سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"لا أحد يرفض الحوار مع حزب الله لكن توجهه الارهابي مرفوض" . ديبلوماسي أميركي : لا تسوية مع دمشق على حساب لبنان والمطلوب منها تغيير سلوكها والتعاون مع التحقيق
قال ديبلوماسي أميركي يزور بيروت ان أي تفاهم مستقبلي بين الولاياتالمتحدة الاميركية وسورية لن يكون ابداً على حساب لبنان او لتضليل التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، نافياً كل ما يشاع حالياً عن صفقة أميركية - سورية انطلاقاً من المرونة التي أظهرتها الأممالمتحدة بالنسبة الى الاستماع لشهادات ضباط سوريين في فيينا في الجريمة. وأكد الديبلوماسي الاميركي ان لا نية لدى واشنطن لإسقاط النظام السوري، لكنها ترى ان على الاخير ان يبدل سلوكه في الداخل والخارج وتحديداً في لبنانوفلسطينوالعراق، لأن الرهان على واقعية هذا النظام للعب دور ايجابي في المنطقة لم يكن في محله"ونحن في الادارة الاميركية نتحمل مسؤولية على هذا الصعيد ونعترف بأن صدقيتنا في العالم تعرضت الى اهتزاز بسبب عدم الوضوح في الخطاب السياسي الاميركي حيال المنطقة". وأوضح ان لدى اللبنانيين سوء تفاهم مع واشنطن بسبب التجارب الماضية يدفعهم من حين لآخر الى الاعتقاد بوجود مؤامرة على حساب بلدهم. وأضاف:"نحن نريد علاقات جيدة مع سورية وسياستنا حيالها في الوقت الحاضر لا تقوم على اسقاط النظام السوري، وليست من وجهة نظري الشخصية ان يكون اسقاطه مطروحاً، ولكن على هذا النظام ان يغير سلوكه، وخصوصاً تجاه لبنان، ونحن من جهتنا لن نفرط بموقفنا الداعي الى عدم التدخل السوري في الشؤون الداخلية اللبنانية والإصرار على سيادة لبنان واستقلاله وعلى احترام اصول اللعبة الديموقراطية في الحياة السياسية. ولفت الى ان موقف واشنطن من النظام السوري لجهة عدم اسقاطه لا يعني"اننا مبدئياً مع هذا النظام الديكتاتوري، بمقدار ما اننا نقف ضد هذه الفكرة، أما اذا قرر النظام السوري غداً تغيير علاقاته مع المجتمع الدولي واستبدال ادارته الداخلية لسورية، فهذا لا يعني ان هناك صفقة اميركية - سورية ومن يعتقد بوجودها لا يكون فهم الموقف الاميركي على حقيقته". وأكد ان واشنطن تدعم تعزيز الديموقراطية في لبنان واستقلاله وسيادته،"ولا تناقض بين التمسك بهذه الثوابت وبين الاستعداد السوري لتغيير سلوكه في الداخل والخارج". مؤكداً ان تغيير السلوك لا يعني عودة هذا النظام الى ممارساته في لبنان كما كانت قبل اغتيال الرئيس الحريري في 14 شباط فبراير الماضي. ورداً على الانطباع السائد على وجود صفقة اميركية ? سورية والناجم عن المداخلات التي حصلت لدى رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الحريري، القاضي الألماني ديتليف ميليس وأدت الى استبعاد ضباط سوريين من لائحة المستمع اليهم في فيينا، أجاب:"ان الضغط على سورية للتعاون مع ميليس لا يزال قائماً ولم يتراجع على الاطلاق، لكن علينا ان نتفهم اسباب الحرص الذي يبديه المجتمع الدولي للحفاظ على إجماع مجلس الامن على ضرورة كشف الحقيقة في جريمة الاغتيال". وأضاف:"ان المرونة على هذا الصعيد قد تكون ضرورية، لكن هذا بالطبع لا يعني ان هناك مرونة او غض نظر في موضوع معرفة الحقيقة ومتابعة التحقيق