لم يمض يوم على اعلان أحزاب شيعية عزمها على نشر ميليشياتها في أحياء بغداد وعلى الطرقات المؤدية الى كربلاء"لحمايتها"، حتى ظهرت عناصر"جيش المهدي"الذي أكد"التنسيق في ذلك مع وزارة الداخلية"، كما انتشرت قوات الأمن تدعمها"اللجان الشعبية"مسلحو الاحزاب. ولم يمنع انتشار قوى الأمن بكثافة في العاصمة العراقية، ولا الاجراءات الأمنية المشددة، الجماعات المسلحة من توزيع بيان"تعارض"فيه اعلان زعيم"قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين"أبي مصعب الزرقاوي"الحرب الشاملة على الشيعة". وفي هذا الاطار"نصحت""هيئة علماء المسلمين"الزرقاوي بالتراجع عن تهديداته، كي لا يسيء"الى صورة الجهاد"، معترفة ضمنها بأن تنظيمه جزء مهم من المقاومة. واتخذت السلطات العراقية اجراءات أمنية مشددة، تطبيقاً لخطة أمنية جديدة، فانتشرت قوات الأمن تدعمها"اللجان الشعبية"على الطرق الرئيسية والفرعية في بغداد، وأقفلت معظم الطرق والجسور التي تربط جانبي الكرخ والرصافة، وانتشرت مجموعات من ميليشيا"جيش المهدي"على الطريق المؤدي إلى كربلاء لا سيما في منطقة اللطيفية لحماية مواكب الزوار التي باشرت السير الى المدينة لإحياء ذكرى ولادة الامام المهدي. وفي كربلاء ذاتها انتشر حوالي 5000 عنصر من الشرطة والجيش، استعداداً لتوافد الزوار غداً. وقال الناطق باسم محافظة كربلاء سالم الدعمي ان قوات الأمن"شددت اجراءاتها وأغلقت كل مداخل المدينة وفرضت حظراً على سير السيارات داخلها". الى ذلك، أكد رياض النوري أحد مساعدي الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، ان"سرايا جيش المهدي تتولى حماية الزوار من بغداد إلى المسيب ومن النجف وبابل إلى كربلاء"، وان ذلك يتم"بالتنسيق مع وزارة الداخلية". على صعيد آخر، رفضت جماعات مسلحة دعوة الزرقاوي الى محاربة الشيعة، مؤكدة عدم تأييدها منطق الانتقام الطائفي الذي يقود إلى نار"تحرق سنة العراق وشيعته وتخدم المحتل الأميركي". ووزعت جماعات معروفة بيانات استنكار لتهديدات الزرقاوي داعية إلى عدم الانجرار إلى مثل تلك"الدعاوى الملغومة". وجاء في بيان بتوقيع"الجيش الاسلامي"و"جيش محمد"و"كتائب القعقاع"و"جيش مجاهدي العراق"و"جيش الناصر صلاح الدين"ان"المجموعات المجاهدة العراقية تعارض ما جاء بدعوة الزرقاوي قتل الشيعة بصورة عامة وانها في حل من تلك الدعوة"، واضاف البيان ان"هدف المقاومة هو توجيه ضربات عسكرية إلى الاحتلال وأعوانه في العراق لا غير وما الدعوة إلى قتل الشيعة بعامتهم إلا نار تحرق العراقيين سنتهم وشيعتهم على السواء". ووزعت بيانات استنكار لدعوة الزرقاوي في بغداد والرمادي وتكريت وحملت توقيع القيادتين القطرية والقومية لحزب البعث، ومجلس قيادة الثورة في العراق، والقيادة العامة للقوات المسلحة العراقية جاء فيها ان"حرب الزرقاوي ضد الشيعة حرب ضد كل العراقيين واساءة للمقاومة العراقية وتكريس للاحتلال الأجنبي". وجاء في البيان أيضاً ان"ما تنشده المقاومة الوطنية المسلحة في العراق هو دحر المحتل الأميركي ومنعه من تنفيذ مخططاته في العراق وفي دول اسلامية وعربية أخرى والدعوة إلى قتل الشيعة الذين يقف السواد الأعظم منهم مع المقاومة العراقية وينخرط شبابهم في صفوفها لتكبيد العدو الأميركي الخسائر المتتالية والهزائم على أرض العراق، انما هي دعوة لقتل العراق واجهاض مشروعه التحرري الوحدوي". وفي الإطار ذاته أعلنت هيئة علماء المسلمين أن"بعض الفضائيات بث تسجيلاً صوتياً منسوباً الى الزرقاوي، يعلن فيه حرباً شاملة على الشيعة في العراق ثأراً لمن قتل من أهل السنّة في تلعفر ... ويحمل تهديداً مماثلاً للسنّة الذين يشاركون في الاستفتاء أو الانتخاب". وانطلاقاً من المسؤولية الشرعية المناطة بالهيئة، توضح:"ان شيعة العراق لا يتحملون اثم ما تنتهجه الحكومة الانتقالية من سياسة طائفية واضحة المعالم بمباركة أميركية، ولا جريرة عليهم في ما قامت به قواتها من عدوان سافر على مدينة تلعفر وغيرها وما تفعله من جرائم ارهابية تطال الناس الآمنين". وأشارت الهيئة في بيان الى أن"مثل هذا الإعلان الخطير يحقق للمحتل أخطر أمانيه في تمزيق البلاد واشعال الفتنة بين العباد". وأضاف:"نذكرك بالله تعالى ابا مصعب الزرقاوي ... من منطلق ان الدين النصيحة ان تتراجع عن هذه التهديدات لأنها تسيء الى صورة الجهاد وتعرقل نجاح المشروع الجهادي المقاوم في العراق وتدفع الى اراقة مزيد من دماء الأبرياء من العراقيين".