أظهرت عمليات الاقتراع في اول انتخابات رئاسية تعددية في مصر أمس والتي تنافس فيها عشرة مرشحين، أن خطوات الإصلاح السياسي المرتقبة يجب أن تشمل"اجراءات الانتخابات"، نظراً الى الارتباك والتعقيدات التي رافقتها خصوصاً في الصباح حتى أن"الحزب الوطني"الحاكم شكا من تأثيرها على موقف مرشحه الرئيس حسني مبارك. كما أن الأماكن التي اختيرت للجان مراكز انتخابية، وغالبيتها مدارس، لم تكن مهيأة لمثل هذا الحدث. تفاصيل ص 5 وبدا أن الانقسام في مواقف القضاة جعل بعضهم يتشدد في الاجراءات، ما عطل لبعض الوقت عملية الاقتراع. وفيما اختفى صوت حزبي المعارضة"التجمع"و"الناصري"اللذين كانا أعلنا مقاطعة الانتخابات، نظمت"الحركة المصرية من أجل التغيير"كفاية تظاهرة وسط القاهرة وسارت في شوارعها من دون اعتراض من جانب أجهزة الأمن، إلا أن اشتباكاً وقع بين المتظاهرين وباعة متجولين في منطقة"العتبة"أعاد إلى الأذهان مشاهد قديمة. وبدا أن موظفي الدولة صوتوا لمصلحة مبارك، وشوهدت تجمعات منهم في لجان الاقتراع، وسعت أجهزة الإعلام الرسمية إلى وصف يوم الانتخابات بأنه حدث غير مسبوق وتاريخي، وسط انتقادات واتهامات بتجاوزات أطلقتها منظمات حقوقية ومرشحون منافسون لمبارك. وحرصت أجهزة الدولة والحزب الحاكم على تأكيد كثافة المشاركة، في حين أن مراقبين رأوا أن نسبة الاقتراع ظلت على ما هي في الماضي ما بين متدنية ومتوسطة، إذ خلى بعض مراكز الاقتراع، كما أن الازدحام الذي شهده بعض آخر لوحظ في الصباح فقط. لكن بدا أن مبارك سيحسم المعركة لمصلحته وأن النتائج، التي ستعلن في غضون يومين، ستظهر حصوله على نسبة من الاصوات تفوق كثيراً تلك التي سيحصل عليها من سيليه. وكان طبيعياً أن تنطلق انتقادات المرشحين المنافسين لمبارك، خصوصاً رئيس حزب"الوفد"الدكتور نعمان جمعة ورئيس حزب"الغد"الدكتور أيمن نور. وتحدث الاثنان عن تجاوزات وانتهاكات، وشاركتهما منظمات حقوقية سمح لها بمراقبة الانتخابات والدخول الى لجان الاقتراع، وصدرت عن بعضها تقارير عن تدخلات لمصلحة مرشح"الوطني". لكن الناطق باسم اللجنة المشرفة على الانتخابات المستشار اسامة عطاوية نفى وقوع تجاوزات. وقال إن شكاوى تلقتها اللجنة تم التحقيق فيها على الفور ومعالجتها، وذكر أن تأخر وصول الحبر الفسفوري إلى بعض اللجان كان في الصباح فقط وأن كل اللجان وصلها عند الظهر. كما نفى ما قاله نور عن صناديق أدخلت الى اللجان مليئة بالأوراق، مشيراً الى ان كل حزب له حرية كاملة في تنظيم أعوانه داخل مقار اللجان اثناء الإدلاء بالصوت. ونفى أن يكون هناك خلاف بين الهيئات القضائية، خصوصاً في ما يتعلق بقضية"الجمعيات الاهلية"، مشيراً الى أن كل الجهات متفقة وأن القضاء أكد في النهاية أن اللجنة هي صاحبة الاختصاص. وفي ما يتعلق بوجود بعض ضباط الشرطة داخل اللجان، قال عطاوية إن وجودهم للتنظيم فقط وبناء على أمر قاضي اللجنة، وهذا ليس فيه إخلال بالعملية الانتخابية على الإطلاق. وفي كل الأحوال، عاشت مصر يوماً فريداً بدت فيه التدخلات من جانب"متطوعين"لم يألفوا بعد التحول المهم الذي يفترض أن البلاد تمر به، في حين سعت أجهزة رسمية في الدولة، وبينها وزارة الإعلام، إلى حث الجماهير على المشاركة من دون أن تحضهم على الاقتراع لمرشح معين. وقال الوزير أنس الفقي للصحافيين إن"كل مندوبي التلفزيون في كل المحافظات أكدوا أن هناك إقبالاً غير مسبوق على العملية الانتخابية وأن هناك تكدساً في اللجان، وأن الكثيرين من ابناء الشعب المصري يريدون الإدلاء بأصواتهم". وعن فرز صناديق الانتخاب، قال انه"من اختصاص اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات ولا دخل لنا به وهي التي حددت كيفية الفرز والاجراءات المتبعة في ذلك".