سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
العربية الأولى التي تدخل "الأكاديمية الفرنسية" من باب الأدب والنضال . آسيا جبار الروائية الجزائرية أعادت كتابة القرن العشرين "مؤنثاً" في لغة فرنسية مخضّبة بدم القتلى
انها الشخصية العربية الاولى تدخل "الاكاديمية الفرنسية" التي تُسمى بپ"مؤسسة الخالدين" في فرنسا، وقد دخلتها كروائية جزائرية تكتب باللغة الفرنسية، "المضمخة بالدم" كما تعبر هي نفسها، دم شهداء حرب التحرير الجزائرية، الذين تعتبر نفسها"وارثة"لهم. انها آسيا جبار، الكاتبة الكبيرة التي ورد اسمها السنة الفائتة في لائحة المرشحين لجائزة نوبل وقد اختارتها"الاكاديمية الفرنسية"عضواً فيها بعدما حصدت 16 صوتاً في مقابل 11 صوتاً للكاتب الفرنسي دومنيك فرنانديز. وهذا المنصب كان رشح له في الدورة السابقة الكاتب اللبناني أمين معلوف، لكنّ الاصوات لم تسعفه للفوز به. على ان فوز آسيا جبار يملك بعداً آخر، فهذه الروائية التي ابدعت في اللغة الفرنسية لم تتخل يوماً عن قضيتها الجزائرية التي هي قضية المواطنين والنساء، قضية التحرر والاستقلال، قضية الثقافة واللغة والانتماء. وقد حملت روايتها الاخيرة عنواناً مثيراً هو:"اختفاء اللغة الفرنسية"وفي هذه الرواية لا تتوانى عن رثاء لغة الاستعمار، التي كانت لغة ابيها المثقف الجزائري مثلما اصبحت لغتها هي التي تجسد في نظرها"الغربة"و"الكينونة"في وقت واحد. وكلما تحدثت آسيا عن هذه المعاناة تتذكر قول الأديب الجزائري الكبير محمد ديب:"غربتي لغتي". الا ان هذا الاحساس الداخلي بپ"الغربة اللغوية لم يحل دون قيام علاقة"رحمية"بينها وبين الفرنسية، التي احبتها واعتنقتها وأبدعت فيها أيّما ابداع، ودرّستها في الجزائروفرنسا وحتى في الولاياتالمتحدة الاميركية. في التاسعة والستين من عمرها، شهرتها اخترقت حدود العالم المغاربي وأوروبا، وأعمالها الروائية نقلت الى نحو 15 لغة، ومنها العربية، لغتها الأم، التي اصرت على ان تترجم اليها كتبها، ناهيك بالأمازيغية لغة امها البربرية الجذور. ولعل صدور روايتها الاولى"الظمأ"في العام 1975 وكان لها من العمر احدى وعشرون سنة جعلها تنتمي الى الجيل الروائي المخضرم الذي ضم: كاتب ياسين ومحمد ديب ورشيد بوجدرة وسواهم. لكن ما ميّزها عن هؤلاء مضيّها في مشروعها الروائي الخاص القائم اساساً على"اعادة كتابة القرن العشرين كتابة مؤنثة"كما تعبر. ولكن لا يمكن إغفال وحدة الموضوعات -الموضوعات الجزائرية - التي جمعتها بأولئك الروائيين الرواد. وعندما تستخدم مفردة"التأنيث"او"المؤنث"في أدب آسيا جبار فهي لا تعني ان هذا الادب ذو نزعة"نسوية"تهدف الى مواجهة النزعة"الذكورية"التي تسم"أدب الرجال"، بل على العكس، ان أدب آسيا جبار هو أدب قائم بذاته ولا علاقة له بپ"الجنسانية"وحتى وإن طغت هموم المرأة الجزائرية عليه. فالمرأة تحضر هنا كانسان وكائن، وكضحية اجتماعية جلادها الرجل والسلطة والمجتمع... والرجل بدوره يحضر كانسان وان كان متسلطاً، وسلطته لا تقتصر على المرأة زوجة او ابنة وانما على بيئته