مؤيد موسى، الفلسطيني من طولكرم هو الضحية 26 في قائمة الإعدام بالدم البارد التي نفذها من يطلق عليه الاسرائيليون"الاسطورة"و"الصياد". هذا"الصياد"، وهو قناص من وحدة المستعربين في"حرس الحدود"التابع لجيش الاحتلال، تلقى ثاني أرقى وسام للشجاعة في الجيش والذي حصل عليه آخر جندي قبل 23 عاماً. رئيس الوزراء الاسرائيلي، ارييل شارون، هاتفه مباشرة بعد تنفيذ جريمة الاعدام قبل الاخيرة بحق الفلسطيني عصام دبابسي من يطا بالقرب الخليل. اثنى عليه واعطاه الدعم لمواصلة مهماته في قتل الفلسطينيين، والأصح إعدام الفلسطينيين من القائمة التي وضعتها اسرائيل للمطلوبين لها او من تطلق عليهم"الارهابيين"كوسيلة لتبرير إعدامهم. معظم الجرائم التي نفذها"الصياد"، كما رواها بنفسه، تؤكد انه كان بالإمكان اعتقال المطلوب من دون قتله. لكن الضغط على الزناد عندما يكون المستهدف فلسطينياً بات أسهل المهمات لدى الجنود الاسرائيليين حتى وإن كانت التعليمات هي ضبطه حياً لمصلحة التحقيق. وهذا ما حصل قبل ايام عندما اعدم"الصياد"، الفلسطيني مؤيد موسى من طولكرم. ونقول إعدام لأن التفاصيل التي ذكرها"الصياد"وهو يروي متباهياً لقادته تفاصيل الجريمة هي بمثابة لائحة اتهام. بموجب المعلومات لدى الاستخبارات الاسرائيلية فإن مؤيد موسى هو الذي نقل منفذ العملية الأخيرة في نتانيا. وهذا يكفي لتنفيذ الاعدام بحقه. ويروي"الصياد":"بعدما أُلقيت المهمة على عاتقي توجهت برفقة مقاتلين من الوحدة"عوكتس"مع كلبنا الذي نستخدمه لمثل هذه المهمات. خلال وقت قصير اغلقنا المكان الذي اختبأ فيه المطلوب ودعينا بمكبرات الصوت أهل البيت الى الخروج. فخرج الأب وابناه. فسألتهم اذا كان هناك أحد آخر في البيت، واذا كان موسى يختبئ هناك، فأجاب الثلاثة بالنفي. ولكن كان واضحاً لنا ان الثلاثة متوترون. فأرسلنا كلب الهجوم الى داخل البيت ليتنقل من غرفة الى غرفة في المبنى الكبير، وفي مرحلة معينة بدأ ينبح. فتأهبنا ولم تخطئ حواسنا. المطلوب في الداخل. دعونا موسى الى الخروج فلم يرد، عندها قررت الدخول مع المقاتلين والقبض عليه. والتعليمات، حسب توجيهات المخابرات، كانت احضار موسى حياً بهدف استكمال التحقيق وجمع المعلومات عن تنظيم"الجهاد الاسلامي"السري". ويتابع"الصياد":"تقدمنا. والقينا قنبلة صوتية ثم اطلقنا عيارات الردع، ومشطنا المبنى غرفة غرفة. وعندما اقتربنا من السطح ارسلنا الكلب للقيام بمهماته، فأشار لنا ان المخرب في الداخل. عندها تحركنا بسرعة لاعتقاله، ولكن موسى نفذ حركة مفاجئة، عندها قررنا القضاء عليه". هكذا. حركة مفاجئة كانت كافية للضغط على الزناد لقتل الفلسطيني."الصياد"يعترف بشكل واضح ان مؤيد موسى ليس فقط لم يقاوم بل لم يحاول ذلك. لم يذكر انه كان يحمل سلاحاً وجهه نحو"الصياد"ومرافقيه من الوحدة. باختصار لم يكن هناك أي خطر على حياة أي جندي اسرائيلي ومع هذا قُتِل مؤيد موسى. اعدم بدم بارد ليضاف الى 25 فلسطينياً اعدمهم"الصياد"الذي عاد هذه المرة ايضاً متفاخراً أمام قيادته بانتظار موعد الإعدام المقبل. وإذا كان في المرة التي سبقت هذه العملية، بعد اغتياله الدبابسي، تلقى مكالمة خاصة من ارييل شارون هنأه فيها على شجاعته ومن ثم منح أرقى الأوسمة، فإن إعدامه لمؤيد موسى يضاعف طموحاته لقتل المزيد والارتقاء الى مناصب أعلى في الجيش. وكيف لا وفي اسرائيل مفهوم الاغتيال واجب وطني حتى وإن كان الطرف الآخر لا يشكل أي خطر على الجندي. خلال انتفاضة الاقصى نفذت وحدة"الصياد"ألف عملية اغتيال واعتقال. وفي تلخيصها لعملها عن سنوات الانتفاضة، تباهى المسؤولون عن الوحدة التي أنشئت قبل 15 عاماً انها نفذت خلال السنوات الخمس الأخيرة ألف عملية في الأراضي الفلسطينية، وانه لم يقتل من افرادها إلا ثلاثة. وفي المقابل تأتي الاعترافات الواضحة من الجنود التي تشير الى بشاعة الجرائم. وفي هذا المجال تكفي الاشارة الى عدد