يتوجّه اليوم نحو 1.2 مليون ناخب سعودي منذ ساعات الصباح الأولى لاختيار نصف أعضاء مجالسهم البلدية الجديدة، في آخر عملية اقتراع من نوعها في تاريخ السعودية، إذ ستكون المرأة حاضرة في الانتخابات المقبلة. وسيختار الناخبون مرشحيهم من بين 5323 مرشحاً يتنافسون على 816 مقعداً، هي نصف مقاعد 285 مجلساً بلدياً. ورغم أن المعركة الانتخابية في الفترة التي سبقت الاقتراع ب11 يوماً لم تشهد «وطيساً»، بل عزوفاً واضحاً من المرشحين أنفسهم، إذ لم يتخذ كثير منهم مقرات لحملاتهم الانتخابية، واكتفوا بالجلوس في مكاتبهم وبيوتهم، فيما استبدل بعضهم مباني المقرات ب«حملات» و«صفحات» على البريد الإلكتروني وموقعي «فايسبوك» و«تويتر»، وغيرهما من مواقع التواصل الاجتماعي. وبعد أن كادت الانتخابات البلدية الثانية تمر من دون ضجة تذكر، وسط اعتراضات كبيرة من حقوقيين وناشطين، بعد تجربة أولى وصفت ب«المحبطة»، لعدم امتلاك تلك المجالس صلاحيات تنفيذية ورقابية، جاء قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الأحد الماضي الذي أعطى حق الترشح والتصويت للمرأة السعودية، ليعيد الانتخابات إلى واجهة الأحداث المحلية، رغم أن القرار استبعد المرأة من المشاركة في الدورة الحالية، واعتبار مشاركتها في الدورة الثالثة. ولم تفصح الجهات المختصة عن عدد من يحق لهم الاقتراع، ولم يقيدوا أسماءهم في سجلات الناخبين، واستبعدت لجنة الانتخابات المتوفين المسجلين من الدورة الأولى. وارتفع عدد المجالس البلدية في السعودية في الدورة الثانية إلى 285، تضم 1634 مقعداً، مقارنة ب1212 مقعداً في انتخابات 2005 الماضية، وكان قرار صدر في نيسان (أبريل) الماضي بإجرائها في أيار (مايو)، قبل أن يتم تأجيلها إلى أيلول (سبتمبر). وتستمر عملية الاقتراع مدة 9 ساعات تبدأ من الثامنة صباحاً وحتى الخامسة عصراً، سيستقبل خلالها 752 مركزاً للاقتراع المصوتين. وودّع السعوديون عصر الولائم والأمسيات الانتخابية، إذ غاب الإنفاق عن الحملات الانتخابية بشكل لافت، في ما عزا مرشحون ذلك إلى أن شريحة كبيرة من المتنافسين على المقاعد البلدية من الطبقة المتوسطة، على عكس ما حدث في التجربة الأولى التي شهدت إنفاقاً مدهشاً، وتنافساً بين مشاهير وشخصيات «نافذة». لكن أكثر ما كان لافتاً في الدورة الثانية من الانتخابات، ظهور الشباب كمنافسين رئيسيين، باستخدام التقنية، وشعارات على غرار «جاء دور الشباب»، وكان ملاحظاً ارتفاع معدل أعمار المرشحين في الانتخابات الماضية. ولم تستبعد لجان الانتخابات بعد إعلان القوائم النهائية في 17 الشهر عدداً يذكر من المرشحين، وسط تأكيدها المتكرر على تعاملها «المتسامح»، وعلى محاولتها الحفاظ على مبدأ «الفرص المتكافئة» بين المرشحين. ومنعت لوائح الانتخابات الجديدة استخدام وسائل الإعلام والإعلان المرئية في الدعاية الانتخابية، كما حظرت أي نوع من التكتلات الأيديولوجية أو القبلية. وستكون الانتخابات الحالية الأخيرة من نوعها، بعد أن منحت المرأة السعودية حقوقاً سياسية، بدخول مجلس الشورى، وحق التصويت والترشح للمجالس الانتخابية، إذ من المتوقع أن تتضاعف أعداد الناخبين والمرشحين في الأعوام المقبلة، بفعل دخول العنصر النسائي في مجريات الحدث.