استقال زعيم حزب"بهارتيا جاناتا"الهندي المعارض لال كريشنا أدفاني من منصبه أمس، وذلك في اعقاب عودته من زيارة استمرت ستة أيام إلى إسلام آباد حيث أدلى بتصريحات مثيرة للجدل أشاد فيها بمؤسس باكستان محمد علي جناح. وفي وقت يعتقد كثيرون في الهند بأن الميول الاسلامية لمحمد علي جناح ساهمت في تقسيم البلاد عام 1947، حرص أدفاني خلال زيارته لباكستان على وصف الزعيم الراحل بأنه علماني سعى إلى إنشاء دولة يستطيع فيها أي مواطن ممارسة معتقداته الدينية بحرية كاملة، معتبراً بالتالي"أنه أحد الأشخاص القليلين الذين صنعوا التاريخ". وأيضاً، لم يتردد أدفاني الذي تزعم حزب"بهارتيا جاناتا"منذ خسارته انتخابات ولاية مهاراشترا الغربية في تشرين الأول اكتوبر الماضي، في إعلان أن اليوم الذي شهد تدمير مسجد بابري في مدينة أيودهيا الشمالية اعتبر"الأكثر تعاسة"في حياته. وشكل ذلك اعتذاراً ضمنياً من أدفاني، علماً أنه لا يزال يواجه احتمال الإدانة بتورطه في تدمير هذا المسجد عام 1992، كما أكد أن نشوء الهندوباكستان باعتبارهما دولتين مقسومتين وذات سيادة واستقلال"واقع لا يمكن تغييره في التاريخ". وأدى ذلك إلى نعت منظمة"فيسوا هيندو باريشيد"المتطرفة أدفاني ب"الخائن"، فيما أصرت جماعة"راستريا سوايام سيفاك سانغ"الهندوسية التي وفرت العقائد الايديولوجية لتأسيس غالبية الأحزاب الهندوسية، وفي مقدمها حزب"بهارتيا جاناتا"على وجوب سحب تصريحاته والاستقالة.أما حزب المؤتمر الحاكم فدعا أدفاني إلى توضيح مضمون تصريحاته"الساخرة والتي أحدثت صدمة كبيرة". إلا أن أدفاني أكد في رسالة الاستقالة التي بعثها إلى الأمين العام لحزب"بهارتيا جاناتا"سانجاي سوشي أن تصريحاته لم تتضمن أي أذى داخلي، وصبت في خانة تعزيز مبادرات الحكومة السابقة التي ترأسها الحزب نفسه، وأرست حوار السلام الدائر بين الجارتين النوويتين منذ مطلع عام 2004. واللافت أن رئيس الوزراء السابق آتال بيهاري فاجبايي الذي ينتمي إلى الحزب ذاته، دافع عن أدفاني. وذكّر بأن ساروجيني نايدو أحد كبار قادة حزب"المؤتمر"، أشار مرات عدة في السابق إلى الدور المهم الذي اضطلع به محمد علي جناح في تحرير الهند،"علماً أن تصريحات أدفاني لم تتجاوز هذا الإطار". ولعل فاجبايي عكس موقف حزب"بهارتيا جاناتا"الذي سعى إلى إقناع أدفاني بالتراجع عن الاستقالة، لكنه أكد أن اعتراض جماعة"راستريا سوايام سيفاك سانغ"على التصريحات أحرجه. من جهتهم، رأى محللون كثيرون أن تصريحات أدفاني شكلت محاولة أخيرة بذلها من أجل تحسين صورته السياسية وإظهار الاعتدال، ما فرض أيضاً تخليه عن الثياب التقليدية الخاصة بحزبه. يذكر أن تصريحات أدفاني الخاصة بمحمد علي جناح لم تلقَ اهتماماً كبيراً في باكستان، لكن محللين رأوا أن استقالته يمكن أن تمنح معارضي الهند في باكستان ذخائر جديدة في هجومهم على سياسة نيودلهي، وترسخ قناعتهم بانعدام فرص تخليهم عن تحفظهم في شأن التقسيم.