وزير الصناعة الثروة المعدنية يبدأ زيارة رسمية إلى دولة الكويت    351 مليار ريال تسهيلات المصارف وشركات التمويل للمنشآت    السعودية أمام محكمة العدل الدولية: إسرائيل تعتبر نفسها فوق القانون    وزير الخارجية يصل قطر في زيارة رسمية    «الشورى» يناقش مواضيع الطاقة والإعلام.. وعضو يطالب بحظر المنتجات البلاستيكية    أولى رحلات مبادرة "طريق مكة" تغادر من تركيا إلى المدينة المنورة    للعام السابع.. استمرار تنفيذ مبادرة طريق مكة في 7 دول    أمير جازان يستقبل مدير فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالمنطقة    نوفو نورديسك ولايفيرا توقعان مذكرة تفاهم لتمكين إنتاج مستحضرات سيماغلوتايد الپپتيد-1    عبدالعزيز بن عيّاف: مبادرة سمو ولي العهد تؤكد الخطى الثابتة للقيادة بتحويل الأقوال إلى أفعال    "هيئة تطوير حائل" تنضم رسمياً إلى الشبكة العالمية للمراصد الحضرية التابعة للأمم المتحدة    محمد بن ناصر يتسلّم التقرير الختامي لفعاليات مهرجان "شتاء جازان 2025"    تجمع القصيم يفعّل برامج تحصينية شاملة استعدادًا لموسم الحج 1446ه    وزير الاستثمار يلتقي قطاع الأعمال بغرفة الشرقية    أولى رحلات المستفيدين من مبادرة طريق مكة تغادر مطار حضرة شاه الدولي ببنجلاديش    نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس المحكمة العامة بالقطيف    محمد بن ناصر يرعى حفل تخريج الدفعة ال20 من طلبة جامعة جازان    نجاح أول عملية زراعة كلى بمدينة الملك سعود الطبية    مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة "من جمهورية باكستان الإسلامية    انطلاق برنامج "أخصائي الاتصال التنموي" لتعزيز قدرات القطاع غير الربحي    مدير مكتب صحيفة "الرأي" بجازان يحتفل بتخرج نجله مجاهد من قسم الهندسة الكيميائية بجامعة جازان    Saudi Signage & Labelling Expo يعود إلى الرياض لدعم الابتكار في سوق اللافتات في المملكة العربية السعودية البالغة قيمته 492 مليون دولار    "الصحة" تطلق المسح الصحي العالمي 2025    قوات الاحتلال تنفّذ عمليات هدم في رام الله والخليل    الفريق الفتحاوي يواصل استعداداته لمواجهة الشباب.. وقوميز يعقد مؤتمرًا صحفيًا    كشف النقاب عن مشروع «أرض التجارب لمستقبل النقل» في السعودية    رياح و امطار على عدة اجزاء من مناطق المملكة    المخزونات الغذائية والطبية تتناقص بشكل خطير في غزة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية    الهدد وصل منطقة جازان.. الأمانة العامة تعلن رسميًا عن الشوارع والأحياء التي تشملها خطة إزالة العشوائيات    توجّه دولي يضع نهاية لزمن الميليشيات.. عون:.. الجيش اللبناني وحده الضامن للحدود والقرار بيد الدولة    النصر يتوج بكأس دوري أبطال آسيا الإلكترونية للنخبة 2025    الضيف وضيفه    المنتخب السعودي للخماسي الحديث يستعد لبطولة اتحاد غرب آسيا    زواجات أملج .. أرواح تتلاقى    أمير المدينة يدشّن مرافق المتحف الدولي للسيرة النبوية    الأمير فيصل بن سلمان:"لجنة البحوث" تعزز توثيق التاريخ الوطني    نادي الثقبة لكرة قدم الصالات تحت 20 سنة إلى الدوري الممتاز    في الجولة 31 من يلو.. نيوم لحسم اللقب.. والحزم للاقتراب من الوصافة    كلاسيكو نار في نصف نهائي نخبة آسيا للأبطال.. الأهلي والهلال.. قمة سعودية لحجز مقعد في المباراة الختامية    رافينيا: تلقيت عرضا مغريا من الدوري السعودي    بوتين يعلن هدنة مؤقتة في ذكرى انتصار