وتحديد من ارتكب الجريمة". وقال انه يعتبر ان النظام السوري متهم بالجريمة الى ان يثبت براءته، وان واشنطن لن تحيد عن سياستها في تعاونها مع ميليس، لكنّ لسورية حضوراً أمنياً خفياً في لبنان وأيضاً سياسياً، نظراً لأن هذه الدولة الاستخباراتية كانت تمارس سياسة القوة في لبنان على امتداد اكثر من ربع قرن وهذا أمر سلبي في"تراث"سورية في تعاطيها مع دولة شقيقة ومجاورة. واستغرب ما يتردد من تبريرات لبقاء النظام السوري وان المجتمع الدولي امام خيار بين استمرار هذا النظام من دون أي تعديل في سلوكه او ان يكون البديل حكم جماعة"الاخوان المسلمين"، ومثل هذا الخيار مرفوض كلياً من جانب الادارة الاميركية وأي تغيير يجب ان يكون باتجاه الافضل والأحسن. ولاحظ"ان ما شاهدناه في سورية هو وجود نظام علماني على المستوى الرسمي لحماية الاقليات، سرعان ما انحرف ليس بسبب اضطهاده الآخرين وانما لتحوله الى نظام اكثر"اسلامية"خصوصاً في السنوات العشر الاخيرة". وحول السبب الحقيقي للخلاف مع سورية قال الديبلوماسي الاميركي:"السبب الوحيد ليس الموقف السوري من اسرائيل وانما لشعور الادارة الاميركية بأن هذا النظام أخذ يتبدّل ولم يعد له الدور الايجابي في بعض المشكلات الاقليمية في المنطقة خلافاً لما كنا نراهن عليه". وأضاف:"مر لبنان في السنوات الماضية بفترات طويلة من عدم الاستقرار الداخلي وراهنّا في حينه على الدور السوري لاستعادة هذا الاستقرار على رغم ان الكثيرين في بلادنا ينظرون الى هذا النظام على انه"غير جميل"وانه قد يمارس نوعاً من الهيمنة الايجابية، الى ان اكتشفنا اخيراً ان هيمنته اصبحت سلبية على لبنان والمنطقة وانه اصبح العائق الاساس امام تقدم هذا البلد، وكل هذه المآخذ لا تعني اننا نريد سقوط النظام". ورأى الديبلوماسي ان الكرة الآن في المرمى السوري والباب مفتوح امام هذا النظام ليعيد النظر في سياساته وسلوكه الداخلي، مؤكداً ان واشنطن لا تطلب المستحيل من سورية وهي ترغب ان تشاهد قريباً سورية الديموقراطية ينبض قلبها بالحيوية وتحترم سيادة لبنان واستقلاله وليست البلد الميت. قال ان سورية الآن تحاول فرض هيمنة خفية سياسية وأمنية. وأضاف:"نعتبر ان"حزب الله"يرتبط كلياً بالنظام السوري وان المسؤولين السوريين كانوا يرددون ولا يزالون انه يعتبر احدى اقوى الاوراق التي يملكونها في لبنان". وأوضح ان"لا مشكلة لواشنطن مع"حزب الله"ككل، وان مشكلتها معه ترتبط فقط بالجزء"الارهابي"منه، وان هذا الحزب موجود كقوة سياسية في الحياة الداخلية ويشكل من وجهة نظر فريق من اللبنانيين آلة من الآلات للحصول على حقوق المستضعفين الشيعة في لبنان، لكن المشكلة في ممارسته للعنف والقوة اللذين نعتبرهما اساليب ارهابية". "حزب الله"والمطالب الشيعية ولفت الى انه ليس صحيحاً القول وكما يدعي اصدقاء"حزب الله"بأن الرفض الاميركي له، هو رفض للمطالب الشريفة والمشروعة للشيعة في لبنان او لمشاركة جزء منهم او لحزب معين في الحياة السياسية. واعتبر ان مشكلة واشنطن مع"حزب الله"هي ذاتها مع "حماس"وپ"الجهاد الاسلامي"في فلسطين او بعض التنظيمات الاسلامية من شيعية وسنّية في العراق. وأضاف:"اننا في واشنطن ضد الميليشيات في المطلق، ونحن لا مشكلة لدينا مع"حزب