منذ عشر سنوات تعرض مواقع على الشبكة الإلكترونية مجموعة من البرامج المجانية المصممة لنقل الصوت عبر الإنترنت، التي تُعرف باسم هاتف الانترنت Internet-telephony ، والتي تمكّن من اجراء المكالمات الدولية عبر الشبكة. وتعتبر شركة"فروي وورلد دايل أب"الأميركية في طليعة من قدم تلك الخدمة. ولأن الصوت ينتقل عبر شبكة الإنترنت على هيئة رزم رقمية، ككل شيء آخر فيها، استُحدث نظام"فويس اوفر انترنت بروتوكول"Voice over Internet Protocol واختصاراً VoIP، الذي يعني"نقل الصوت بواسطة بروتوكول الإنترنت". ولم تُقر بعد المعايير الدولية لهذه التقنية، ولا مواصفاتها القياسية، في شكل نهائي. ولاقى هاتف الانترنت رواجاً مهماً. فقد مَكّن من الاتصال عبر الإنترنت من كومبيوتر إلى هاتف أو بالعكس، وكذلك بين هاتفين تقليديين، بواسطة الشبكة الالكترونية. صراع في تكنولوجيا الاتصالات وقدّرت شركة"أي دي سي"العالمية، المتخصصة في أسواق التكنولوجيا العالية، ان يستحوذ VoIP على 30 في المئة من إجمالي سوق المكالمات الدولية في العالم، مع نهاية العام الجاري، مما يُمثل زيادة مقدراها 10 في المئة عن العام 2002. كما بيّن استطلاع حديث لشركة"إي تي آند تي"الأميركية المتخصصة في الاتصالات، ان 43 شركة متعددة الجنسية ستستخدم التقنية الجديدة في الاتصالات الهاتفية مع حلول نهاية العام 2006. وتخطط الشركة نفسها لاستقطاب 30 مليون زبون بحلول العام 2010. ورصدت شركة"بريتش تليكوم"للاتصالات 20 بليون دولار لتطوير شبكتها لكي تتواءم مع VoIP بعد ان سبقها الكثير من الشركات الكبرى، مثل"كومكاست"و"سوفنت بانك"و"سيسكو سيستمز"، التي تستحوذ على 4.5 مليون مشترك راهناً. وتبدي معظم شركات الاتصالات في العالم اهتماماً بهذه التقنية الصاعدة. وفي اميركا، تزود شركة"فونيج"مثلاً، نحو 400 ألف زبون بتلك الخدمة لقاء 25 دولاراً في الشهر. ويحمل انتشار هاتف الانترنت مخاطر عدة على الهاتف التقليدي. ومثلاً، تفكر بعض شركات هاتف الانترنت بأن تتخلى عن رسوم التخابر، لتستقطب أعداداً أكبر من المستخدمين. وستكتفي بتحصيل رسوم على الخدمات الاضافية التي توفرها للمتخابرين، مثل تحميل الاغاني والموسيقى واشرطة الفيديو القصيرة وغيرها. ومثلاً، شرعت شركة"سكايب"البريطانية، التي تخدم 21 مليون زبون، في هذا الأمر. وفي المقابل، يساهم انتشار خطوط الإنترنت عريضة النطاق راهناً في الترويج لهواتف الانترنت. واستخدم 10 في المئة من اليابانيين هاتف الشبكة في مخابراتهم الهاتفية، بعد دخول الانترنت السريعة الى ثلثي منازلهم. ويتوقع ان تعتمد 40 في المئة من الشركات اليابانية على اتصالات الإنترنت خلال الثلاث سنوات المقبلة، وفق قسم البحوث في شركة"ميتسوبيشي". ممانعة عربية وتضع غالبية مؤسسات الاتصال العربية العربة أمام الحصان بحكم احتكارها خدمات ذلك القطاع، بما فيه الإنترنت. وتتجاهل 80 في المئة منها خدمة"الاتصال عبر بروتوكول الإنترنت"، وتنظر اليها باعتبارها عملاً غير مشروع، مما يضعها خارج الميل العام لسوق الاتصالات الدولية. وتلاحق تلك المؤسسات أي جهة تشتبه بپ"قرصنتها"للمكالمات عبر تقديمها خدمة VoIP للزبائن. وتصر على ضرورة حصر المكالمات، خصوصاً الدولية، في خطوطها. وتُعلل ذلك بأن يحقق عوائد مجزية لخزينة الدولة. ولم تستطع شركات الاتصال العربية ان تحد من خسائرها نتيجة منافسة الإنترنت لها في الاتصال. ومثلاً، اشار تقرير حكومي صدر أخيراً، الى ان خسائر شركة الاتصالات الأردنية بلغات 12 مليون دينار. واضطرت إلى استخدام سياسة الجزرة بدل سياسة العصا. وخفضت كلفة المكالمات الدولية. ولم يؤد ذلك الى خفض اهتمام الجمهور بهاتف الانترنت. وفي مثال آخر، خفضت مؤسسة الاتصالات السورية أخيراً، عدد المشتركين في خدمة VoIP، من 9 آلاف إلى 400 مشترك بزعم محاصرة ظاهرة"تهريب"المكالمات عبر الإنترنت والتي عمت جميع الأراضي السورية! ولم تفلح التعرفة الجديدة للاتصالات الدولية، والتي انخفضت 30 في المئة أخيراً، في ثني السوريين عن استخدام الإنترنت في الاتصالات الهاتفية الخارجية.