اتجهت الأنظار من جديد إلى العاصمة الداغستانية محج قلعة أمس، بعد معركة عنيفة وقعت في مركز المدينة. وذكرت تقارير أمنية أن مجموعة من المتطرفين هاجمت قافلة تابعة للأمن الداخلي قبل أن يتحصن عدد من أفرادها داخل مبنى سكني طوقته الوحدات الأمنية. وقال ناطق باسم الشرطة إن تبادلاً كثيفاً لإطلاق النار أسفر عن مقتل اثنين من أفراد المجموعة المحاصرة واعتقال ثالث. لكن عدداً لم يحدد من المحاصرين تمكن من الفرار بعد فتح ثغرة في الحصار المفروض. وفي الجانب الحكومي، قال المصدر إن شخصاً واحداً قتل وجرح أربعة آخرون خلال المواجهات. وأثار تدهور الوضع الأمني في داغستان قلقاً واسعاً في موسكو، بعدما تحولت الجمهورية إلى مركزنشاط أساسي للإرهابيين في منطقة شمال القوقاز، إذ لم يعد يمر يوم من دون الإعلان عن هجمات دموية يشنها متطرفون. وأخفقت القوات الروسية في تعزيز الوضع الأمني على رغم زجها أعداداً كبيرة من عناصر الوحدات الخاصة وتنفيذ عمليات تمشيط واسعة. ووصف سياسيون داغستانيون الموقف في الجمهورية بأنه"حال حرب مفتوحة". وذكرت تقارير إن المدن الداغستانية شهدت نحو 70 اعتداء دموياً منذ مطلع العام الجاري، إضافة إلى عمليات اغتيال غدت شبه يومية واستهدفت نواباً في البرلمان المحلي وسياسيين داغستانيين وصحافيين وناشطين في المجالات المختلفة. واللافت أن التصعيد المتواصل في الجمهورية تزامن مع الإعلان عن ظهور تشكيلات عسكرية مختلفة يحمل غالبها أسماء إسلامية مثل"الشريعة"و"الجنة". وقدرت مصادر أمنية تعداد المقاتلين المتطرفين في الجمهورية بنحو ألفي شخص. ويعد هذا الرقم مخيفاً بالنسبة إلى المنطقة، خصوصاً إذا قورن بأعداد المقاتلين في الشيشان المجاورة الذي يقدر بحسب التقديرات الرسمية بين 1700 و2000 مقاتل. ويعد حزب"الشريعة"الذي يطلق المتطرفون عليه اسم الحزب الإسلامي الداغستاني أكبر التنظيمات الإرهابية العاملة في داغستان، وأعلن عن تبنيه أكثر العمليات دموية داخل الجمهورية وفي مناطق روسية أخرى. كما تشير المصادر الروسية إلى وجود"عشرات المجموعات المسلحة الصغيرة"التي زادت نشاطها خلال الفترة الأخيرة وتربط الأجهزة الأمنية بين الاعتداءات في الجمهورية، وتعتبر أنها"تنظم وتدار من جانب مركز واحد". وكان زاغيد فاريسوف، وهو أحد السياسيين البارزين الذين لقوا مصرعهم أخيراً في داغستان، اعتبر في آخر تصريح له قبل اغتياله أن الجهات التي تقف وراء تصعيد الموقف هي"قوى إرهابية خارجية وبعض فصائل المعارضة الداخلية وجزء من المقاتلين الشيشان، إضافة إلى أطراف لها مصلحة في المركز الفيديرالي". باسايف يهدد في غضون ذلك، جدد الزعيم الشيشاني المتطرف شامل باسايف تهديده بشن اعتداءات دموية جديدة في موسكو. ونقل موقع"صوت القوقاز"القريب إلى الانفصاليين عن باسايف تعليقاً حول ترشيح موسكو لتنظيم دورة الألعاب الأولمبية عام 2012، اعتبر فيه باسايف أن روسيا"ربما لا تكون موجودة على الخريطة في ذلك الوقت"، وأعرب عن اعتقاده بأن"العالم كله سيكون مشغولاً بقضايا أخطر بكثير من الرياضة"، ووصف باسايف موسكو بأنها"منطقة عمليات عسكرية مشروعة بالنسبة إلى مجاهدي الشيشان"وقال إن مقاتليه"ضربوا العاصمة الروسية أكثر من مرة، وسيضربونها مجدداً بقوة أكبر".