بعد شهور من المفاوضات المضنية، قرّر الشركاء في مشروع إنشاء المفاعل النووي الاختباري"ايتر"في موسكو أمس، بناء هذا المفاعل في فرنسا، وهو يمثل برنامجا طموحاً للبحث العلمي والاستراتيجي تبلغ كلفته عشرة بلايين يورو. ووقع الشركاء الستة في المشروع الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين واليابان والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية إعلاناً مشتركاً سيبنى بموجبه المفاعل في موقع كاداراش جنوبفرنسا. وأنهى اجتماع موسكو شهوراً من المنافسة الشديدة بين اليابان من جهة مدعومة من واشنطن وسيول، والاتحاد الأوروبي مدعوماً من موسكو وبكين لبناء هذا المفاعل الذي يوفر حلاً في موضوع الطاقة لقرون عدة. وسارع الرئيس الفرنسي جاك شيراك إلى الإشادة باختيار موقع"كاداراش"، وأعلن انه سيتفقده الخميس المقبل، كما شكر اليابان على تمهيد الطريق لحل وسط. واعتبر في بيان:"انه نجاح باهر لفرنسا ولأوروبا ولكل الشركاء في مشروع مفاعل الاندماج النووي التجريبي". وتقدم بالشكر إلى المفوضية الأوروبية وأعضاء آخرين في الاتحاد لتأييدهم فرنسا خلال المفاوضات. من جهته، أعرب وزير العلوم الياباني نارياكي ناكاياما عن رضى بلاده على رغم أن طوكيو سعت بإمكاناتها كلها وحتى اللحظة الأخيرة، إلى اختيار موقع"روكاشو-مورا"في شمال الأرخبيل الياباني. ردود أوروبية وعلق المفوض الأوروبي للبحث والعلوم جانيز بوتوتشنيك قائلاً:"دخلنا اليوم تاريخ التعاون العلمي الدولي". وأضاف:"بعدما توصلنا إلى تسوية حول الموقع، سنبذل جهودنا لإنجاز كامل اتفاقاتنا حول المشروع من أجل أن تبدأ ورشة البناء بسرعة". وقبيل توقيع الإعلان، قال رئيس الوكالة الفيديرالية الروسية للطاقة النووية الكسندر روميانتسيف:"انه مشروع علمي وتقني لافت يقوم به المجتمع الدولي وآن الأوان لإطلاق ورشة تنفيذه العملية". وثيقة ملحقة ووقعت وثيقة ملحقة بالاتفاق بين الاتحاد الأوروبي واليابان تنظم كيفية التمويل وتحدد التزامات كل طرف. وقالت مصادر قريبة من الملف إن طوكيو حصلت على تسوية لموضوع التمويل يؤمن بموجبها البلد المضيف 50 في المئة من كلفة بناء المفاعل نحو 4.2 بليون يورو في مقابل 10 في المئة توفرها الدول"غير المضيفة". لكن 20 في المئة من الموظفين التابعين للمشروع سيكونون يابانيين، كما ستحصل طوكيو على حصة مهمة من العقود الصناعية المرتبطة بورشة بناء المفاعل. وسيدعم الاتحاد الأوروبي ترشيح ياباني لمنصب المدير العام للمشروع، فضلاً عن قبوله بتمويل برنامج أبحاث يضاف إلى"ايتر"ويكون مقره في اليابان. وسيؤمن بناء المفاعل في فرنسا، وتحديداً في موقع"كاداراش"جنوب شرق البلاد، مزيداً من فرص العمل ويفتح آفاقاً جديدة في الأعوام ال30 المقبلة. ويرعى مشروع"ايتر"لعقود عدة برنامجاً دولياً للبحوث محوره الالتحام النووي المراقب، ويعد المشاركون فيه أنفسهم بالحصول على طاقة نظيفة وغير محدودة فيما يرى معارضوه أنه مجازفة تكنولوجية ذات كلفة ضخمة.