانهم ومدنهم وعن الأماكن التي استوحوا منها كتاباتهم، ونذكر منهم، على سبيل المثل، سامي تشاك من توغو، عبدالقادر جمعي من الجزائر وروبار لا لوند من كندا. وفي السياق ذاته، تستضيف اليونسكو مجموعة من النشاطات الفنية والثقافية مع قراءات لنصوص الشاعر والفيلسوف الهندي طاغور الحائز جائزة نوبل وهو عرف به وترجم أعماله الأديب الفرنسي أندريه جيد. وسيكون للأطفال نصيب وافر في هذه التظاهرة بحيث يخصص يوم الجمعة وصباح السبت لتلامذة المدارس إضافة إلى فقرات خاصة بالأطفال طوال فترة التظاهرة. تجدر الإشارة أخيراً إلى أن هذه التظاهرة استطاعت على الصعيد الدولي أن تمتد إلى عشرات البلدان في العالم وإن اختلف تاريخها من بلد الى آخر، وطاولت مئة بلد في السنة الماضية واستمرت على امتداد شهر كامل، وستكون حاضرة هذا العام في بلدان عربية كالمغرب، الجزائر، تونس، الأردن، سورية، الإمارات العربية، البحرين، ومصر التي ستحتضن ملتقى حول كتابات عن مدينة القاهرة وتتمثل في نصوص لكتاب من أمثال نجيب محفوظ، ألبير قصيري، صنع الله ابراهيم وجمال الغيطاني.