وحدهما هوليوود الأميركية وبوليوود الهندية انتجتا أفلاماً يتجاوز عددها المئتين وستين فيلماً، عدد الأشرطة التي أنتجتها الصين العام الماضي. وفي الأثناء يتوجه الممثلون والمنتجون الغربيون شرقاً للعمل في الصين. وفي المقابل، ينتقل ممثلون صينيون الى هوليوود، ويؤدون أدوار البطولة في أعمال كثيرة. وبين هؤلاء ممثلات دعين لأداء أدوار شخصيات يابانية يتكلمن الانكليزية بلكنة يابانية، بسبب افتقار اليابان الى ممثلات جيدات، بينما تعج الصين بالمواهب الشابة. وتشهد الأفلام الصينية انتشاراً متزايداً وغير مسبوق في الغرب. وللمرة الأولى تتجاوز الايرادات المحلية 140 مليون جنيه استرليني، العام الماضي. وتحول فيلم"بطل"Hero الصيني مدعاة اعتزاز وطني، عندما احتل أعلى مراتب التصنيف الأميركية، في آب أغسطس 2004. فتنبهت هوليوود الى أن فيلماً أجنبياً مترجماً تفوق على أفلام محلية. وتسوّق صناعة السينما جزءاً من التحديث الجاري في الصين. ومع التأثير الاقتصادي للصين في العالم، تبدو"الصناعات الثقافية"الخطوة التالية في انتقال البلاد الى"قوة عظمى". ويثير دعم الحزب الشيوعي الصيني صناعة السينما السخرية. فماو تسي تونغ، الزعيم الشيوعي التاريخي، كاد يدمرها. وقبل ثورة 1949، كانت الصين تتمتع بصناعة أفلام مزدهرة وحيوية، وانتجت الاستديوات في شانغهاي، التي عُرفت بهوليوود الصين، الأعمال الكوميدية والميلودرامية بوتيرة أسبوعية. وكانت تحظى بشعبية كبيرة في الداخل. واحتلت المدينة موقعاً على الخريطة السينمائية العالمية، فظهر اسمها في عناوين أفلام لم تصوّر هناك، مثل"سيدة شنغهاي"1947 للمخرج الأميركي أورسون ويلز. وكان غرض هذه الصناعة، في خمسينات القرن الماضي، الدعاية السياسية أولاً، فروت أفلام تلك الحقبة بطولات المقاومة ضد الغزاة اليابانيين وتضحيات المزارعين. وازداد الوضع تردياً. ففي أواسط ستينات القرن الماضي، ابان الثورة الثقافية البروليتارية العظمى، نفي رواد الصناعة الى الأرياف، وقسروا على انتاج أعمال تدور على التدريب الصناعي، أو جعلوا عمالاً في مخيمات التأهيل. وكادت صناعة الأفلام تندثر. فلم يُنتج فيلم واحد في الصين بين 1966 وپ1972. ومع استضافة بيجينغ الألعاب الأولمبية في 2008، قدر الحكام أنه حان الوقت لتظهر الصين في حلة لا تقتصر على"مانوفاتورة العالم"أو"ورشته الصناعية"الكبيرة. وتوسعت الصناعات الثقافية لتطاول المجال التربوي. فقد أقامت الصين 26 مركزاً ثقافياً باسم"معهد كونفوشيوس" حول العالم لتعليم لغتها وثقافاتها. وتناقص عدد الطلاب الدارسين في الخارج لمصلحة الجامعات المحلية التي تنعم بتمويل أجنبي لپ"وكالات"محلية في الصين نفسها. الا ان العاملين في قطاع الصناعات الثقافية لم يهنأ لهم العيش بعد، مع افتقارهم الى صالات العرض ومصادر التمويل الضرورية، جراء رقابة متشددة، وانتشار قرصنة الپ"دي في دي"التي تعوق تنامي مداخيل صناعة السينما وأرباحها. وفي انتظار القضاء على القرصنة، لا مفر من تشييد صالات العرض، وتخفيف وطأة الرقابة على المواهب، ليصبح حلم"هوليوود الشرق"حقيقة. عن دايفيد إيمر، "ذي انديبندنت" البريطانية، 6/1/2006