ومجتمعه. ونضال آسيا جبار في سبيل تحرير المرأة الجزائرية والمغاربية والعربية هو نضال انساني يوازيه نضالها من اجل السلام والعدالة والحق. وكان فوزها في العام 2002 بجائزة"السلام"التي تمنحها المانيا خلال معرض فرانكفورت تكريماً للأدباء الكبار، تتويجاً لمسيرتها الابداعية وپ"النضالية"، واعترافاً بموقعها في حركة الأدب العالمي. وليست هذه الجائزة هي الوحيدة التي حازتها آسيا، فالجوائز العالمية التي نالتها كثيرة، ناهيك بحفلات التكريم التي اقيمت لها في دول عدة مثل كندا وايطاليا والولاياتالمتحدة والنمسا وبلجيكا... الا ان اللافت هو حضورها الطفيف عربياً، فأعمالها المترجمة الى العربية لم توزع خارج الجزائر وبعض الدول"المغاربية"، مع ان اثرها في الروائيين والقاصين الفرنكوفونيين الجدد واضح جداً. ولعل هذا ما جعلها تبتعد قليلاً من المعترك العربي فيما استطاع كاتب مثل الطاهر بن جلون ان يحضر عربياً من خلال اعماله المعربة. ولعل حياة آسيا جبار الاكاديمية والجامعية جعلتها تبتعد قليلاً من الاعلام العربي فوقعت في حالٍ من العزلة عربياً على رغم شهرتها العالمية. آسيا جبار التي ولدت في مدينة شرشال القريبة من العاصمة عام 1936 كانت تحمل اسماً آخر هو فاطمة زهرة ولم تبدله الا عندما اصدرت روايتها الاولى بالفرنسية"الظمأ"عام 1957 في باريس، لكنها لم تختر اسماً اجنبياً كما يفعل بعضهم، بل اصرت على اسم عربي آخر تختبئ خلفه خوفاً من الفشل في عملها الاول، ولا سيما ازاء ابيها. وهي لم تنس يوماً انها درست القرآن الكريم في الكتّاب البلدي مع الاطفال وقد عادت لاحقاً الى دراسة اللغة العربية وقواعدها لتحافظ على علاقتها بعالمها الاول. وعندما صدرت رواية"الظمأ"شبهها بعض النقاد برواية"صباح الخير ايها الحزن"للكاتبة الفرنسية فرانسواز ساغان، نظراً الى جرأة هذه الرواية التي تنتمي الى مرحلة البدايات مثلها مثل روايتها الثانية"نافدو الصبر"التي صدرت في باريس ايضاً عام 1958. وهاتان الروايتان تميزتا بطابعهما الاجتماعي وبرغبة المؤلفة في ابراز"الذات"وجعلها في مهب"لعبة الحياة". وقد دارتا في الاجواء الاولى للحرب الجزائرية التي ستهيمن لاحقاً على بعض رواياتها. واذا كانت رواية"الظمأ"اشبه بالاحتجاج على المعاملة السيئة للمرأة انطلاقاً من تحريف بعض المقولات الدينية، فإن الرواية الثانية"نافدو الصبر"تتناول مفهوم النضال من اجل الاستقلال من خلال بطلة شابة تدعى"دليلة"تحاول التحرر من ربقة السلطة الذكورية ومواجهة"الاحباط"الذي يسود عائلتها والمجتمع. ومن الشائع ان آسيا جبار كانت الجزائرية الاولى التي التحقت بجامعة"سيفر"الفرنسية، وكانت الجزائرية الاولى ايضاً في العمل المسرحي والسينمائي وكانت الاستاذة الجامعية الاولى التي تدرّس التاريخ والأدب في الجزائر والمغرب... ومنذ بداياتها عرفت في كونها الروائية الاولى التي تناضل ضد"الصمت المطبق للمرأة الجزائرية"مستخدمة"قوة الكتابة"في مواجهة"السكوت الخانق"الذي يرين على عالم المرأة. ولئن اختارت آسيا جبار ان تكون صوت النسوة الخاضعات لسلطة الرجال