هل جربت العيش في الكهوف؟ لعلك رأيت ذلك كثيراً في اشرطة الرسوم المتحركة"فلنستونز"، او في الافلام، فهل خطر لك ان تعيش هذه التجربة؟ ربما كانت أكثر اثارة من تسلق الجبال والققز بالحبال Bing Jumping والمخيمات الصيفية والشواطئ المليئة بالاجساد الناعمة والسابحة وغيرها. راهناً، يخوض بعض شباب بريطانيا هذه التجربة، بفضل الكومبيوتر، وبالتحديد بفضل التطور في تقنيات"الحقيقة الافتراضية"Virtual Reality التي يبدو انها ترفع شعاراً"سرياً"يقول:"اذا لم تأتك الحقيقة بما تحلم به، فدع الكومبيوتر نفسه يعيش احلامك"! وتحت هذا الشعار، الذي يمزج الحلم مع العلم، تمكن الاختصاصي وليام هاروين، من جامعة"ردينغ"في جنوب انكلترا، من تطوير أول مجموعة آلات موسيقية تعمل باللمس، بطريقة الحقيقة الافتراضية، اطلق عليها اسم"كايف" CAVE ، ومعناها"الكهف". وتتألف من آلات مثل الدرامز والغيتار. ويمكن عزفها بتحريك اليد على صورتها المجسمة ذات الابعاد الثلاثية، التي ترسمها"الحقيقة الافتراضية"بواسطة الكومبيوتر. وبعبارة أخرى، فان المراقب ل"العازف"لن يرى سوى انسان يلبس نظارة سميكة، وقفاز بلاستيك يخرج منه سلك يتصل بالكومبيوتر. وترسم النظارة امام عينه صورة مجسمة للآلات التي يعزف عليها. وكلما"لمسها"افتراضياً، خرجت منها انواع الموسيقى. ويمكن ان تتطور الأمور الى ما لا تحمد عقباه. وتنقل الممارسة الافتراضية من لمس الأوتار الموسيقية الى ملامسة"خيالات"اكثر عذوبة ودفئاً... والشكر للكومبيوتر والمجد للتكنولوجيا واحلامها وافتراضياتها. وعلى سبيل الازعاج، يمكن القول إن تقنية"الحقيقة الافتراضية"تشهد توسعاً مضطرداً، يذكّر بالتوسع الذي شهده الكومبيوتر نفسه. وفي ماض غير بعيد، انطلق الحاسوب من المراكز المتخصصة والاكاديميات العالية المستوى، ليصبح جهازاً تتداوله أيدي الناس في كل مكان من العالم. وفي المقابل، شهد الكومبيوتر تطوراً هائلاً في قدراته. يكفي القول إنه لو اردنا صناعة كومبيوتر المكتب العادي بالاسلوب الذي صنع فيه اول كومبيوتر رقمي، لاقتضى الأمر تجميع آلات تكفي لملء مساحة قرية صغيرة! وفي مسار مشابه من التطور، تسير تقنيات "الحقيقة الافتراضية". والمعروف انها تركز على تحويل العمليات الحسابية المعقدة الى اشياء تؤثر على احد الحواس، مثل تحويل البيانات الاحصائية المعقدة الى صور مجسمة، او وضع صيغ تصنيع مركبات الفضاء المعقدة على شكل رسوم تفاعلية وغيرها. ومنذ فترة، يركز تقنيو "الحقيقة الافتراضية" على تحويل المعطيات الرقمية الى اشياء "محسوسة"، بصورة حرفية. هل يمكن تحويل الاحصاءات، على سبيل المثال، الى اشارات الكترونية، تتلقاها اليد؟ ويُطلق تعبير"هابتيك" Haptic على العلم الذي يحول معطيات الكومبيوتر الى اشارات حسيّة. وفي المقابل، يمكن تشغيل الكومبيوتر وما يتصل به من أجهزة وادوات، بواسطة اللمس والهمس والغمز...