تعتبر مسيرة مصمم الأزياء سلسلة مترابطة، وأي خلل في حلقة من حلقاتها يؤدي الى ضعضعتها. وغالباً ما تكمن وراء التصاميم خطة لتنفيذ التطلعات التي يطمح اليها المصمم. نيكولا جبران مصمم ازياء لبناني، استطاع في وقت قصير أن يحفر اسمه بين كبار مصممي الازياء اللبنانيين والعرب، معتمداً على ثقافة الحضارات لتتحوّل عروض مجموعاته الى حدث منتظر. بعد انطلاقته في دبي، عاد جبران الى وطنه لبنان في عام 1999 بمجموعته الاولى تحت عنوان"العودة الى أصالة الأناقة وعودة الى الوطن الأم"، استطاع من خلالها تثبيت اسمه بين المصممين اللبنانيين الذين تميزوا في اعمالهم على صعيد عالمي. تأثر جبران بالثقافتين الهندية والاسبانية فانعكست في شكل واضح في تصاميمه، وركّز في مجموعته الثانية على اظهار خفايا الحضارة الهندية في تصاميمه التي راعت تفاصيل هذه الحضارة من خلال الاكسسوارات والمكياج، ليواكب في مجموعته الثالثة الحقبة الزمنية لانتقال الهنود الحمر الى اسبانيا، مستخدماً مراوح الريش الإسباني كجزء من الاكسسوار، الذي جاء مكملاً لأجواء الفرح التي اتسمت بها ملامح العرض. واحتل مساحة كبيرة من المجموعة. كما رافقت الحقائب اليدوية والسلال والأحزمة والقبعات الأزياء، لتضيف موادها من الكريستال والبلاستيك الملون بريقاً ولمعاناً على الأزياء المتلألئة. في مجموعته الرابعة التي عرضها في بيروت وتزامنت مع افتتاح دار ازيائه، تطرق جبران الى الحضارة الرومانية حيث قدم عرضه في شارع "الحمامات الرومانية"في وسط بيروت، ليكون اول مصمم ازياء ينزل بعارضاته الى الشارع مصوراً بعض رموز تلك الحضارة من الالوان والفاكهة كعناقيد العنب على فساتينه. وعاد من بعدها ليقدّم تحيّة وفاء وشكر إلى الإمارات العربيّة المتحدّة، عبر مجموعته"طيور السلام". حاول جبران من خلال المجموعة، تجسيد جدليّة الحريّة والسلام من خلال رمز الطائر الذي تعدّد في الشكل والنوع. جاء اللون الأبيض، رمز السلام الأبديّ، ركيزة أساسية لنسيج تصاميم هذه المجموعة المميّزة، وحاول أن يخلق تناقضاً جمالياً غريباً في محاولته الجمع ما بين رموز القوّة التي تمثّلها بعض الطيور، وبين عنصر الأنوثة الذي تتحلّى به امرأة جبران وملهمته. ولم يغفل في أيّ لحظة أن يحافظ على لمسة السحر والرومانسيّة المنسابة أناقةً، وروعةً، وترفاً... وحطّت الطيور على ابتكاراته، التي اتخذت من اجساد العارضات جذوعاً لها. فشكّلت طيور السلام الوديعة، والطيور الحزينة، والطيور الكاسرة... وغيرها من أنواع الطيور الأخرى رموزاً تخدم موضوع العرض. حافظ جبران في مجموعته الأخيرة على طريقته في الاستخدام غير المألوف للأقمشة. وطغت أقمشة الزبرلين، والجرسيه بأنواعه: الجرسيه الساتان، والجرسيه الموسلين على المجموعة. وطوّع جبران القماش في صناعة ريش بعض الطيور التي صوّرها وجسّدها من خلال ابتكاراته، ما يعكس مدى الجهد الذي يتطلّبه هذا النوع من التصاميم. كما برز في هذه المجموعة تطريز صور الطيور على الفساتين بطريقة لافتة، إضافةً إلى التطريز باللؤلؤ، وأحجار الكريستال الشواروفسكي الملوّنة. وحرص نيكولا جبران، على إطلاق مجموعة إكسسواراته الخاصّة المستوحاة من موضوع العرض، إضافةً إلى الأحذية وحقائب اليد التي تحمل توقيعه أيضاً، والتي تُمكّن السيّدة من الإفادة من مجموعاته في شكلٍ كبير. وجارى خطوط الموضة التي يطلقها في كلّ موسم. وبقيت عروس جبران حالمة، غريبة، وفريدة في الوقت عينه، مازجة الأنوثة والقوة في ما يحقّق حلم كلّ فتاة بأن تكون أميرةً في ليلتها.