والتقاليد المتوارثة فهي سعت الى ان تكون مناضلة مثقفة وهادئة، سلاحها الكلمة المتجلية في اعمالها الروائية والمسرحية، وفي مقالاتها وأبحاثها. وفي الجزائر ما برح مواطنوها المثقفون يختلفون حولها: بعضهم يعتبرها رمزاً للحرية والحوار والانفتاح، وبعضهم يجد في اعمالها صفة"فضائحية"تبعاً لاصرارها على تحرير المرأة كإنسان اولاً ثم كأنثى. وكم كانت جريئة في مديح والدها الذي كان"حديثاً جداً"كما تقول، والذي ساعدها على التحرر باكراً فيما كانت الفتيات يعشن في انتظار الزواج، على حد تعبيرها. وهذه الروح دفعتها الى المشاركة للمرة الاولى في اضراب سياسي للطلبة الجزائريين المناضلين من اجل الاستقلال في باريس، فطردت من الجامعة التي التحقت بها عام 1955. ومنذ ذلك الحين ستكون آسيا من الناشطات سياسياً، وراحت خلال"حرب التحرير"تعمل في الصحافة وتحديداً في جريدة"المجاهد"الصادرة حينذاك عن"جبهة التحرير الوطنية"التي تكافح ضد الاستعمار. وواصلت عملها الصحافي طوال فترة في فرنسا والمغرب. في العام 1962 اصدرت آسيا رواية"أطفال العالم الجديد"في باريس وهي تدور حول نسوة جزائريات يجاهدن للحصول على حقوقهن، وتسعى"البطلة"الى الخروج من عزلتها لتشارك في نشاطات جماعية في هدف التغيير السياسي والاجتماعي. وفي روايتها الرابعة"القبرات الساذجة"1967 تتناول آسيا امور الحب والحرب والذاكرة والراهن. وفي هذه الرواية تبدو البطلة شابة ايضاً وثائرة على السلطة الابوية او"البطركية". هذه الروايات الاربع قد تشكل مرحلة اولى من مراحل آسيا جبار الروائية، لا لتقارب موضوعاتها او تيماتها فحسب، ولا لهيمنة رؤية شبه واحدة عليها وهي رؤية قائمة على مفهوم التحرر في معانيه المتعددة، وإنما ايضاً ? وأساساً ? لانقطاع الروائية عن الكتابة زهاء عشر سنوات بدءاً من مطلع السبعينات. وبدا هذا"الانقطاع"أقرب الى الصمت الذي راحت الكاتبة تعيد النظر خلاله في مفهوم الكتابة نفسها. تقول آسيا في هذا الصدد:"في سبيلي، ككاتبة اعتراني ذات يوم شك عميق ما لبث ان هزّني ودفعني الى الصمت فترة طويلة". لكنها خلال هذه الفترة لم تستسلم لليأس والاحباط، وإن ابتعدت من الكتابة الروائية، فهي انصرفت الى انجاز افلام توثيقية وحوارات، وجابت الجزائر بحثاً عن النسوة العاملات في القرى والمناطق النائية ولا سيما مناطق البربر ذات التقاليد الخاصة. وتقول آسيا:"استطعت ان اعود الى عشيرة أمي بعد اثني عشر عاماً من تحقيق الاستقلال". كانت هذه الفترة اذاً فترة العمل السينمائي والمسرحي من ثمّ. وهدفت من خلال الكاميرا ان تدخل عالم الناس الاميين، الناس الذين يعملون في الارض وبأيديهم. وهكذا حاز فيلمها الاول"نوبة نساء جبل شنوة"عام 1979 الجائزة الدولية في مهرجان البندقية. وفاز فيلمها الثاني"زردا أو أغاني النسيان"بجائزة افضل فيلم تاريخي في مهرجان برلين السينمائي عام 1982. والفيلم هذا اقرب الى السرد التوثيقي لمظاهر الحياة المغربية في النصف الاول من القرن العشرين. وخلال هذه الفترة ايضاً عملت آسيا في المسرح كتابة وإخراجاً، وشاركت المخرجة