لقد أضناه الشوق الى لقاء وجه ربه الأعلى حتى جاء الاذن الإلهي بهذا اللقاء فانتقلت روحه الطاهرة الى الملكوت الأعلى راضية مرضية مطمئنة تحفها الدعوات الصادقة من أبناء شعبه الذي أحب، وعبرات الشعوب العربية والإسلامية التي فقدت الأب الحنون والمناصر الصلب لقضايا هذه الشعوب ازاء كل ما تعرضت له من ضغوط ومؤامرات وأزمات ومحن. ... نعم، لم يكن فهد بن عبدالعزيز ملكاً للمملكة العربية السعودية فحسب، بل كان الزعيم الذي يشعر بمسؤوليته ومسؤولية المملكة عن سائر قضايا الأمتين العربية والإسلامية، يتعامل معها بروح الأب العطوف المسؤول عن أسرته الكبيرة هذه، لا يغمض له جفن أو يرتاح له بال قبل أن يجند كل إمكانات المملكة السياسية والمالية والاقتصادية وبذل كل الجهود الممكنة للمساهمة مع بقية اخوانه من الزعماء العرب والمسلمين في حل تلك الأزمات أو التخفيف من وقعها وتلافي أضرارها وسلبياتها من دون أي محاولة لتقمص دور الزعيم الأوحد أو اضفاء دور ريادي تنفرد به المملكة عن سائر الأشقاء، انطلاقاً من المبدأ الذي سارت عليه المملكة في سياستها الخارجية منذ عهد المليك المؤسس عبدالعزيز آل سعود ومن بعده أبناؤه البررة سعود وفيصل وخالد وخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وخلفه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي كان نعم السند لأخيه الراحل يشاوره في الأمر ويضطلع بالمهمات الجسام التي يكلفه بها رحمه الله. لن أتحدث عن الانجازات العظيمة التي تحققت في عهد الفهد، فهي خير شاهد على ذلك العهد الميمون الزاهر والتي ستتواصل إن شاء الله في العهد الميمون لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز، ونسأل الله لهما التوفيق في حمل تبعة هذه المسؤولية. ... والدعاء للمولى الكريم أن يتغمد راحلنا العظيم بواسع رحمته ورضوانه، والعزاء كل العزاء للأسرة المالكة الكريمة وللشعب السعودي الكريم وأبناء الأمتين العربية والإسلامية كافة. سفير سعودي متقاعد.