الفشل الذي منيت به محاولة وزارة الثقافة اليمنية في دعوة الشاعر محمود درويش لاحياء أمسية شعرية على هامش فاعليات معرض صنعاء الدولي للكتاب، انعكس على أجواء المعرض كما على وجوه المثقفين في اليمن، الذين عاشوا حالاً من الحماسة لم تستمر طويلاً. فقبل بدء المعرض بوقت قصير أعلنت وزارة الثقافة ليس فقط عن اعتذار درويش بل عن اعتذار جميع الضيوف الكبار الذين وجهت لهم الدعوة للحضور والمشاركة، ومنهم الروائي الطيب الصالح والمفكر الفرنسي روجيه غارودي. وكانت الوزارة نفسها تحاول من خلال دعوة هذه الأسماء الكبيرة، تحقيق جماهيرية لافتة وأن تستوعب موجة الغضب والاستياء عقب انتهاء العام 2004 الذي دشنت فيه صنعاء عاصمة للثقافة العربية، اذ أثار بعض الأدباء قضية تبذير الموازنة في فاعليات عادية، وفي اصدارات لم تكن في المستوى المنتظر. اعتذارات درويش وصالح وغارودي جعلت المثقفين يحرفون اسم المعرض ليصبح"معرض صنعاء للاكتئاب". وعلى صعيد الكتب والعناوين هيمنت الكتب الدينية وكتب الطبخ والسحر والشعوذة، ومذكرات الساسة اليمنيين على بقية الكتب، وهذه بدورها لم تحمل جديداً يتوق اليه المثقف اليمني، ما دفع الزوار الى الخروج للبحث عن الكتاب الجيد، في شارع"وحدة"المشهور بالمكتبات التي تبيع أهم الاصدارات الحديثة في العالم العربي. وتخللت أروقة المعرض وأجنحة دور النشر ملامح الكآبة، ليس فقط بسبب نوعية العناوين التي تعرضها عشرات الدور، انما أيضاً لضعف الفاعليات الأدبية والأنشطة الثقافية المصاحبة، التي يغلب عليها الطابع اليمني، مثل جلسات الاحتفاء ببعض الرموز والأدباء اليمنيين، وبضعة معارض تشكيلية، وأمسيات ثقافية حول المجموعات الشعرية الكاملة للأدباء، اليمنيين ومنهم: الشاعر عبدالعزيز المقالح وعبده عثمان ومحمد حسين هيثم واسماعيل الوريث وحسن الشرفي وعبدالرحمن ابراهيم وسواهم. وشمل البرنامج الثقافي للمعرض فاعليتين خليجيتين هما: صباحية خاصة بالأدب السعودي حول كتاب"قصص من السعودية"الذي أصدرته وزارة الثقافة اليمنية، ويشارك فيها أدباء سعوديون كالناقد معجب الزهراني، والقاصين جبير المليحان ويحيى سبعي. وتوقيع الكاتبة الكويتية ليلى العثمان كتابها"أيام في اليمن"، الصادر عن وزارة الثقافة اليمنية، وقد ضمنته تفاصيل رحلة قامت بها الى مدن يمنية. ولعل اللافت أيضاً في هذا المعرض هو جناح وزارة الثقافة الذي عرض نحو 500 عنوان، صدرت كلها في عام"صنعاء عاصمة للثقافة العربية"2004، وشملت كتباً لأدباء يمنيين وعرب وترجمات. وكان عدد كبير تميز بتجليد فاخر باهظ الكلفة، مع ان مادة الكتب لا تتطلب كل ذلك البذخ. فبعض هذه لا يتجاوز كونها مقالات عادية عن مواضيع مكررة، كپ"أهمية العقل"أو"المحاكمة"وسواهما من اصدارات لكتّاب من اليمن أو من العالم العربي. لكن وزير الثقافة خالد الرويشان اعتبر المعرض:"خاصاً بالمستقبل العلمي والثقافي والأدبي العربي والعالمي والانساني... هذا المعرض لا ينظر الى الخلف، بل ينظر الى ما هو مضيء في تاريخنا الأدبي والفكري".