الاتحاد السوفيتي    الانتخابات العراقية بين تعقيدات الخريطة وضغوط المال والسلاح    أمير مكة: دعم سخي يؤكد تلمس حاجات المواطن    حكاية أطفال الأنابيب (2)    محافظ محايل يكرم العاملين والشركاء في مبادرة "أجاويد 3"    انطلاق ملتقى "عين على المستقبل" في نسخته الثانية    شذرات من الفلكلور العالمي يعرف بالفن    مكونات صحة سكانية ترفع الأعمار    مكتبة الملك عبدالعزيز تعقد ندوة "مؤلف وقارئ بين ثنايا الكتب"    تدشين 9 مسارات جديدة ضمن شبكة "حافلات المدينة"    الرياض تستضيف الاجتماع الدولي لمراكز التميز لمكافحة الإرهاب    أمير منطقة جازان يستقبل قائد قوة أمن المنشآت المعيّن حديثًا بالمنطقة    جامعة جدة تحتفي بتخريج الدفعة العاشرة من طلابها وطالباتها    جامعة الأمير سلطان تطلق أول برنامج بكالوريوس في "اللغة والإعلام" لتهيئة قادة المستقبل في الإعلام الرقمي    بتوجيه من ولي العهد.. إطلاق اسم "مطلب النفيسة" على أحد شوارع الرياض    السعودية تمتلك تجارب رائدة في تعزيز ممارسات الصيد    مدير الجوازات يستعرض خطة أعمال موسم الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المخرج داوود عبد السيد : السينما المصرية تغلق الأبواب أمام كل جديد ومختلف
نشر في الحياة يوم 13 - 10 - 2006

دخل المخرج المصري داوود عبد السيد عالم الفن السابع مع هزيمة حزيران يونيو 1967، إذ حصل - آنذاك - على دبلوم المعهد العالي للسينما - قسم الإخراج، لكنه لم يتمكن من إكمال مشروع تخرجه بسبب ظروف النكسة التي طرحت أسئلة مريرة، وأدخلت الشك إلى القناعات الراسخة. هذه المصادفة القاسية أضفت، لاحقاً، على أعماله السينمائية بعداً خاصاً تعذر معه التخلص من التداعيات النفسية والأخلاقية، لتلك الحرب. فالمخرج الذي ولد بحي شبرا في القاهرة العام 1946، ونشأ مع بروز التيارات القومية، واليسارية، وتصاعد أصوات حركات التحرر الوطني في العالم، الطامحة إلى بناء عالم أجمل وأكثر بهاء... عاش انكسار الأحلام، وخيبة الآمال، فازدحمت الأسئلة في ذهنه، وهو راح يترجمها على نحو فني عبر سبعة أفلام روائية طويلة، هي الحصيلة النوعية المسجلة حتى الآن في"فيلموغرافيا"عبد السيد. وهذه الأفلام هي:"الصعاليك"1985، وپ"الكيت كات"1991، وپ"البحث عن سيد مرزوق"1991، وپ"أرض الأحلام"1993، وپ"سارق الفرح"1995، وپ"أرض الخوف"2000، وپ"مواطن ومخبر وحرامي"2001. وهو أنجز خلال السبعينات أفلاماً تسجيلية قصيرة، منها"رقصة من البحيرة"وپ"تعمير مدن القنال"وپ"عن الناس والأنبياء والفنانين"وعمل مساعداً مع عدد من المخرجين، أبرزهم يوسف شاهين وكمال الشيخ.
نال عبد السيد عدداً من الجوائز، واحتفي به في مختلف المهرجانات العربية والدولية، فقد فاز فيلمه"الكيت كات"بفضية مهرجان القاهرة وذهبية مهرجان دمشق، وقطف فيلمه"مواطن ومخبر وحرامي"جائزة افضل إخراج من المهرجان القومي للسينما المصرية، وحصلت أفلامه الأخرى على جوائز عدة، كما أقيمت أسابيع لأفلامه في بعض العواصم العربية، وقد كرم في مصر بمنحة جائزة التفوق من المجلس الأعلى للثقافة في العام 2004، وهو لا يحتفظ بأي أرشيف يحصي تواريخ الجوائز التي منحت له ويوثقها، بل يرى بأن إعجاب الجمهور بأعماله هو الجائزة التي يتطلع إليها دائماً. والواقع أن هذا الجمهور يكن تقديراً عميقاً لهذا المخرج الذي استلهم من الواقع قصصاً مؤثرة، ليعيد صوغها بلغة سينمائية مدهشة، فهو الذي يكتب السيناريو لأعماله، ثم ينجزها في قالب جمالي، وبصري لافت.
