لاحظ مراقبون ماليون ومصرفيون، أن البنك المركزي الكويتي لم يلحق ب مجلس الاحتياط الفيديرالي، البنك المركزي الأميركي، لجهة رفع الفائدة على الدينار، الأسبوع الماضي أسوة بالدولار، علماً بان سعر صرف العملتين مرتبط منذ بداية العام 2003. وعزوف المركزي الكويتي عن ذلك، هو الثاني على التوالي، علما بأن الكويت رفعت الفائدة على الدينار ثماني مرات في سنة بين تموز يوليو 2004 وتموز 2005، وذلك في خطوات كانت تلحق بما يقرره البنك المركزي الأميركي. وسألت"الحياة"عدداً من المصادر المالية والمصرفية عن أسباب العزوف، وكان إجماع على ما يأتي: - بفعل الزيادات المتتالية، أصبح سعر الخصم الفائدة في الكويت 5.5 في المئة، أي بزيادة 2 في المئة عن سعر الفائدة على الدولار قبل الزيادة الأخيرة. - بسبب اتساع الهامش بين الفائدتين، لجأت مؤسسات وشركات كويتية كثيرة إلى الاقتراض من الخارج وبالدولار. - لم تلحق أسعار الفوائد على الودائع بالدينار ارتفاع سعر الخصم، حتى أن الفارق بين متوسط سعر فائدة الإقراض ومتوسط سعر فائدة الإيداع لمدة سنة بلغ 4 في المئة لمصلحة الإقراض، وبالتالي لمصلحة المصارف على حساب العملاء. - من بين الحجج التي أوردها المركزي، وفي كل مرة يزيد فيها سعر الفائدة، أنه يرمي إلى توطين الدينار. إلا أن طفرة السيولة الناجمة عن ارتفاع أسعار النفط، جعلت هذه الحجة واهية، لأن المصارف متخمة بالودائع، ولا تعرف ماذا تفعل بها، نظراً لمحدودية السوق واقتصارها على أنشطة الأسهم والعقار بنسبة 90 في المئة. - أدى ارتفاع فائض السيولة، إلى لجوء المركزي إلى طرح سندات حكومية بفوائد وصلت إلى 4 في المئة. لذا فان أي زيادة جديدة على أسعار الفائدة، ستنعكس على فوائد السندات لجهة الارتفاع أيضاً، أي على كلفة الدين العام. وتقول مصادر مصرفية واسعة الإطلاع، ان السبب الأساسي وراء التريث في رفع أسعار الفائدة، هو تخمة محفظة قروض الأفراد، برصيد بلغ 4.6 بليون دينار نحو 15.7 بليون دولار، حتى نهاية شهر آب أغسطس الماضي، وباتت هذه المحفظة تشكل أكثر من 42 في المئة من إجمالي الإقراض للقطاع الخاص، وبدأت تضغط على موازنة الأسرة الكويتية بفوائدها العالية، التي تتجاوز في المتوسط العام 7 في المئة. إلى ذلك، تضيف المصادر، أن سلاح الفائدة في مواجهة تضخم أسعار الأصول الأسهم والعقارات بات عديم الفائدة، إذ أن العوائد العالية التي يجنيها المستثمرون من سوق الأسهم، على سبيل المثال، أعلى بكثير من مستوى فائدة الاقتراض ورسوم القروض، فإذا بالمستثمرين على اختلاف شرائحهم يلجأون للاقتراض الكثيف للمتاجرة بالأسهم. لذلك ترى الأوساط المالية أن على السلطات المالية والنقدية أن تكون أكثر إبداعاً في الحلول المرجوة أو المطلوبة، لمواجهة تضخم أسعار الأصول. وكان المركزي وضع ضوابط العام الماضي، وحدد الالتزام بها اعتباراً من حزيران يونيو الماضي، تقضي بعدم تخطي إقراض القطاع الخاص ما نسبته 80 في المئة من ودائع هذا القطاع. وبلغت هذه النسبة حتى نهاية آب أغسطس الماضي قرابة 87 في المئة، ما يعني أن مشكلة الإقراض ما زالت متفاقمة، وذلك على رغم إعادة تصنيف ودائع بعض المؤسسات العامة والحكومية كودائع قطاع خاص، حتى تنخفض تلك النسبة المذكورة. وتؤكد مصادر مالية، أن تفاقم ظاهرة الاقتراض في المجتمع الكويتي، باتت تتطلب تدخلاً إضافياً من السلطات النقدية لأن النزعة الاستهلاكية والاقتراض من أجل المتاجرة بالأسهم، عمّت مختلف شرائح المجتمع، إذ بات الإقراض الاستهلاكي والبحث عن الريع من دون الإنتاج صفة عامة تهدد بنتائج اجتماعية، وليس مالية وحسب. وعلى سبيل المثال لا الحصر، يبلغ المعدل اليومي لازدياد رصيد قروض الأفراد نحو 1.6 مليون دينار 5.5 ملايين دولار يومياً، وبات المعدل الوسطي لمديونية الأسرة الكويتية الواحدة نحو 50 ألف دولار. وتؤكد إحصاءات شبكة المعلومات الائتمانية وصول عشرات آلاف الأفراد إلى سداد 50 في المئة من رواتبهم على شكل أقساط لقروض استخدموها في أغراض استهلاكية وجارية وإسكانية فضلاً عن المتاجرة بالأسهم. تبقى الإشارة إلى أن مصائب قوم عند قوم"فوائض"أو فوائد، فالقطاع المصرفي الكويتي يعيش أزهى عصوره بأرباح تزيد في معدلها الوسطي بنسبة 30 في المئة أو أكثر.