من الجرائم التي نفذها"الصياد"والتي تدل بشكل قاطع الى أن المواجهات لم تكن بتبادل الرصاص من الطرفين. كشف"الصياد"، في أثناء كشفه عن تفاصيل العمليات التي نفذها، ان غالبيتها نفذت في ظروف وأساليب كان يمكن بها لوحدة الجيش اعتقال الفلسطيني من دون التسبب له بأي أذى. ولكن"الصياد"كان يصر على مواجهة الفلسطيني المستهدف وجهاً لوجه ومقاومته حتى القتل. وفي حديثه عن اغتيال كمال طوباسي 29 عاماً في شهر نيسان ابريل العام الماضي والذي قررت اسرائيل ملاحقته لمجرد معلومات استخباراتية وصلت اليها بأنه يخطط لتنفيذ عملية استشهادية في"يوم الاستقلال"لإلغاء الاحتفالات الاسرائيلية في هذا اليوم، قال:"وصلتنا معلومات عما يخطط له طوباسي ولمجرد وصول المعلومات الاستخباراتية تحول طوباسي الى مطلوب". ويتابع:"كان ذلك يوم السبت. دخلت مع بقية أفراد الوحدة نرتدي الزي الفلسطيني الى مخيم جنين للاجئين. وكانوا في غرفة العمليات في الجيش يعيشون حالة توتر قصوى. فالعملية التي سنقوم بها في غاية الخطورة. المطلوب معروف كواحد من المقاومين المهنيين، كما انه يقظ ويشك بكل شخص غير معروف لديه جيداً، بل كل من يقترب منه. وكلما توغلنا أكثر في المخيم كانت تأتينا المعلومات ان مسلحين فلسطينيين يدخلون المكان بشكل متواصل. من جهتنا واصلنا السير باتجاه بيت طوباسي، وفي لحظة وصولنا الى المكان وصلت سيارة ترجل منها عدد من الفلسطينيين المسلحين. لم يشك أحد اننا من المستعربين. فنزلت أنا وجندي آخر، وما هي إلا دقائق حتى وصلت سيارة ثانية وقفت بمحاذاة بيت طوباسي. نزل منها"الهدف". كان طوباسي يرتدي ملابس عسكرية وعلى كتفه"كلاشنيكوف". نظر الينا وهو الآخر لم يكشف حقيقتنا. كنا نبعد عنه عشرين متراً فقط. لم نتحرك ولم نقم بأية حركة مشبوهة. وما ان أبعد نظره عنا حتى لحقنا به وبدأت باطلاق الرصاص عليه. لم يتمكن من دخول السيارة بسرعة. حاول الهرب لكنني واصلت اطلاق الرصاص. فقتلت شخصاً في السيارة، فيما تمكن هو من الاختباء خلف محرك السيارة، وأخذ يطلق الرصاص. قررت ان اجازف، فتوجهت الى خلف السيارة ثم اقتربت من محركها، وإذ بنا وجهاً لوجه. قررت قتله. طوال الوقت كنت أشاهده في الصورة، وهذه أول مرة أشاهده وجهاً لوجه، فقررت عدم تفويت الفرصة وقتله وهكذا حصل". وفي روايته حول اغتيال عصام دبابسي، قال"الصياد":"بعد ان تأكدنا من المعلومات الاستخباراتية ان عصام دبابسي موجود في بيته، كانت تلك فرصة مناسبة لتنفيذ الاعتقال أو الاغتيال. وتقرر ان أصل مع اثنين آخرين من الوحدة المستعربين. تقمصنا شخصية الشبان الفلسطينيين وحال وصولنا الى بيت دبابسي كان العديد من ابناء الحي يحيطون بساحة البيت لمراقبة ما يفعله دبابسي من حفريات في المكان. اقتربت من الساحة وانخرطت بين جمهرة الحاضرين ، فيما كان دبابسي يراقب بيقظة المنطقة ليلحظ دخول أي غريب. وحال مشاهدتي شك في الأمر، فنزل عن جرافته بحذر من دون أن يزيح نظره عني، لكنني كنت أسرع منه بردة فعلي. ومن دون ان يشعر أي شخص في المكان ان هناك شيئاً غريباً يحدث، أطلقت رصاصة واحدة من مسدسي باتجاه رأسه انهت المهمة. فوقع دبابسي في الحفرة". لم يكتف"الصياد"، حسب أقواله، بالقتل فاقترب لاختطاف جثة دبابسي، ولما حاول أحد الأقارب منعه ردّ عليه المستعرب باطلاق الرصاص فأصابه. حاول نجل دبابسي منع اختطاف جثة ابيه من دون ان يحمل بندقية او مسدساً، فرد عليه الجندي بسلاحه ليصيبه اصابات عدة ثم خطف الجثة وعاد بها الى وحدته منتصراً. عاد منتصراً وعاش نشوة النصر ولحقتها نشوة ثانية وقد تلحقها ثالثة ورابعة ولكن لن يبقى"الصياد"تلك الاسطورة لأنه سينضم الى الآلاف من"أبطال"الجيش الذين سرعان ما تحولوا بعد"انتصاراتهم الوطنية"مرضى نفسيين، وربما مجانين، يعالجون في مستشفيات الأمراض العقلية. وستضاف اعترافاته بتنفيذ 26 جريمة اغتيال الى جرائم جيشه التي تدرج ضمن جرائم الحرب.