الله"اذا اراد حصر اهتمامه بالنشاط السياسي، فأهلاً وسهلاً به، حتى لو اننا نعارض أفكاره وهذا لا يمنعنا من الجلوس معه، شرط ألاّ يكون جزءاً من الارهاب. ولا اظن ان هناك من يرفض الحوار معه او الجلوس الى الطاولة نفسها التي هي المكان الوحيد لتبادل الآراء من موقع التباين، لكن توجهه الارهابي مرفوض". وأوضح الديبلوماسي الاميركي:"لا نستطيع الا ان نحترم موقف الحكومة اللبنانية وواقعيتها في تعاطيها مع"حزب الله"، لكن نحن لا نعيش في هذا الواقع، علماً اننا جاهزون لقبول فكرة"حزب الله"كحزب او قوة مدنية في الحياة السياسية اللبنانية تمارس حقوقها الشريفة لتحقيق مطالب الطائفة الشيعية، وان موقفنا من الارهاب يجب الاّ يفهم على انه موقف من هذه الطائفة". وأكد ان واشنطن ترفض فكرة قيام دولة داخل دولة وأن تعاطيها مع بعض الفصائل والاحزاب والتيارات السياسية في العراق دليل على ان لا موقف سلبياً من الشيعة. ورداً على سؤال قال انه يميز بين النظام السوري والشعب السوري وان"مشكلتنا لم تكن الا مع هذا النظام الذي كان وراء خسارة سورية نحو نصف قرن من التقدم". وعن الدور الخفي لسورية في لبنان من خلال القوى الحليفة لها قال ان لسورية تراثاً في لبنان يمتد الى اكثر من ربع قرن، وهو ناجم عن وجودها العسكري، لكن"كما علمتنا التجارب في دول أخرى فإن الناس يحبون الوقوف الى جانب القوي وان بعض هذه القوى لا بد من ان تعيد النظر في حساباتها وسياساتها مع ان الجميع كانوا يعرفون ان الوزراء والنواب كانوا يتهافتون على المسؤولين السوريين في دمشق من اجل ترتيب اوضاعهم وحماية مصالحهم". وعن الاسباب التي ما زالت تمنع واشنطن من الضغط على اسرائيل للانسحاب من مزارع شبعا، أجاب:"عندما نتحدث عن الصدقية الاميركية حول بعض الامور، أظن أن لا صدقية كبيرة للحكومة الاميركية بالنسبة الى مزارع شبعا، لكن هذه المزارع وبالصدفة تحولت الى موضوع مهم فور الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب، وفي حال حصول الانسحاب منها غداً، سنكتشف ان هناك من سيطالب بالجولان كجزء من لبنان، هذا هو منطق ممارسة القوة". وقال:"انا ومن موقعي الشخصي اوافق على الانسحاب الاسرائيلي من مزارع شبعا، خصوصاً ان النظام السوري عندما كنا نتحدث معه، كان يعتبرها ورقة بيده للضغط على المجتمع الدولي". ورداً على سؤال اكد ان واشنطن ضد تهميش الشيعة في لبنان، وقال:"كنا ننصح الادارة الاميركية بضرورة التقرب الى"الهزارة"، أي الشيعة في أفغانستان بدلاً من ان يندفع هؤلاء باتجاه ايران". واعترف الديبلوماسي الاميركي بتقصير حكومته في تعاطيها مع لبنان - في اشارة الى انها كانت اقرب الى وجهة النظر القائلة بتلزيم هذا البلد لسورية - لكنها لم تكن مرتاحة لذلك وإن كانت ارادت التسليم بسياسة الأمر الواقع، لكنها ما ان بلغت درجة اليأس من السياسة السورية، حتى سارعت الى اعادة النظر في اولوياتها. وأكد انه كانت هناك فرصة للتغيير في لبنان في الصيف الماضي، أي قبل اغتيال الحريري وبالذات عندما تم التمديد لرئيس الجمهورية اميل لحود بناء لرغبة سورية تتعارض مع المناخ اللبناني العام الذي لم يتوان عن التعبير عن رفضه لذلك، مشيراً الى ان الجريمة لعبت دوراً في تسريع وتيرة التغيير.