قال عدد من أساتذة الجامعات السعودية أن التسرب الكبير في الجامعات السعودية والتحول باتجاه القطاع الخاص أو بعض قطاعات الحكومة الأخرى، يعود في أساسه الى ضعف العائد المادي الذي يتلقاه أستاذ الجامعة والذي لا يكفي لإعالته وأولاده. وأكدوا أن انشغال الأساتذة بالعمل في قطاعات عدة بين تدريب وتدريس واستشارة سبب تشتت جهودهم وجعلهم غير قادرين على القيام بعملهم الجامعي كما يجب ومتابعة الطلاب في الدراسات العليا. ووصف عميد كلية اليمامة احمد العيسى ظاهرة الهجرة من الجامعات إلى القطاعات الخاصة أو الحكومية الأخرى بأنها"ظاهرة صحية في مجملها، فأستاذ الجامعة مؤهل حقيقة للعمل في أي قطاع نتيجة الخبرات التي امتلكها جراء كفاءته ومشاركته في التدريس وأعمال اللجان والخلفية العلمية والمشاركة في المنتديات والمؤتمرات العالمية، وإجراء البحوث وتقويمها واطلاعه العميق في مجال تخصصه، وبالتالي فان انتقال من هو بهذه الكفاءة هو أمر حتمي وصحي في الوقت نفسه. ولو نظرت إلى عدد الوزراء والمديرين الكبار في أي دولة لوجدت ان غالبيتهم قدموا من أروقة الجامعات". إلا أن العيسى يرى أن الظاهرة في المملكة تجاوزت الحد الطبيعي والمسموح به،"فللأسف اصبح هم عضو هيئة التدريس في الجامعة عند عودته من البعثة مباشرة هو التفكير في كيفية الخروج من الجامعة، حتى أصبحت ظاهرة الهجرة من الجامعات في المملكة من أعلى المعدلات، وهو ما يفقد عضو هيئة التدريس ارتباطه العلمي بالتخصص الذي انفق جزءاً كبيراً من عمره في دراسته، وبالتالي فخروج أستاذ الجامعة الجديد لن يفيد القطاع الذي يخرج إليه كثيراً لأنه ما زال في البداية ولم يكتسب بعد خبرات أو مهارات كافية". ويعزو العيسى سبب الهجرة أو التسرب من الجامعات إلى أسباب عدة منها العائد المادي الذي يعتبره عنصراً مهماً وان لم يكن السبب الوحيد، ومنها أن بيئة العمل داخل الجامعة نفسها مملة وروتينية وتعتمد كثيراً على البيروقراطية، على عكس ما نراه في الغرب. وطالب العيسى باستقلالية الجامعات السعودية لحل هذه المعضلة. فالجامعة الجيدة والمتميزة يجب أن تفرق عن الجامعة العادية. لذلك يجب استقلال الجامعات مالياً وترك الأمر لتقدير كل جامعة بحسب مواردها وقدرة إدارتها وأعضائها على تنمية وجلب هذه الموارد بحسب ما هو معمول به عالمياً. من جهته، رأى رئيس مركز الدراسات والتنمية الإدارية عبد الله البكر أن جملة أسباب تكمن وراء الضعف الملاحظ في أداء الأستاذ الجامعي، ولعل من أهمها مسألة الاختيار،"إذ لا يتم اختياره على أساس معايير منها مهارات الاتصال لديه وقدرته على توصيل المعلومة للطلاب". وقال إن بعض الأساتذة"ليس لديه اطلاع على نظريات التعليم وكيفية مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب وأساليب إدارة القاعة ومبادئ ترغيب الطلاب باكتساب المعرفة". والسبب الثالث، برأيه، هو"ضعف أداء الأستاذ الجامعي والرواتب التي لا تكفي لإعالة أسرهم، زيادة على تكاليف شراء المراجع ودفع مبالغ عضوية جمعيات مهنية. ولهذا السبب يعمد الكثير منهم إلى التعاون مع مراكز تدريب للحصول على دخل إضافي.