في خطوة تكمل عملية استملاك الشركاء السعوديين لثلاثة أرباع شركة الاتصالات"سيل سي"الجنوب أفريقية منحت"أكاسا"السلطة التنظيمية أمس مباركتها لبيع الطرف الأفريقي نسبة 15 في المئة لشركة"لانون سيكيوريتز"السعودية المسجلة في بناما للدكتور ناصر رشيد صاحب مكتب الرشيد للهندسة في الرياض. ومن شأن هذه الخطوة المهمة المحافظة على الامتيازات المنصوص عليها في الرخصة الممنوحة للشركات الأفريقية ذات الشريك المحلي كما لو كانت شركة وطنية بالكامل. كما أنها تؤمن للشركة 140 مليون دولار هي في حاجة ماسة إليها لتخفيف أعباء ديون التأسيس التي تقدر 625 مليون يورو. و"سيل سي"التي تأسست في 2001 مملوكة بنسبة 60 في المئة من قبل سعودي أوجيه. وهذا هو أهم وأكبر استثمار عربي في جنوب أفريقيا بقيمة إجمالية تتجاوز بليون دولار. ويعتبر ناجحاً بكافة المعايير نظراً لقصر المدة التي نفذ فيها، فضلاً عن أن المستثمر العربي استطاع تأمين عائد استثماري لا بأس به خلال فترة لا تتجاوز بضع سنوات. فأصبحت"سيل سي"أسرع شركات خدمة الهواتف النقالة نمواً في جنوب أفريقيا. وتجاوز عدد المستفيدين من خدمتها 2.5 مليون. وهي تأتي في الترتيب الثالث في السوق بعد فوداكوم و"ام تي ان". وفي اتصال من جوهانسبرغ قال محيي الدين غلاييني المدير المالي لشركة سيل سي قال لپ"الحياة"إن تقدم الشركة بعد نتائج الفصل الأول فاقت توقعاتها، والفضل يعود إلى النمو الاقتصادي القوي في جنوب أفريقيا فضلا عن قدرة الشركة على المنافسة في سوق تتسابق عليها الشركات. واستطاعت إحراز نجاح كبير في سوق خدمة الاتصالات الخلوية ببلوغ عدد المشتركين بموجب عقود ثابتة مستوى 550 ألفاً بحسب مصادر الصناعة في جوهانسبرغ. وتعتبر الاشتراكات بموجب عقود زبدة السوق. واستطاعت الشركة العربية الأفريقية تحقيق هذا الهدف الكبير خلال فترة وجيزة تقل عن ثلاثة أعوام من تأسيسها. كما استطاعت"سيل سي"تملك 20 في المئة من سوق الزبائن المرتبطين بعقود في السوق الأفريقية الجنوبية. وهي تستأثر 12 في المئة من إجمالي السوق في جنوب أفريقيا بعد تجاوز حاجز المليونين ونصف المليون مشترك. وتقف وراء هذا النجاح نوعية جديدة من المستثمرين العرب الذين خرجوا عن إطار الاستثمار في الأسواق التقليدية في الغرب أو الشرق الأوسط كما كانت عليه الحال عادة. وجنوب أفريقيا ليست مجرد دولة من دول أفريقيا المعهودة. فهي تتمتع ببنى أساسية راقية تنافس ما يعرف في الدول الأوروبية. وبالتالي فإن المنافسة فيها تقتضي خبرات لا تقل عن تلك المتاحة في لندن أو باريس. ثم ان هناك أمام المستثمر العربي القوانين التي تشترط على المستثمرين المشاركة الوطنية بنسب معينة لكي تمنح الشركة الأجنبية امتيازات الشركة المحلية. وترمي تلك القوانين إلى تشجيع دور الأفارقة في عجلة التنمية في مرحلة ما بعد نظام التمييز العنصري. وبتلبية الشروط اللازمة نالت سيل سي رخصة كشركة وطنية بكل ما لهذه الرخصة من امتيازات. وقد تم انشاؤها بمبادرة من"سعودي أوجيه"وبمشاركة الشريك الجنوب أفريقي هو"سيل ساف"في أواخر 2001، فيما بلغت حصة سيل ساف 04 في المئة. إلا أنها لم تتمكن من تسديد جميع المستحقات المتوجبة عليها بحسب عقد الشراكة. وانفقت سيل سي مئات ملايين الدولارات في مد البنى الأساسية ومحطات النقل الأرضية واللاسلكية. وعندما أرادت تعزيز قدراتها المالية في إطار توسيع نشاطها، وإعادة جدولة الديون التأسيسية قبل بضعة أشهر بإصدار سندات بقيمة 625 مليون يورو في أوروبا، فوجئت بأزمة في سوق السندات العالمية في شكل عام. وكانت الأزمة ناجمة عن خفض مركزي جنرال موتورز وفورد الائتماني لتصبح سنداتهما مندون قيمة. وكانت سندات هاتين الشركتين العملاقتين من الأكثر تداولاً في الأسواق المالية في أوروبا والولايات المتحدة، بحيث ترك خفض المركز أثراً سلبياً على شهية المصارف والصناديق على الاكتتاب في الاصدارات الجديدة، وذلك بغضّ النظر عن أدائها أو نجاح نموذج عملها. الأمر الذي أدى في نيسان أبريل الماضي إلى تأجيل الإصدار. بدورها طرحت"سيل ساف"الشريك الوطني الأفريقي قسماً من حصتها للبيع بعد الفشل في تأمين المستحقات المالية اللازمة من اكتتابها التأسيسي الأول. ولم يتقدم أي مستثمر محلي بعرض للشراء، ففازت بالعرض شركة لانون سيكيوريتز البنامية - السعودية لشراء الحصة البالغة 15 في المئة من أصل 40 في المئة بقيمة 140 مليون دولار، وفازت بالصفقة. وبقي لسيل ساف نسبة 25 في المئة منها.