الفرنسية الكبيرة اريان نوشكين في عمل جماعي. ودرّست كذلك السينما والمسرح بعد عودتها الى جامعة الجزائر. عودة بعد... انقطاع في العام 1980 كسرت آسيا جبار صمتها وانقطاعها عن النشر والكتابة عائدة الى الواجهة عبر كتاب"نسوة مدينة الجزائر في مسكنهن"وهو مجموعة قصص ولوحات سردية. والعنوان كما الغلاف مأخوذ من عنوان لوحة للرسام الفرنسي الشهير دولا كروا. وبدت القصص هذه تحمل نفساً جديداً وپ"تجريبياً"سواء من ناحية الاسلوب السردي المرتكز على الحوار أم من ناحية اللغة التي تعتمد البعد الايقاعي والتناغم. ووظفت آسيا في هذه القصص تقنية"المونتاج"السينمائي بغية كسر البنية القصصية التقليدية. وبعد نحو أربع سنوات اصدرت آسيا روايتها"الحب والفانتازيا"التي ستفتتح بها"رباعية الجزائر". ويبدأ تاريخ الرواية في حزيران يونيو 1830، تاريخ غزو الاسطول الفرنسي للجزائر. وتليه عشرون سنة من المعارك تبرز خلالها صورة الأمير الجزائري الشهير عبدالقادر. ثم تعقب هذه السنوات مرحلة السيطرة الفرنسية على البلاد. غير ان هذه الفصول التاريخية تتداخل في مشاهد الطفولة الخاصة للراوية التي هي صورة اخرى للكاتبة، في احدى قرى الساحل. وحول"الراوية"يقوم عالم من النسوة"المحاصرات"والحالمات بلقاءات حب... في هذه الرواية تدمج آسيا ذكرياتها الطفولية في وقائع الماضي البعيد، وصور الاحتلال في مشاهد حرب التحرير. وقال الطاهر بن جلون في هذه الرواية:"هذا كتاب عن الحب. الحب الجسدي الانثوي هنا استطاع ان يفلت من قبضة الغازي. وقد كتبته روائية كبيرة في لغة رائعة". في هذه الرواية تجلى مشروع آسيا جبار في الغوص داخل اللغة الفرنسية كرمز من رموز الماضي الكولونيالي او الاستعماري القاتم. فاللغة التي كانت اداة تعبيرية اضحت هنا اداة للفضح والمواجهة. انها اللغة التي اصبحت شاهدة بعدما كانت شهيدة، او بعدما كانت ضحية"الآخر"الذي هو المستعمر. بل ان لغة"الآخر"باتت اللغة التي تدينه في عقر ذاكرته اللغوية ووجدانه اللغوي. تقول آسيا:"تبعاً للغة الفرنسية أُبعدت اللغتان العربية والبربرية عن المدارس وعن المناخ العام في الجزائر، وكان هدفي ان اشير الى الصمت المطبق للنسوة الجزائريات والى نفي اجسادهن، وهذه ظاهرة عادت مع عودة التقاليد الرجعية". اما الرواية الثانية من"الرباعية"فكانت"ظل السلطانة"وصدرت عام 1987 وتبعتها رواية"بعيداً من المدينة"1991 ثم رواية"وقائع صيف جزائري"1993. اما رواية"واسع هو السجن"التي صدرت في 1995 فحاولت ان تجمع بين حياة امرأة جزائرية مثقفة ذات نزعة حديثة هي ربما الوجه الآخر للمؤلفة ونساء"مغاربيات"برزن خلال التاريخ"المغاربي"العربي وحضارة قرطاج القديمة التي تركت صدى في الثقافة البربرية المعاصرة. وواصلت آسيا اصدار الرواية تلو الاخرى، غائصة في تاريخ الجزائر وأصولها وفي أعماق الشخصية الجزائرية، الانثوية والذكورية. وتقول:"يجب علي ان ارد على كل الاسئلة. انني اود على الاقل ان اعبر عن إلحاح هذه الاسئلة، وأقوم بذلك من اجلي ومن اجل بقية النسوة اللواتي أُجبرن على الرحيل لكي يتمكنّ من