مجانية
لدى حضوره، أخيراً، فعاليات مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة آثرت"الحياة"أن تسجل جانباً من آرائه حول السينما وقضاياها، وكانت البداية من السينما المصرية التي غرقت في السنوات الأخيرة في إنتاج أفلام تجارية تخلو من الفن وتقترب من الميلودراما المجانية التي تسعى سينما عبد السيد وقليل من نظرائه إلى تقديم نقيض فني لها. يعلق عبد السيد على طغيان هذه الموجة بالقول:"يتوافر في السينما المصرية، وعلى الدوام، الجانب التجاري، وما يحدد مستواه هو الثقافة والذوق السائد في المجتمع"، مشيراً إلى أن"موجة السينما التجارية تصعد حيناً، وتهبط أحياناً، والمرحلة الحالية تتميز بطغيان هذه الموجة على حساب الصناعة السينمائية الحقيقية المتمثلة في أفلام ذات مستوى فني عال تنطوي على الجرأة والفضول والخوض في عوالم غير مكتشفة".
وأضاف عبد السيد في ما يشبه التبرير:"لا يمكن أن نأخذ لحظة من التاريخ ونعتبرها ثابتة، فحتى مع هيمنة موجة السينما التجارية المغلقة الأفق هذه، نجد، بين الحين والآخر، تجارب مميزة تبرز نتيجة طفرات تحدث في شركات الإنتاج، وهذا النوع الأخير يظهر في مراحل معينة لا يمكن التنبؤ بها"، كاشفاً عن زيف مقولة"الجمهور عاوز كده"التي تحمل وجهين متناقضين - بحسب رأيه - فالوجه الصحيح هو أن هناك"مستوى ثقافياً معيناً في المجتمع، وظروفاً اجتماعية واقتصادية وسياسية تقود إلى ميل نحو نوعيات محددة من الأفلام"، أما الوجه المزيف للمقولة فهو"الترويج بأن الجمهور لا يريد شيئاً مختلفاً، فهذا الشعار، إذاً، ينطوي على نوع من المصادرة، وإغلاق النوافذ أمام الجديد والمغاير"، وهو ما أسميه بپ"الكسل التجاري"، فالتاجر لا يغامر بل يبحث عن السلعة المضمونة الربح، ولكن التاجر الشاطر والنبيه يجب أن يأخذ في الحسبان أن أذواق الجمهور متغيرة، وهي ليست كتلة واحدة بل هي متنوعة، ليصل إلى استنتاج يقول بأن"المشكلة تكمن في إغلاق الأبواب أمام أي نوع من أنواع التجريب بسبب الاحتكارات السائدة وسوء التوزيع".
وحول انحسار الطقس السينمائي في حياتنا يقول عبد السيد ان هذا"يتوقف على تعريفك للسينما، بمعنى ألا نختزلها في الطقس السينمائي، فأنت ترى السينما، الآن، في الفضائيات والفيديو والإنترنت، وما يحدث في مصر هو أن أعداد مرتادي السينما في ازدياد. السينما لم تعد تقتصر في الذهاب إلى صالة العرض ورؤية الفيلم مع مجموعة معينة في صالة معتمة، هناك جوانب أخرى، ولعل أهم هذه الجوانب هو أن العمل السينمائي هو عمل فني".
