بدأ أفراد الجالية الجزائرية في الخارج والذين يقدر عددهم بنحو 927 ألف ناخب مسجل لدى البعثات الديبلوماسية في الخارج، أمس، التصويت على ميثاق السلم والمصالحة الوطنية عبر مكاتب القنصليات والسفارات في القارات الخمس. وجاء ذلك في وقت اعلن الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة أمس في الاغواط 420 كلم جنوب العاصمة ان قادة الجبهة الاسلامية للانقاذ المحظورة"الذين اشعلوا نار الفتنة في الجزائر خلال سنوات الارهاب ال15 لا يمكن ان يمارسوا أي نشاط سياسي". وقال بوتفليقة أ ف ب في خطاب ألقاه في اطار حملة الترويج لاستفتاء المصالحة الوطنية المقرر الخميس المقبل:"هناك إخوان من قيادة الحزب المنحل يأخذون عليّ انني ظلمتهم لأن مشروع الميثاق يحظر عليهم ممارسة أي نشاط سياسي. أيعتقدون ان الشعب الجزائري نسيى سنوات الارهاب ال15؟". واوضح:"ان الأمر ليس ظلماً في حقهم او انتهاكاً لشرفهم"بل المطلوب من كل جزائري"تقديم تضحيات لاعلاء المصالحة الوطنية". وكان بوتفليقة اعلن في 14 اب اغسطس تنظيم استفتاء حول"مشروع ميثاق السلم والمصالحة الوطنية"يهدف الى"وقف اراقة الدماء"في الجزائر التي شهدت خلال العقد الماضي اعمال عنف اسفرت عن سقوط 150 الف قتيل بحسب حصيلة رسمية. واوضح حينها ان الميثاق يحظر ممارسة"اي نشاط سياسي على كل من له مسؤولية في اعداد وتنفيذ السياسة التي تدعو الى"جهاد"مزعوم ضد الأمة ومؤسسات الجمهورية". وذكرت مصادر متطابقة أن أكبر عملية تصويت على استفتاء السلم والمصالحة تجري على الأراضي الفرنسية حيث يقدر عدد أفراد الجالية المسجلين بنحو 761 ألفاً. وتراهن السلطات الجزائرية على هؤلاء لتحقيق نسبة عالية من المشاركة في الاستحقاق المقرر رسمياً الخميس المقبل. ويجوب حالياً أوروبا ثلاثة وزراء ومستشارين للرئيس بوتفليقة فضلاً عن مجموعة من نواب البرلمان لشرح مسعى السلم والمصالحة وإقناع أفراد الجالية بجدوى المشاركة في الاستحقاق ودعم مساعي طي الأزمة. وسجلت نسبة مشاركة مرتفعة في الصباح قبل أن تتراجع ظهراً في أبرز العواصم الأوروبية. وتوقعت مصادر ديبلوماسية أن ترتفع النسبة اليوم على أن تبقى المكاتب مفتوحة إلى غاية مساء الخميس المقبل لتمكين المغتربين الموجودين في مناطق بعيدة من الإدلاء بأصواتهم. ولوحظ ان عدداً من الوزراء التقوا قيادات في"جبهة الإنقاذ"المحظورة في أوروبا قصد إقناعهم بدعم مسعى المصالحة الوطنية. وذكرت صحف جزائرية أن وزير الدولة السيد عبدالعزيز بلخادم التقى الأسبوع الماضي قيادات في الحزب المحظور وحضهم على ضرورة دعم مسعى السلطات والعودة إلى الجزائر، بينما تردد أن وزير الأشغال العامة عمر غول انتقل إلى سويسرا للقاء أعضاء في قيادة جبهة الإنقاذ. إلى ذلك، أعلن عبدالحق العيادة الأمير السابق ل"الجماعة الإسلامية المسلحة"الذي يقبع في سجن سركاجي بعد أن حكم عليه بالإعدام سنة 1993، دعمه مسعى السلم والمصالحة الوطنية. واشار في بيان، سلمه ابنه"عدلان"إلى"الحياة"في الجزائر، الى أن والده يدعم المسعى الرئاسي"ليس مغازلة للخروج من الزنزانة وإنما هو ضرورة إسلامية وطنية من أجل وقف النزيف الدموي"، لافتاً إلى أنه"لو خير بين أن يكون جزائرياً أم ديموقراطياً لاختار أن يكون جزائرياً". وحض الجزائريين على التصويت على المصالحة الوطنية"على رغم النقائص الموجودة فيها لأنها لا شك ستعالج المشاكل الاجتماعية التي عانى منها الشعب الجزائري". وكان العيادة، وهو أحد مؤسسي"الجماعة"، أدخل السجن يوم 29 أيلول سبتمبر 1993 بعد أن تسلمته الجزائر من المغرب حيث كان يوجه أعمال جماعته. وطالب العيادة في البيان الذي أصدره بعد لقائه ابنه عدلان، الخميس، الرئيس بوتفليقة بضرورة"اتخاذ إجراءات صارمة"ضد أولئك الذين تسببوا في الأزمة"ويعملون جاهدين على استمرار إراقة المزيد من الدماء". وتساءل عن خلفيات تجاهلهم في ميثاق السلم، وشدد على أن الميثاق جاء لمعالجة"المشكل الأمني والاجتماعي"على رغم أن"الأزمة سياسية"في الأصل.