التنفس والعيش، ومن اجل النسوة الصامتات والمُهانات اللواتي يمتن مطفآت القلوب وواعيات ذلّهن. هذا ما دفعني الى كتابة"فانتازيا"وپ"ظل السلطانة"وبقية اجزاء"رباعية الجزائر". حينما سكنت كمهاجرة في احدى ضواحي باريس لم اكن اتخيل انني سأنشغل في الاعوام المقبلة بالتقلبات والجنون والعنف والقتل اليومي في بلادي، مثلما قرأنا في الصحف، مما شوه صورة بلادي. من هنا جاء هذا البحث المنفرد والعاجز في كتبي، وزادت اسئلتي حيرة". أصدرت آسيا جبار بدءاً من منتصف التسعينات روايات وكتباً عدة مثل:"الجزائر البيضاء"1996،"وهران، لغة ميتة"1996،"ليالي ستراسبورغ"1997،"هذه الاصوات التي تحاصرني"مقالات، 1999، امرأة بلا قبر"2002 وپ"اختفاء اللغة الفرنسية"2003. ولعل رواية"ليالي ستراسبورغ"التي يبدو عنوانها مثيراً ومختلفاً عن عناوين روايات آسيا جبار، هي رواية حب بامتياز. وشاءتها الكاتبة رداً غير مباشر على الحال المأسوية التي شهدتها الجزائر مع صعود التيار الظلامي. انها رواية حب متخيلة تقع في ستراسبورغ بين شابة جزائرية تدعى ثلجة، آتية من باريس، ورجل فرنسي أرمل اسمه فرانسوا يكبرها عشرين سنة. يعيش هذان العاشقان ليالي تسعاً من الحب وهما يعلمان كل العلم انهما سيفترقان في النهاية... تقول آسيا عن روايتها هذه:"لن تفاجأوا ان قلت انني كتبت هذه الرواية في 1997 في لويزيانا الولايات الاميركية عندما علمت هناك، وأنا بعيدة عن وطني، بالمجازر التي كانت ترتكب بحق اهالي القرى في وطني... وكان رد فعلي الاول على دموية الحاضر هو ان اكتب باسهاب عن ليالي الحب الخيالية تلك، في ستراسبورغ. وكانت خيالاتي تلك اشبه بالعلاج النفسي". واذا استعادت آسيا في روايتها"امرأة بلا قبر"شخصية زليخة، بطلة المقاومة الجزائرية بعد سنوات طويلة على رحيلها، في لعبة تجمع بين السرد والتخييل، فهي عمدت في روايتها الأجدّ"اختفاء اللغة الفرنسية"الى اختيار رجل بطلاً على خلاف كل رواياتها الحافلة بالنسوة ? البطلات. وهذه الرواية من اعمالها البديعة حقاً وتسرد قصة رجل جزائري يدعى"بيركان"يقرر ذات يوم انهاء حياته في باريس بعد خيبة عاطفية والعودة الى الجزائر. ولدى عودته يجد بلاداً اخرى لا تشبه بلاده السابقة. وعندما يدرك ان عائلته لم تبق موجودة يمضي في تذكر امه حليمة، المرأة الناعمة التي كانت ملاطفاتها له تعزيه ازاء عنف اخيه. يجد"بيركان"نفسه وحيداً و"سائحاً"يتعرّض للسرقة... وهكذا يبدأ في البحث عن وجوه انثوية كان يحبها، وينتهي خائباً ولكن كاتباً... لقد جعلت آسيا جبار من هذا"البطل"صورة لها ايضاً ولكن مع بعض التحريف. فالسيرة التي سيسردها هذا البطل تحمل الكثير من ملامح سيرتها الذاتية. لا ينتهي الكلام عن آسيا جبار، روائية وكاتبة ومثقفة ومناضلة، هذه الروائية المرشحة بقوة الى جائزة نوبل والتي دخلت"الاكاديمية الفرنسية"مسكونة بشجونها الجزائرية. وليت رواياتها المترجمة الى العربية تخرج من حصارها الجزائري وتروج عربياً، حاملة الى القراء العرب ابداع كاتبة كبيرة، استطاعت ان تتخطى الحدود الجغرافية واللغوية للعالم.