وحول ظاهرة الحجاب التي انتشرت بين مجموعة من الممثلات المصريات يرى عبد السيد ان"المد الديني استطاع أن يحوّل الحجاب كظاهرة دينية إلى ظاهرة اجتماعية بغرض الإعلان أو التعبير عن أهداف ومقاصد لا مجال هنا للخوض فيها"، لافتا إلى أن"المد الديني يرغب في جعل كل النساء محجبات، فيكسب الحجاب - عندئذ - بعداً اجتماعياً اكثر منه دينياً"، وفي الجانب السياسي يرى أن"هذه الظاهرة لم تأتِ في شكل تلقائي، بل في شكل سياسي مخطط ومدروس عبر استخدام الدين سياسياً. وإذا كانت الممثلات يعتقدن أن ثمة ما يستدعي التوبة عن عملهن ويجب أن يتحجبن فهذه مشكلة تتعلق بثقافتهن، ومن حق أي أحد أن"يتوب"إذا اعتقد بأنه عاص، لكن المفارقة أن محجبات يعملن في التلفزيون، وأنت تلاحظ بأن الكثير من المسلسلات أبطالها محجبات، وهذه ظاهرة مختلقة بغرض نقل الحجاب من التلفزيون إلى الشارع، وهذا الأمر يحمل أبعاداً سياسية واجتماعية بعيدة من الدين".
رضا مفقود
وأعرب عبد السيد عن عدم رضاه من الواقع السينمائي في مصر والبلاد العربية، طارحاً السؤال على نحو اشمل:"هل نحن راضون عن الواقع السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي والتربوي والتعليمي...؟ أنا غير راض! لأننا متخلفون، ونعيش الكثير من الصراعات، ولعل أخطرها الصراع الديني السياسي، وهذا كله ينعكس في شكل سلبي على الفنون ومن ضمنها السينما"، موضحاً بأن"الواقع برمته بائس، ولكون السينما جزء من هذا الواقع فأنا غير راض عنها، وغير راض، كذلك، عن مستوى النقد، وعن التحرر الفكري، وعن الضمير الإنساني، وعن الأداء السياسي، وعن المشهد الثقافي وإن كنا نحاول جعله افضل عبر المساهمات التي نقدمها سواء في السينما أو في غير ذلك من المجالات".
ورداً على سؤال حول التجارب السينمائية التي لفتت انتباهه في السنوات القليلة الأخيرة يشيد عبد السيد بفيلم"بحب السيما"لأسامة فوزي، وبفيلم"ملك وكتابة"لكاملة أبو ذكري، وفيلم"عمارة يعقوبيان"، ولكنه يقول إن"هذه التجارب فردية ولم تتحول إلى ظاهرة".
وفي ما يتعلق بمشاريعه السينمائية المقبلة يقول عبد السيد:"أنا اعمل دائماً على هامش السينما التجارية، ولو شعرت في لحظة أنني أفلست وليس لدي جديد أقدمه، فسأكون سعيداً بأن انهي حياتي الفنية بالاعتزال. المشكلة لديك جديد وليس لديك القدرة على تحقيقه وإنجازه. الاحتكارات تبحث عن الإيرادات الكبيرة، وهذه الإيرادات التي قد تحققها نوعية معينة من الأفلام استبعدت التجارب الجديدة، فطغت موجة معينة تحقق أرباحاً كبيرة ومضمونة، ما أدى إلى الاحتكار والتحكم، وتنميط النجوم ضمن تصورات مسبقة، أما بالنسبة إليّ فأنا أحاول أن اقدم شيئاً مختلفاً. لا أعمل على نمط واحد، ويمكنك استنتاج ذلك من الأفلام التي أخرجتها. أنا اعمل على إنجاز مشروع سينمائي شخصي، فإذا نجح فيلم من أفلامي يريد المنتج أن اقدم شيئاً مماثلاً، أي مطلوب مني أن ابني على نجاحات سابقة واستنسخ من تجربة ناجحة، سابقة، وهنا، بالضبط، تنتهي المبادرة الفنية، والمغامرة، ليطغى الجانب التجاري الذي يستبعد أي شيء جديد، وهذا يفقر السينما بوصفها فناً، والفن، بحسب فهمي له، هو أن تسلك، دائماً، طرقاً جديدة، وتكتشفها، وتبتكر رؤى مغايرة لتصل إلى ذرى أعلى، ومن هنا ترى أن أفلامي السبعة لا تتشابه، وما هو موجود نقيض للفن الذي أتطلع إليه، الفن الذي يقتحم المجهول، ويسعى إلى ما هو مبدع ومختلف".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.